عندما تغيب مفاهيم المواطنة عن ممارسات السلطة يحدث الانفصال الجزئي او الكلي بين الدولة والسلطة التي هي اداتها في تحقيق المساواة والعدالة بين المواطنين وفقا لمبدأ سيادة القانون .
هذا الانفصال كان كليا قبل عام ٢٠٠٣ وصار جزئيا لكن بشكل خطير ومتعاظم بعد التغيير ، رغم المحاولات الحثيثة التي مارستها القوى المدنية ، وفشلت فيها ، لتوحيد الاتجاهات بين ممارسات السلطة ووظيفة الدولة السامية .
السلطة بعد التغيير باتت أسيرة احزابها وقياداتها مستخدمة امكانات الدولة ومؤسساتها واجهزتها في خدمة مصالحها واستهداف خصومها المفترضين ، وقد كانت الانتخابات احد اسلحة احزاب السلطة النافذة في التمسك بالحكم واعادة تدوير نفسها .
دفعت هذه الممارسات الخطيرة ، والتي شهدت ذروتها بين الاعوام ٢٠٠٦ و ٢٠١٤ الى شراكة جميع القوى السياسية في السلطة ، في حكومات ماعرف بالشراكة الوطنية ، لحماية كياناتها وجماهيرها من تعسف السلطة وميليشيات احزابها المسلحة ، لذلك جاءت هذه الشراكات شكلية اكثر من كونها واقعية وبضغوط من قواعد الاحزاب الوطنية وكوادرها لامن قياداتها .
هذه المرحلة استثنائية وانتقالية ، فشراكة القوى الوطنية في الحكومة لم تمنعها من تبني دور المعارضة من داخل الحكومة ، وهو وضع شاذ في النظم الديمقراطية املاه الواقع لتجربة مضطربة .
الشراكة الشكلية لبعض القوى الوطنية في السلطة على خلفية المشهد آنفا لاتحملها مسؤولية الكوارث التي ارتكبتها جماعات الاسلام السياسي القابضة على السلطة والدولة وادواتهما .
تغير المعطيات الداخلية والاقليمية والدولية يعاظم مسؤولية الجماهير وقواها السياسية الوطنية في انتاج مشروع دولة المواطنة لكبح حالة جديدة من الانفصال بين السلطة والدولة قد تفرزها الانتخابات القادمة ، وذلك من خلال المشاركة الكثيفة والانحياز لمشروع العراق المدني .