لا ريب أنّ هنالك أسباب ومسببات عدّة للأنهيار السياسي العربي وعلى الأصعدة كافة , لكنّه يمكن القول ومن زاويةٍ خاصّة أنّ انتهاء ادوار عمالقة الأدب والفن والصحافة في مصر ولبنان وسوريا والعراق ” على الأقل ” قد كان له تأثيره المباشر على الساحة العربية المضطربة وتفكّك المنظومة الوطنية والقومية في معظم اقطار الوطن العربي .
وكأمثلةٍ غير متسلسلة وهي عشوائية , فغياب الموسيقار محمد عبد الوهاب وكوكب الشرق أم كلثوم , ووفاة الكاتب الصحفي العالمي محمد حسنين هيكل , وقبله الصحفيان المصريان مصطفى امين واحمد أمين , ثمّ تقلّص دور مدرسة الرحابنة في لبنان , والأفتقاد لكتابات احمد شوقي ويوسف السباعي , والألحان الحزينة لفريد الأطرش , وكذلك قصائد السياب ونازك الملائكة التي لا تزال تترجم الى لغاتٍ اوربية , ولا ننسى هنا أشعار الشاعر الشهير نزار قباني ومعه كتاباته ومقالاته السياسية التي تناصر القضية الفلسطينية , وقبل وبعد كلّ قادة الرأي هؤلاء , فأفول نجم الرئيس جمال عبد الناصركان بداية إسدال الستار لطمسٍ مدروس على حقيقة القومية والهوية العربية .. كما إنّ محصلة نتاجات هؤلاء العمالقة وغيرهم ايضا مما لم نشر اليهم , قد كان لها تأثيراتها السيكولوجية والسوسيولوجية على العقل العربي وتوجيهه من زوايا متعددة , وكانت كجهاز مناعة يحول دون الإنحدار والإنحطاط العربي الذي هيمنت على ادارته وقيادته تنظيمات مشبوهة ومموّلة ترتدي عباءاتٍ بألوانٍ غامقة او داكنة لكنها شفّافة لم تعد تستر اللامستور .
أمة العرب هي الأمة الوحيدة التي ماضيها القريب افضلُ واروع من حاضرها القائم , كما ينبغي تسديد نبالٍ مخففة لطبقة الأنتلجنسيا العربية والتي هي مستهدفة وبأولوية من التظيمات والجماعات .!