31 يوليو، 2025 11:01 م

شيوع التيارات المتشددة بالشرق الأوسط .. مسؤولية سعودية إيرانية !

شيوع التيارات المتشددة بالشرق الأوسط .. مسؤولية سعودية إيرانية !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

في حواره الأخير إلى فضائية (بي. بي. سي)؛ اتهم ولى العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، إيران بالتوغل على المنطقة ونشر الإرهاب. وهو نفس الاتهام الذي توجهه إيران باستمرار إلى السعودية؛ وتعزو إيران شيوع التشدد المذهبي والإرهاب السياسي في المنطقة إلى المماراسات الدينية والسياسية السعودية.

شيوع وانتشار القراءة الوهابية للإسلام على أيدي السعودية وأميركا..

لكن أي الاتهامات صحيح ؟.. يقول “علي معموري”، الباحث الديني؛ بحسب فضائية (بي. بي. سي) الفارسية: “للسعودية بترويج القراءة الوهابية للإسلام، دور بارز في تأمين الهيكل النظري للتنظيمات المتشددة في المنطقة. والجزء الرئيس من التنظيمات الإرهابية التي ظهرت في العقود الأخيرة تستند بشكل رسمي إلى القراة الوهابية للإسلام وتنفذ نشاطاتها إنطلاقاً من إملاءات هذه القراءة”.

وتنتشر كلمات القيادات السلفية الوهابية البارزة؛ أمثال “ابن تيمية” و”ابن القيم” و”محمد بن عبدالوهاب”، بشكل كبير في تعاليم جماعات كـ (القاعدة) و(داعش). والمدارس الدينية المدعومة سعودياً في مختلف دول العالم؛ مثل باكستان، كانت تروج رسمياً للتشدد الإسلامي وتحفز على الإرهاب الإسلامي.

علاوة على ذلك، كانت الولايات المتحدة الأميركية والسعودية تدعمان بشكل رسمي “جماعة المجاهدين” في أفغانستان، التي كانت تقاتل في الثمانينيات ضد النظام المحسوب على الاتحاد السوفياتي. ثم استضافت هذه الجماعة فيما بعد (القاعدة)، وقائدها “أسامة بن لادن”، المقتول، وهيأت مجال ظهور (طالبان).

بالإضافة إلى الفتاوى العلنية والمتكررة لشيوخ الوهابية في السعودية؛ الذين يحتلون مناصب رسمية كالمفتي الرسمي للدولة، مثل “عبدالعزيز بن عبدالله بن باز”، (المتوفى 1999)، و”عبدالعزيز آل الشيخ”، الذي يعتبر بتكفيره الشيعة وبعض المذاهب الإسلامية الأخرى وإصدار أحكام عسيرة ضد الأقليات الدينية مثل المسيحيين واليهود، مصدراً مهماً وأساسياً في ترويج التطرف والعنف ضد الأقليات الإسلامية وغيرها بالمنطقة.

والتيار السلفي المتطرف في معظم الحالات يتغذى من خلال الشبكة الواسعة للمصادر المالية والمدارس الدينية السعودية خلال العقود الماضية. وفي هذا يقول متخصص في المواجهات الدينية بالشرق الأوسط: “تضرب كل هذه الجماعات، (الإرهابية)، بجذورها في شبكة من المدارس الدينية. والسعودية هى مصدر المال الرئيس لتلكم الجماعات. والحقيقة أن هذه الظاهرة التي نواجه جميعاً، (والقاعدة جزء منها)، تتصل بمشروع ديني ومالي سعودي واسع”.

وهذه السوابق الطويلة والواسعة في الدعم الفكري والمالي للتيارات الوهابية في العالم الإسلامي هو السبب الأساس وراء خطوات ولي العهد السعودي الأخيرة. هو يسعى عبر تقييد المؤسسات الدينية الوهابية في السعودية وإصدار قوانين جديدة على صعيد الحريات الدينية وتقييد دور السعودية في ترويج الأفكار المتشددة، إلى إضفاء وجه جديد للسعودية وتغيير سمعة المملكة السيئة في المحافل الإسلامية والغربية.

تصدير الثورة الإيرانية وممارسة الإرهاب تحت ظلالها..

في المقابل؛ للجمهورية الإيرانية سوابق طويلة في ترويج الأفكار والتيارات المتشددة في المنطقة. وبرز هدف “تصدير الثورة”، في أعقاب إنتصار الثورة الإيرانية، في شكل دعم رسمي للانتفاضات الثورية ضد الحكومات بالمنطقة، وكان لها دور مباشر في تشكيل تنظيمات ثورية بالسعودية والكويت ولبنان وغيرها، والمشاركة في تنفيذ عمليات إرهابية؛ مثل تفجير المقرات الحكومية، تفجير السفارة العراقية في لبنان عام 1981، وأسفر عن مصرع عشرات العراقيين واللبنانيين، أحد أبرز النماذج على هذا التوجه.

كذلك كان تفجير السفارة أحد النماذج الأولية للعمليات الانتحارية في المنطقة، والتي هي بحسب الإيديولوجية الإيرانية عمليات “إستشهادية”.

والآن تٌتهم الميليشيات الإيرانية في العراق وسوريا واليمن بتفيذ الكثير من العمليات الإرهابية. والعناصر “الحوثية” باليمن نموذج آخر على هذا التيار الذي حصل بشكل غير مشروع على السلطة في اليمن؛ ويطبق قيود دينية وسياسية على الشعب اليمني، ومنها إصدار أحكام إعدام ضد “الطائفة البهائية” في اليمن.

ودور الجمهورية الإيرانية في التغذية النظرية للتيارات المتشددة في المنطقة ليس بالقليل. فالإستفادة من المفاهيم الدينية في ترويج النزاعات السياسية؛ كـ”البراءة من المشركين وإلصاق التهم السياسية للفرق المذهبية مثل الصهيونية أو ماسونية البهائية، وتعميم المعارضة لإسرائيل باسم معادة اليهودية”، في خطاب الجمهورية الإيرانية ذو سوابق كبيرة. كذلك إبتداع مفاهيم مثل العمليات الإستشهادية وإصدار فتاوى القتل ضد الكٌتاب والمفكرين؛ وأبرزها فتوى إهدار دم “سلمان رشدي”، من أبرز المصادر الأساسية في تغذية التطرف بالمنطقة.

والحقيقة أن التيار المتشدد في المنطقة هو نتاج مشترك بين السعودية وإيران، إذ ساهم كلاً منهما بشكل مباشر في نشر الإرهاب إنطلاقاً من المنظور الديني والسياسي المختلف. وبالتالي فإن تغيير رؤية البلدين قد يترك آثاراً إيجابية مباشرة على توليد الصراع في المنطقة والحد من نشاطات التنظيمات الإرهابية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة