28 سبتمبر، 2024 8:18 م
Search
Close this search box.

تظاهرات الانبار..إعلاء لقيم التمدن والحضارة ورفضا لإنتهاك الكرامات

تظاهرات الانبار..إعلاء لقيم التمدن والحضارة ورفضا لإنتهاك الكرامات

شرائع الارض والسماء أقرت حق البشر في التعبير عما يختلج في دواخلهم من آمال وآلام، ومطالب يمكن تقديمها، لتكون الحكومات ومن هم على رأس قيادة كل دولة ، على بينة بها، ويتوجب عليها تنفيذ هذه المطالب، بالطريقة التي تحقق العدالة للجميع، دون أن تخسر أحدا.

وتظاهرات الانبار ومدن العراق التي تبعتها، واحدة من هذه الحالات المشروعة ، رغم ان ( البعض ) من قصيري النظر من وجه لها اتهامات، مختلفة، أو حاول السخرية منها، وهم على رأس الهرم القيادي في الدولة، الا أن الحقيقة التي يعرفها كل عراقي وطني  غيور على شعبه، ان مطالب هذه الحشود، متواضعة قياسا الى حجم معاناة العراقيين الدامية، ويمكن تنفيذها بسهولة، لو كانت هناك إرادة تتعاطف مع هذه المطالب، وتنظر الى تلك الحشود، على انهم عراقيون ، بسطاء، لاينازعون على سلطان أو كرسي جائر،وانما عرضوا مطالب يمكن تحقيقها، وليست تعجيزية، كما حاول البعض ان يصفها ، أو يحاول خلق الذرائع للتنصل من التزاماته تجاهها.

وتظاهرات الانبار وقفة احتجاجية، سلمية وذات طابع مدني، ورغم ان الاعلام العربي والدولي لم يولها الاهتمام الذي تستحقه، الا ان البعض من وسائل الاعلام الاخرى قد نقل جوانب واسعة من تلك التظاهرة او الاعتصام، ورأى العالم بأم عينه كيف يعبر العراقيون عن تطلعاتهم، وكيف هي معاناتهم، وما يثقل كواهلهم من مصاعب ووسائل تعامل غير مشروعة ، ربما تتعارض أغلبها مع أبسط مستلزمات حقوق الانسان، كون المطالب تتعلق بحقوق مدنية في حدها الادنى، وبعد ان وصلت الامور الى طريق مسدود.

الغريب ان مثقفين كبارا في الوسط الثقافي العراقي، لم يقفوا الوقفة التي تستحق، ولم يدعموا مظاهر التظاهرات السلمية وطابعها الذي يؤكد على مطالب مشروعة، بعد أن يئس الالاف من العراقيين من تحقيقها على رغم بساطتها، الا انها اتخذت يافطات( طائفية ) وفسرت تفسيرات مختلفة، الكثير منها متعسفة، لانها جانبت الحقيقة ، ولم تقترب من مرارة الالم الذي عاشه ملايين العراقيين وكدر أحوالهم، وأحال نهارات الملايين منهم الى ليال موغلة في الظلام، فقد فيها الكثيرون كرامتهم، وانتهكت الاعراض، ومع هذا لم يقف الكثير من المثقفين وقفة انصاف، تضع هذا النشاط الانساني ضمن خانة التحضر ، ووفق نهج ديمقراطي كانوا هم من تغنوا ليل نهار، بأنهم من رواده ومريديه، واذا بمن يستخدم بعض مظاهر الديمقراطية وهو يتعرض لحملات ظالمة تحاول التشهير به او التقليل من شأنه، رغم ضخامة مأساة العراقيين، وما تعرضوا له من ظلم وإضطهاد وضياع الكثير من الحقوق لالاف الناس، كان الكثيرين منهم في أعلى سلم الدولة السابقة، ولم يسجل عليهم أحد موقف، يمكن ان يظهر منه شائبة على سلوكهم، ان لم يكون الكثيرين منهم عنوان فخر لكل فضيلة، وكانوا عناوين للمجد والتألق يفتخر بهم تأريخ العراق،على أنهم كانوا من أبنائه البررة المخلصين، ويعرفهم القاصي والداني ، على انهم أهل فكر وعطاء وغيرة على وطنهم وبلدهم، ولهم في سفر تأريخهم، ما يسجل علامات الفخر والثناء ، ما يعلي شأن كل طامع الى الخير والى العطاء الامثل، لتلك العقول المبدعة التي كانت تقدم كل ما لديها من امكانات، لكي يبقى الوطن كبيرا بعيون اهله، وبين أوساط محيطنا الاقليمي وفي أوساط المعمورة،

تظاهرات الانبار انتقالة نوعية للسلوك الشعبي العراقي، وهو يؤشر بوادر نهضة عراقية، يمكن انة تعيد حالة التوازن التي فقدت منذ سنوات، وتعاد الى العراق كرامته التي هدرت، وحقوقه التي ضاعت، ودمه الذي سفك بين القبائل، وأهل الانبار وكل محافظات العراق الأخرى التي تؤازرهم في هذه المحنة ، وهذه الوقفة، تمثل انطلاقة خير وبركة، ترفع آمال الملايين من الشباب العربي بوقفة اهل الأنبار وبشيوخها ورموزها وعلمائها ومفكريها الاجلاء وانسانها البسيط ، الذي لايرضى للظلم ولا للتجاوز على الحريات والكرامات أن يدوم ظلمها ، ما استوجب ان يكون أهل الانبار عنوانا  لتلك الفضيلة، وكان أهل الانبار، أصحاب النخوة والكرامة، أهلوها على كل حال.

أحدث المقالات