التأريخ؛ لا يعني تراث الأمة وإفتخار اجيالها فحسب، ليُركن بعدها لقراءة الماضي، والتغني بأمجاده، بقدر ما يدعو الى كيفية التعامل الصحيح، في فصل الخطاب الحقيقي، لتشخيص وحلحلة الأزمات، وعلى الرغم من تطور الحياة، بشتى مرافقها ومفاصلها عبر الزمن، إلا أن التاريخ يُبدع في إعادة نفسه! وهذا ما لا يتنافى مع قاعدة (لكل حادثة حديث)، فهناك ما يدعونا للرجوع الى الماضي، وتاريخ الرسول والأئمة مثلاً، مع الاعتبار المطلق بأنهم تاريخ مضى، فيقال:”ولكم في رسول الله أسوة حسنة” وإن “حلال محمد حلال الى يوم القيامة، وحرام محمد حرام الى يوم القيامة” والأسوة و الحلال والحرام، لا يقتصر على الأمور الفقهية فقط، بل يتعدى الى شمولية العنوان لكل ما يصدر عن النبي “محمد” أو من يمثله.
على فرض المعارضين؛ وحد زعم المطبلين؛ برفض زيارة ولي العهد السعودي”محمد بن سلمان” الى العراق نجد التالي:
1- أن يُحاكم (رسول الله)، بتهمة التخابر والتآمر مع أعداء المسلمين! لأنه قَبِل الصُلح مع اليهود في المدينة ولثلاث مرات! بثمن الجزية وحقن دماء المسلمين، وهو على يقين بغدرهم، وتحريضهم ضد المسلمين فيما بعد!.
2- أن يُحاكم (رسول الله) بالعمالة، وتطبيع دولة اليهود في عاصمة المسلمين! وفي الدار الملاصق لداره، والتي يسكن فيها رجل يهودي! يبصق بوجه (رسول الله) كل يوم، ويحيك المؤامرات ضد المسلمين، وعندما يمرض يذهب الرسول لعيادته في داره! بفحوى الأسلام الذي يتأخى بالدين ويتناظر بالخلق، وما يدعو الى حقن دماء المسلمين،
3- أن يُحاكم (رسول الله)، بتهمة الخيانة العسكرية في واقعة الخندق! بعدما إستطاع المسلمين هزيمة اليهود في خيبر،وكانوا على قاب قوسين من ابادتهم بالمطلق، إلا ان “الرسول” صالحهم! على أن يخرجوا من الحصن، وتُسلم أسلحتهم وأموالهم للمسلمين، ويذهبوا أحرار على وجوهم بفحوى حق دماء المسلمين.
4- أن يُحاكم (رسول الله) بتهمة الإنحياز الى أبناء عمومته من جده، وتهريب آل (ابي سفيان) وآل (مروان)، الى دول الجوار! بعدما قتلوا من المسلمين ما قتلوا، ألا أن (الرسول)، وبعدما دخل مكة محرار فاتحاً قال لهم “إذهبوا فانتم الطلقاء” وأخرجهم من ديار مكة ليلا، بفحوى حقن دماء المسلمين!.
5- أن يُحاكم (رسول الله)، بتهمة التهاون والتضاعف عن إحقاق الحق! ولم يستعن بباقي الصحابة والمسلمين، في فضح موقفي (الخليفة الاول والثاني) من قضية الخلافة، بفحوى حقن دماء المسلمين.
6- أن يُحاكم (علي إبن أبي طالب)، بتهمة عدم الدفاع عن زوجته! وهي بضعة (رسول الله) وأمانته عنده، وكان يراها تُعصر وتُقتل بين الباب والحائط، ويفارق جنينها الحياة الى جنبها، وهي سيدة نساء العالمين على حد قول أبيها (رسول الله)، وبدعوى وفحوى حقن دماء المسلمين.
7- ان يُحاكم (علي إبن أبي طالب)، بتهمة المتاجرة بدماء جيوش المسلمين! في معركة (الجمل) وقبول الصلح مع (معاوية)! ، بعدما كان التابعي (مالك الاشتر) على مسافة خطوة فرس من قتل رأس الشرك (معاوية) ورأس الفتنة (عمر إبن العاص)، بفحوى ودعوى حقن دماء المسلمين
8- أن يُحاكم (علي إبن أبي طالب)، بتهمة التعاون مع أعداء المسلمين (الخوارج)! وانقاذ جيوشهم بفتح الآبار اليهم وإعطائهم الماء، في وقت قامت تلك الجيوش، بمنع الماء عن جيشه وأصحابه!.
9- أن يُحاكم (علي أبن آبي طالب)، بتهمة تعريض المسلمين للخطر والموت! بعد تهريب وإنقاذ حياة عدوهم “الزبير” وهو كان خارج لحربهم ، فيسمح له بالدخول الى عمق جيشه والخروج من الجانب الآخر، دون ان يمسه أحد! بفحوى حقن دماء المسلمين.
10- أن يُحاكم (علي إبن أبي طالب)، بتهمة التعمد في غلق قنوات أعلام المسلمين! في معركة “النهروان”، بعدما سمع الصحابي (عمار ابن ياسر) يذكر الخوارج بسوء فعلتهم فقال له )) :يا عمار؛ أني لأكره أن تكونوا شتامين لعانيين! فقال له عمار: وما نقول فيهم يا “أمير المؤمنين” فقال: قولوا (إخواننا – أنفسنا) بغوا علينا)). وأيضا بفحوى حقن دماء المسلمين.
11- أن يُحاكم (الحسن إبن علي) بتهمة خيانة الشيعة! وتسليمهم لـ”معاوية” بعد قبول الصلح معه، بفحوى ودعوى حقن دماء المسلمين.
12- أن يُحاكم (الحسين إبن علي)، بتهمة خيانة أصحابه! والذهاب للجلوس مع قاتلهم (عمر ابن سعد) ليلاً! والحديث معه بأن يسمح له بالرجوع لمدينة جده (رسول الله)،بفحوى حقن دماء المسلمين.
13- أن يُحاكم الأمام (علي إبن الحسين السجاد) بتهمة التخلي عن حقوق الشيعة، ورفض مطالبهم بأعطاء فتوى صريحة، تُدين فعل يزيد وتحرض على قتله، واخذ ثأر (الحسين) بالقصاص من قتلته، وأعتمد في ذلك على فتوى عمه الغير معصوم (محمد إبن الحنفية)، بفحوى حقن دماء المسلمين.
14- أن يُحاكم جميع الأئمة من ولد (الحسين) وبالتتابع! بتهمة السكوت والرضوخ للحكام صوريا وعلنا، وعدم النهوض بالشيعة، لطرد الخوارج والمارقين على الدين عن دفة الحكم، من (بني أمية وبني العباس)، بفحوى حقن دماء المسلمين.
15- أن يُحاكم الأمام (علي أبن موسى الرضا)، بتهمة ترك الشيعة! وقبول الانعزال عنهم،والذهاب للحياة في ترف قصر الخليفة(المآمون)، في بلاد فارس، مع قبول ولاية العهد، والامتيازات التي ترتبت على إثرها، بفحوى حقن دماء المسلمين.
من بعد هذا الإستعراض التأريخي البسيط، نوجه تساؤل الى (شيوخ الفتنة، وسياسيوا الصدفة، وعُباد الأهواء، والمطبلين من خلفهم) أما حان الوقت لنحقن بها دماء المسلمين؟! ونرجع بذلك الى فحوى ومباني فتوى (الرسول الأكرم)، الى متى تبقى تلك الابواق تتاجر بدمائنا وأشلاء اجسادنا؟ وهم بالمطلق محمين قابعين بمحمية ومظلة الخضراء المؤمنة بالصبات الكونكريتية، والمصفحات والحمايات، ويبقى الشعب المسكين ومن يطبل خلفهم ضحية تلك الشعارات المقيتة القاتلة، والتي لم تجني سوى الايتام والثكلى المفجوعون بأهليهم وذويهم.
وختاما اوجه رسالتي الى هولاء فأقول: نعم الإنتخابات على الأبواب، ومن حقكم أن تتنافسوا لكسب اصوات الجماهير، ولكن ليس على حساب دماءنا، لمن يرفض دخول (محمد بن سلمان) الى العراق، نحن نعلم انه من يقتلنا بالأمس، ولكن هل لنا ان نبقى ضحية دائماً؟! أليس لنا الحق أن نفعل ما فعله الرسول والأئمة من قبلنا؟! كفانا دماء تسيل، وكفاكم إختباء خلف حصونكم وحماياتكم ومصفحاتكم، وتعالوا معنا نحقن دماء أهلنا والمسلمين والعراقيين، تنافسوا في الإنتخابات على مبدأ شريف وطني، وأتركوا شعاراتكم الخداعة، التي لا تستهوي الا عقول البسطاء, والمغرر بهم, والمنتفعة مصالحهم, والمساكين, ممن تشترون بثمن بخس ودراهم معدودات.