27 نوفمبر، 2024 3:43 ص
Search
Close this search box.

اللاجئون .. قربان فوز “ميركل” بالولاية الرابعة !

اللاجئون .. قربان فوز “ميركل” بالولاية الرابعة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

لولاية رابعة؛ ويرجح أن تكون الأخيرة، صوت النواب الألمان، الأربعاء 14 آذار/مارس 2018، لإعادة انتخاب المستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”، والتي قد تكون الأكثر تحدياً، إذ إنها ترأس ائتلافاً هشاً.

وبهذه المراسم تنتهي عملية سعي طويلة لتشكيل أغلبية، والتي كانت تشكل أسوأ أزمة تشهدها “ميركل” في مسيرتها كمستشارة، المستمرة منذ 12 عاماً.

وقد أعاد النواب الألمان، الأربعاء، انتخاب “أنغيلا ميركل” مستشارة لولاية رابعة على رأس أكبر اقتصاد في أوروبا، تبدأها من موقع صعب بعد مداولات استمرت ستة أشهر لتأمين غالبية برلمانية.

وصوت 364 نائباً لصالح انتخاب “ميركل”، من أصل 688، أي أكثر بتسعة أصوات من الغالبية المطلوبة، لكن أقل بـ35 من غالبيتها النظرية من 399 نائباً من المحافظين والاشتراكيين الديمقراطيين، وامتنع تسعة نواب عن التصويت لـ”ميركل”؛ التي سيكلفها الرئيس الألماني، “فرانك فالتر شتاينماير”، لاحقاً رسمياً تشكيل الحكومة قبل أن تؤدي اليمين.

“ميركل” قالت “أقبل التصويت”، وقامت بتحية النواب في المجلس الذين صفقوا لها بحرارة، بحضور زوجها “يواكيم ساور”، ووالدتها “هيرلند كاسنر” (89 عاماً).

عودة التحالف القديم..

أفضت المفاوضات، في نهاية المطاف، إلى عودة التحالف المنتهية ولايته والمكروه بين المحافظين، (الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي)، والاشتراكيين الديمقراطيين، إلى السلطة. ولم يسبق أن احتاجت ألمانيا إلى هذا الوقت الطويل لتشكيل حكومة.

“ميركل”؛ ستقود أيضاً بلداً هزه الإنتعاش التاريخي لليمين القومي، ممثلاً بـ”حزب البديل من أجل ألمانيا”، الذي أصبح، بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة، أول حزب معارض في البلاد يمثله 92 نائباً.

وقد نجح هذا الحزب في الاستفادة من الذين خاب أملهم من المواقف الوسطية لـ”ميركل”، والذين شعروا بالإستياء من القرار الذي إتخذته في 2015، لاستقبال مئات الآلاف من طالبي اللجوء في ألمانيا.

قد تكون الولاية الأخيرة..

المراقبون يرون أن هذه ستكون الولاية الأخيرة لـ”ميركل”، (63 عاماً). كما يذهب بعض هؤلاء المراقبين إلى التكهن بإنتهاء ولايتها قبل الأوان، بعد المعارضة التي واجهتها داخل حزبها المحافظ. أما “الحزب الاشتراكي الديمقراطي” فقد قرر إجراء مراجعة مرحلية لأداء التحالف خلال 18 شهراً.

أحد المقربين من “ميركل”، طلب عدم كشف هويته، قال: أنه “من الممكن جداً ألا يصمد هذا التحالف أربع سنوات”.

لم تكن ثمرة زواج عاطفي..

في الوقت ذاته، اعترف وزير المالية المعين، “أولاف شولتس”، الذي يعد من أهم شخصيات “الحزب الاشتراكي الديمقراطي”، بأن هذه الحكومة لم تكن ثمرة “زواج عاطفي”. لكنه وعد بأن الحلفاء هم في “موقع العمل معاً والحكم بشكل مناسب”.

وتأمل أوروبا أن تبدأ أكبر قوة اقتصادية فيها العمل بسرعة. ويفترض أن تقوم “ميركل” في الواقع بطمأنة شركائها بشأن قدرتها على التحرك، بينما يهز “بريكسيت” وإنطواء بعض الدول الأعضاء على نفسها والشعبية المتزايدة للأحزاب المناهضة للنظام القائم، الاتحاد الأوروبي.

وعدت بعودة الصوت القوي لألمانيا..

يحتل، إصلاح الاتحاد الأوروبي، أولوية في برنامج عمل الحكومة الألمانية. وقد وعدت “ميركل”، التي يقف في وجهها وزير الخارجية الاشتراكي الديمقراطي، “هايكو ماس”، بالإسراع في أن تعيد لألمانيا “صوتها القوي” في أوروبا.

وستزور في الأيام المقبلة باريس لإجراء محادثات مع الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، بشأن اقتراحاته لإصلاح الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً إقرار ميزانية لـ”منطقة اليورو”، الأمر الذي تنظر إليه برلين بفتور.

وكانت “ميركل” قد قالت، الإثنين الماضي، قبل المجلس الأوروبي الذي سيعقد في 22 و23 آذار/مارس 2018، “بالتأكيد لن نتمكن من التحدث بتفاصيل كل جوانب منطقة اليورو للسنوات العشرين المقبلة، لكن يمكننا إضفاء بعض الوضوح على ما نعتبره المرحلة المقبلة”.

وفي ألمانيا، إنقلب الاستقرار المطمئن؛ الذي جسدته لفترة طويلة ابنة القس التي أصبحت مستشارة، ضدها. ويرى البعض أنها عرضت البلاد للخطر بفتحها أمام اللاجئين المسلمين، بينما يعتبر آخرون أنها تجسد الجمود في عالم متغير.

أعطت ضمانات  بتحديد سقف المهاجرين..

في مواجهة صعود “حزب البديل من أجل ألمانيا”، اضطرت “ميركل” إلى إعطاء ضمانات للجناح الأكثر يمينية في حزبها، واعدة بتحديد سقف لعدد المهاجرين الواصلين ومنح مكانة أكبر في الحكومة لمعارضها الرئيس في الاتحاد الديمقراطي المسيحي، “ينس شبان”.

لهذا قالت، بعد ساعات من أدائها اليمين الدستورية، أنها تؤيد وزير داخليتها الجديد، “هورست زيهوفر”، في هدفه الخاص بتسريع ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين، والمهاجرين الذين ليس لهم حق البقاء في ألمانيا.

وأضافت “ميركل” أن المواطنين ينتظرون، ومعهم الحق، ضرورة أن يتم ترحيل هؤلاء الناس الذين ليس لهم الحق في الإقامة في ألمانيا، إلى أوطانهم. وردت “ميركل” بالنفي على سؤال حول؛ ما إذا كانت أولويات سياسة اللجوء للحكومة ستتحول من الإندماج إلى الترحيل. وتابعت “ميركل”: أن ألمانيا “لا يمكنها القيام بواجباتها الإنسانية إذا تظاهرنا كأننا نستطيع أن نخدم هؤلاء الذين لا يتمتعون بوضع إقامة”.

وكان “هورست زيهوفر”، وزير الداخلية في الحكومة الألمانية الجديدة، وزعيم “الحزب المسيحي الاجتماعي”، (البافاري)، قد أعلن منذ أيام عن “خطة رئيسة لتسريع نظر إجراءات اللجوء، ومن ثم تسريع وتيرة ترحيل اللاجئين”. وفي تصريحات لصحيفة (بيلد آم زونتاغ) الألمانية، في عدد الأحد الماضي، قال السياسي المحافظ، إنه سيعمل من أجل ذلك بعد توليه مهام منصبه على الفور، مع كل العاملين والهيئات التابعة له.

وأكد “زيهوفر”، في المقابلة، على ضرورة “زيادة عدد الترحيلات بشكل ملحوظ، وعلينا التعامل بصورة أكثر صرامة، لاسيما بالنسبة لمرتكبي الجرائم والخطرين بين طالبي اللجوء”، مضيفاً إنه بشكل عام ليس هناك “تسامح حيال مرتكبي الجرائم، فنحن نرغب في أن نظل بلداً منفتحاً على العالم وليبرالياً، لكن عندما يتعلق الأمر بحماية المواطنين، فإننا بحاجة إلى دولة قوية، وسأعمل على ذلك”.

حكومة الناس العاديين وليس النخب..

أخيراً وعدت حكومة “ميركل” بأن تكون حكومة “الناس العاديين” وليس النخب، على حد تعبير وزير الداخلية، “هورست زيهوفر”.

وسيعني ذلك مواكبة السكان الذين فقدوا حس التوجه في ظل العولمة والاقتصاد الذي يسرعه القطاع الرقمي، وكلها قضايا يشغلها اليمين المتطرف في الغرب.

وقال “شولتس”: “عندما ننظر إلى انتخاب دونالد ترامب وبريكسيت ونجاح الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا (…) نرى كم هو ملح إيجاد ردود جديدة على تحديات القرن الحادي والعشرين”.

يجب أن تثبت قدرتها على إحياء أوروبا..

يقول المحلل السياسي، “جوزيف ياننغ”، من “المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية”: إنه “يتعين على ميركل، في ولايتها الجديد، إثبات أنها باستطاعتها إحياء أوروبا كفكرة”، مضيفاً أنها “جادة” في محاولتها.

السياسة الخارجية لن تشهد تغييراً كبيراً..

يعتقد المحلل السياسي اليمني المقيم في برلين، “علي العبسي”، أن السياسة الخارجية الألمانية لن تشهد تغيراً كبيراً في ولاية “ميركل” الجديدة، وذلك لسبب بسيط: “قطبا الائتلاف الحكومي اليوم، في ظل ولاية ميركل الرابعة، هما التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، أي كما كان عليه الحال في الولاية الثالثة”. ويضيف “العبسي” أن هذا الحكومة “ليست جديدة، وليست جديدة بالمطلق”.

لديها فرصة لتطوير الاتحاد الأوروبي مع “ماكرون”..

معتبراً أن “ميركل” لديها فرصة كبيرة لتطوير الاتحاد الأوروبي؛ بالتعاون مع الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، مبرراً “العبسي” رأيه بقوله: “أولاً؛ لأن ميركل نفسها تمتلك هذه الرؤية ولديها شريك قوي هي فرنسا. ثانياً؛ الشريك في الائتلاف الحكومي، الحزب الاشتراكي الديمقراطي، يمتلك تلك الرؤية، وإلى حد كبير يتبنى أطروحات ماكرون. على سبيل المثال فيما يخص وجود ميزانية موحدة للاتحاد الأوروبي”.

ويشير إلى أن ألمانيا ستستعيد حيوتها السابقة في المنطقة، مضيفاً أنه لن يطرأ “أي تغير” على السياسة الخارجية الألمانية تجاه العالم العربي.

“العبسي” يرى أن التغيير الوحيد؛ هو “طريقة التعبير عنها”، مضيفاً أن “وزير الخارجية الجديد، هايكو ماس، هو شخص أكثر هدوء بالمقارنة مع سلفه زيغمار غابرييل، الذي اتسمت بعض تصريحاته بالحدية وأثارت الكثير من الجدل”.

تتدخل في قضايا الشرق الأوسط بشكل دبلوماسي..

يلخص “العبسي” السياسة الخارجية لبرلين في الشرق الأوسط بأنها؛ تقوم على “عدم التدخل ومحاولة حل المشاكل بالطرق الدبلوماسية”. ويستشهد هنا بدور ألمانيا في الوساطة بين “حزب الله” و”إسرائيل” في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وفي الأزمة اليمنية، على الرغم من أن ذلك لا يظهر في الإعلام، على حد قوله.

موضحاً “العبسي” أن العالم العربي “يتقبل” الدور الألماني بشكل كبير. “بعكس الدول الكبرى الأخرى، ألمانيا لم تتدخل عسكرياً في المنطقة، وليس لها تاريخ استعماري، ولا مصالح ذاتية، ومن هنا تأتي «مصداقية وحياد» ألمانيا عندما تطرح نفسها كوسيط”. وفي ما يخص الملف السوري تحديداً، يعتقد “العبسي” أن الدور الألماني أكثر “تمايزاً” عن نظيريه الفرنسي والبريطاني وأقل “حدية”.

لا ترحب بعزل روسيا عن أوروبا..

كما يجزم المحلل السياسي اليمني، “علي العبسي”، أن “ألمانيا لا ترحب كثيراً بمسألة عزل روسيا عن أوروبا”، مردفاً أن سياستها تجاه روسيا ستكون أكثر نشاطاً وسعياً لحلحلة المشاكل العالقة؛ إذ أن مصالح عدة تجمع بين البلدين كالتعاون في مجال الغاز، لكن في نفس الوقت لا تقبل برلين سلوك موسكو في شرق أوروبا كأوكرانيا ودعمها للأنظمة الديكتاتورية كما في سوريا على سبيل المثال”.

وكان الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، قد هنأ المستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”، بإعادة انتخابها كمستشارة لفترة ولاية رابعة؛ وأعرب عن أمله في تعاون جيد بين كلا البلدين، مشدداً على أنه يتعين على موسكو وبرلين التعاون بشكل بناء في القضايا الدولية الحالية، وذلك بدون ذكر النزاع في شرق أوكرانيا بشكل مباشر.

ويشار إلى أن ألمانيا تقوم بدور مهم كوسيط في تنفيذ “خطة مينسك للسلام” في منطقة شرق أوكرانيا، التي تشهد نزاعات منذ أعوام بين قوات الحكومة الأوكرانية والإنفصاليين الموالين لروسيا.

“ميركل” والسياسة..

كانت “أنغيلا ميركل”، قد دخلت عالم السياسة عام 1989، بعد سقوط “جدار برلين”، الذي كان يفصل بين ألمانيا الغربية، التي ولدت فيها عام 1954، وألمانيا الشرقية التي نشأت فيها وقضت فيها كل حياتها إلى أن توحدت البلاد.

وارتقت في المسؤوليات السياسية لتصل إلى منصب زعيمة “الحزب الديمقراطي المسيحي”، ثم تصبح عام 2005، أول امرأة تتولى منصب المستشارة الألمانية.

وأعيد انتخابها لفترة ثانية عام 2009، ثم لفترة ثالثة عام 2013.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة