18 نوفمبر، 2024 2:51 ص
Search
Close this search box.

بصيرة الشعب والافاقة من الانتكاسة

بصيرة الشعب والافاقة من الانتكاسة

من يخلق  لهشاشة الواقع سبيل ليجعله تاريخاً يفوض فيه ارادة الشعب لارادته قسراً وبشكل نمطي يؤخذ من مسميات وتدرج الاحداث سلماً لمجده حيث توكئه على اكثر من عكاز ويفتخر ربانة سفينة العراق بقول (ان اختلاف أمتي رحمة) حقاً انها رحمة ولكن ترحم من وتدمي من وتقتل من , ان الشعب قد جبل على الاصغاء وتفويض ما يمكن تفويضه لشخوص تعتقد انها مقدسة وخلقت كي تكون مانعة وصادة لكل من يختلف مع ما يريده هذا المقدس او هذا النهج الفض. وما يجري وجرى لسنوات عشر خلت حيث توجوا هؤلاء الساسة ثقافة الانا والدكتاتورية وكأنهم اوصياء او رسل من الله متناسين انهم صناعة امريكية او ايرانية او تركية او سعودية والحمد لله هم اعرف بقدرهم.
ان مشكلة الدولة ان كانت هناك دولة لا يكمن في المنظومة الجمعية لعموم المجتمع بل يأتي في سياق الاجنة والموروث السلطوي والقمعي المتأصل في نفوس من اعتلى السلطة فهل هذا داء او مرض معدي مزمن وهذه الرؤية لم تكن مجرد استنباط او تحليل عبثي بقدر ما هو تعبير عن تجليات حقبة نصف قرن او اكثر من الصراعات والعداء السافر المعلن في الافق او المبطن تحت السرائر ولم يكن ذلك يمثل الواقع الذي يجب الاقرار به والنظر اليه كونه محتم ونابع من تواتر العلاقة بين الحاكم والفرد ويذهب البعض حين يسرد التاريخ مفترضاً ان ما يحدث ليس غريب اذ ان الشعب او العراقيين هم (شقاق ونفاق) وان صحت هذه الفرضية فليسقط كل ماجنسيته ويسعى في رحاب الله الواسعة تحت هذا القدر المقيت.
لا ليست هذه فرضية الا في خيال القدريين النائمين على قلادة او وسادة من الوهم الاحادي الوصف كون المعطيات والاستنتاجات تشير لعكس هذه التصورات الفجة ولكن لماذا لا تتشح الامة بوشاح الضمير او مناداة الخير لتعتلي قمة المدنية والتحضر والانسانية , نعم هناك خلل موضوعي بل هرمون متوحش لدى العراقيين لا يمكن والحالة هذه الحد من نشاطه وايقاف افرازاته العامة وسيقول من يريد ان يقول هذه نظرة تفاؤلية اذ ان هناك مخارج وسبل تستطيع النيل من شبح الموروث وشبح المقدس والاصلح ( يصبح الانساني السلطوي الموسوم يافطة التاريخ والتنظير ووفق كنتم خير امة اخرجت للناس ولعمري لم نكن حقاً خير امة اخرجت للناس).
خير امة اراد لها ناصر المظلومين ومبدد خطاب الكفر والتخلف باعث الامل بانتشال الامة من سباتها من هنا تنبعث جدلية او اشكالية النقص الكارزمي لهذه الامة او تحديداً لهذا الشعب. ولقد كان خطاب الاصرار على ديمومة السجال الوضعي او الخطاب العبثي المطرز بصفات المنحدر التاريخي الذي توج وجود وطن عريق بتاريخه لكنه سليب الارادة معتكف دوماً مع لغة الظلام لغة التأمل بالماضي وليس كل الماضي بل بمتاهات التخلف دون التوصل الى ان ما جرى ويجري انما هو تحصل ثورة انتقالية في العالم من مكنونات الماضي التي مرت بها الشعوب وعندما استيقظت رسمت خطى العلم والمعرفة وحياة التمدن فانتصرت للحاضر وجعلت موروثها متحفياً للتذكير والمقارنة ما بين لغة السيف والدرع ولغة البناء والرقي لغة الانترنت والاستنسال البشري وبناء منظومة جديدة لحياة جديدة وجعل هذا الخطاب فاصلة بين نقيضين احدهما سالب لا يتقبل وأخر موجب يشق عنان السماء بكل ما اوتي من علم ومعرفة.
 ورب قائل يساجلني بالقول من لا تاريخ له لا حاضر له بهذه العبارة السمجه يحاول كبت الحقيقة وسيرورتها الفعلية كون هذا السلاح يختزل العديد من المضادات التي تجنب المتنور من الخوض في غماره.
ولو امعنا النظر في محيطنا العراقي لعرفنا مدى ملازمة هذه المقولة وجعلها من النقاش المقارن والى اي درجة تتسلح به الرموز الدينية والعشائرية لا لحقيقة ايمانها به بل لان عوامل النهوض به يعتبر نافذة تساعد في هرم هذه الثنائية وتبدد احلامها السفيهة.
وها هي تجربة شعب لعشر سنوات لساسة ادعوا الجهبذة والفطنة وحسن القيادة مستلهمين للحاضر من الماضي بخطابهم المشترك الابعاد القومي والاثني والطائفي فمكثوا طيلة هذه الفترة متنكرين لعامل الزمن واختزاله بالتطور وتحولوا الى ذناب دمرت ما تبقى من اخلاقيات حقبة الستينات والخمسينيات القرن الماضي اذ تحولت العائلة الواحدة الى شراذم من المفككات الدينية والمذهبية لا تعرف ماذا يريد استاذ الجامعة المتنور ولا رجل الدين ولا السياسي , جامعات تُصدر التخلف متوشحة بالسواد في الجنوب واللحى والدشداشة القصيرة في الوسط والتعصب المقيت في الشمال وهم يسوقون الشعب البسيط الى غابة من الوهم وهم في حقيقة الامر غير منسلخين من اجناسهم بل وشاحهم ساسة متخلفين يأتمرون بمارد (امريكا) والصهيونية التي وجدت ضالتها بهذا البؤس الذي يصنع لهم الديمومة والاستقرار تحت هم النفط ليس الا.

أحدث المقالات