19 ديسمبر، 2024 12:06 م

درع الكوارث والحاجة الى الحكمة

درع الكوارث والحاجة الى الحكمة

بعد الاحتلال الامريكي للعراق وانهيار النظام البعثي السابق  وتشكل النظام السياسي الجديد  وتنفذ الاغلبية الشيعية فيه وفق الدستور الجديد أعطى سلوك  الشيعة  بعد ان انيطت بهم رئاسة الوزارة في معظم السلطة التنفيذية تقريبا في النظام السياسي الجديد  اعطى السنة انطباعا ا ن الشيعة  جاءوا لينتقموا  وليس التخلص من نظام ديكتاتوري مستبد اضطهد كل مكونات الدولة العراقية  وبالاخص الاغلبية الشيعية والاكراد.وهذا  الانطباع تولد لدى المكون السني نتيجة عدم قدرة الشيعة على  التميز بين البعثي والسني فكلاهما عند معظم  السياسين الشيعة واحد فكل سني هو بعثي وكل بعثي هو سني( (Mutually Inclusive. والبعثي عند الشيعة هو مجرم في الحقبة الزمنية التي سبقت الاحتلال وهذه الصفة غيرقابلة للزوال او  للذوبان أوالتذويب ولا بد ان يجتث كل من انبطقت عليه هذه الشروط مهما حاول .

كما ان المكون السني غير معتاد وغير مستعد ان تنزع منه السلطة التنفيذية التي ظل يمارسها لعقود من الزمن ولذلك كانوا السنة ولازالوا يشعرون  بالظلم في ظل النظام الجديد  والذي يشيرون اليه  بنظام يعتمد كليا على   التهميش والاقصاء((Marginalization.والنعت الشيعي للسني  في ا لخطاب الشيعي اليومي(Daily Discourse)  ارهابي  وبعثي صدامي  ملطخة يديه بدماء العراقيين وليس فقط بعثي تمييزا له عن البعث  السوري. فتوسعت الهوة بين المكونين العربيين.

ومن فوائد انتفاضة1991 (Uprising)وفر العالم وخاصة الغرب الحماية ونوع من الاستقرار والاستقلال للاكراد في شمال العراق Safe Refuge))) واعطتهم  هذه  الحماية نوع من الثقة بالنفس استمرت لاكثر من عقد من الزمن. تم ذلك لعدم متانة الصداقة والقرب الطائفي  بين الاكراد ودول الجوار كما وفرت بشاعة عنف واضطهاد نظام صدام للاكراد  تعاطف عالمي وغربي على وجه الخصوص كما وفرت لهم الجغرافية الحماية من عرب الصحراء.  ولم يوفر هذا العالم الحماية والثقة للشيعة في جنوب البلاد وذلك لقربهم الطائفي من ايران  الشيعية ذات التوجهات الدينية المتطرفة المعادية للغر ب. ونتيجة لكل هذا قوي عود المكون الكردي على حساب المكونيين الاخرين الشيعي والسني مما ذيل المكون السني على مقياس القوة والتنفذ.

ويحاول كلا المكونين العربين كسب المكون الكردي حيث تستند جهود السنة على كون المكون الكرد سني الطائفة وتستند ايضا على تصدع  التحالف الاستراتيجي(Strategic Alliance) بين الكرد والشيعة  نتيجة سياسيات رئاسة مجلس الوزراء التي يرأسها الشيعة. اما منطلق الشيعة في كسب المكون الكردي هو كونهما الشريكين الاساسيين في مقارعة وازاحة  النظام البعثي الموالي للسنة والواقف في وجه  الخطر الايراني. ونتيجة لذلك يبقى المكون الكردي في وضع قوي ومؤثر في التوازن بين المكونات الرئيسة الثلاث.

كان بامكان الشيعة اذابة الصفة البعثية  وتذويب النزاعات الارهابية من السنة واعتبارهم واشعارهم  بانهم شركاء حقيقين في النظام السياسي وليس مطلوبين للعدالة وذلك  باتباع سياسة التسامح والعفو  والتأخي وفرزومحاسبة المجرمين السياسيين والغاء الاجتثاث((Debaathification. 

كما كان بامكان السنة الاعتراف علنا بمساويء النظام السابق والتبرؤ منه  وتحديد وتقديم  المسيئين الى العدالة واشعار الشيعة بانهم شركاء حقيقين  في النظام السياسي للدولة وتجريد الشيعة من الشعور بدوام حنين السنة بالعودة الى الماضي وخاصة عودة البعث واشعارهم بنسنيان الماضي والبدء من جديد  واعتبار البعث شيء من الماضي. .ولكن . عدم القيام بكل ذلك  يدل على عدم وجود حسن نية وانعدام الثقة بين المكونين (Distrust)

نعم هذه   الامور تبدو مثاليةIdealistic) ( في بلد معروف كالعراق لكن البلدان لاتخلو من قادة وحكماء  ولاتخلو   بالتاكيد من اغلبية واغلبية ناضجة تفكر ابعد من ارنبة الانف وتفكر في مستقبل  الاجيال القادمة  ولاتفكر في انهار من الدماء وايتام وارامل. تفكر في العيش بامان وسلامة وكرامة مثلما تعيش  غيرهم من الامم. ولكن يبدو هناك فسحة من الامل مادام هناك اطار سياسي ورجال وطنيون يكابدون في الزمن المتبقي

اما اذا استمر الوضع على حاله فتوقعوا الانفجار المتبوع بالصراع الدموي المدمر و المؤدي الى الاقتسام والتقسيم  وبعدها يمكن ان يرجح المراقب انطباق نظرية الدمينو  Domino Theory)) على بلدان الجوار.

أحدث المقالات

أحدث المقالات