خاص – كتابات :
لكثرة الأحداث المتلاحقة والقرارات الإنفعالية السريعة التي وصفت بالدرامية في عهد الرجل، الذي لم يمكث سوى عام ونحو 3 أشهر في “البيت الأبيض”، كاد أغلب المحللين أن يصفونه بالرئيس المضطرب، بل ذهب أحدهم إلى تشبيهه بالرئيس الليبي الراحل غريب الأطوار، “معمر القذافي” !
“دونالد ترامب”؛ ذاك الرئيس الأميركي المثير للجدل.. بطل كالعادة لأحاديث النميمة الإعلامية أمام الشاشات وخلفها وعلى صفحات كبريات الصحف العالمية.. ها هو يتخذ قراراً مفاجئاً بإقالة وزير خارجيته !
تصدى لمصالح الروس !
فهل كل ذنب الرجل أنه حاول التصدي للنفوذ الروسي في إفريقيا.. أم كونه رفض لقاء وزير خارجية روسيا خلال زيارته لمقر الاتحاد الإفريقي بإثيوبيا.. أم لمعارضته الشديدة لفرض ضرائب على واردات الصلب والألومنيوم.. ذاك رأي يجري تداوله في الدوائر السياسية الأميركية ؟!
لعل التسريبات تتوقف..
قرارات “ترامب”.. متضاربة.. لكن الإطاحة بوزير خارجيته، “ريكس تليرسون”، ربما منحته فرصة لمحاولة السيطرة على التسريبات التي تلاحقه.. فقد نصحه مقربون منه بضرورة الإتيان بأحد ثعالب المخابرات الأميركية كي يجيد المناورة واللعب لصالح الملفات المعقدة التي تهم واشنطن حول العالم، خاصة الشرق الوسط، وليس أنسب من رئيس (C.I.A)؛ الذي عينه “ترامب” نفسه قبل نحو عام !
ومن ناحية أخرى ضمن الرجل الاستمرار في السيطرة على جهاز الاستخبارات الأميركي بتعيين، للمرة الأولى، سيدة على رأس هذا الجهاز؛ وهي نائبة من أتى وزيراً للخارجية !
وزير خارجية يشاركه تهوره..
هو وزير خارجية يتماشى مع عقلية ترامب “المتهورة”.. فهو يشاركه ذات الأفكار “العنصرية” التي ترفض تواجد الأقليات وتنظر بدونية مفرطة لمن ليسوا من أصول أميركية أو غربية، وربما هو من ألمح إلى أن “تليرسون” مسؤول عن تلك التسريبات التي تتناقلها الصحف الأميركية عن ما يدور في كواليس البيت الأبيض !
تبقى موافقة مجلس الشيوخ..
لكن على جانب آخر، يظل أمام “ترامب” إنتظار موافقة مجلس الشيوخ على تلك التغييرات، إذ من المنتظر أن يعقد المجلس جلسة للتصويت على ترشيح الرئيس الأميركي ترامب لـ”مايك بامبيو” ليصبح وزيراً للخارجية الأميركية، وهو أمر يرى آخرون أنه من المتوقع حدوثه، خاصة وأن اسم “بامبيو” ورد ذكره، قبل شهور، على أنه الرجل المحتمل للحصول على منصب وزير الخارجية !
إقالة عبر «تويتر» وحتى قبل أن يعود لأميركا..
لقد تعمد “ترامب” إهانة “ريكس تيلرسون” من خلال الإطاحة به عبر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر)، وليس كما هو متعارف عليه عبر “بيان رسمي” !
أهان الرجل وزير خارجيته بإقالته؛ وهو ليس موجوداً حتى بالولايات المتحدة، إذ كان في طريق العودة من مهمة خارجية بقارة إفريقيا لمحاولة إعادة النفوذ الأميركي بالقارة السمراء، بعدما أخطأ “ترامب” بحقهم ونعتهم بالـ”حقراء” !
عداء صريح للعرب والمسلمين !
“بامبيو”.. هو مدير الـ”سي. آي. إيه”؛ خلال عام حكم “ترامب”، وقبل ذلك كان عضواً في مجلس النواب الأميركي، ومن خلال تاريخه وسجله عبر التصويت في المجلس كانت له مواقف يمينية متشددة كثيرة تجاه العرب، وناحية المسلمين وقضايا أخرى كلها له طابع العنصرية !
لذلك فإنه، وكما أكد المحللون السياسيون في أميركا، أخيراً ستعزف سيمفونية واحدة متناغمة بين الرئيس ووزير خارجيته.. أصحاب فكر واحد وعقيدة واحدة لا يعنيها غير مصالح من يدعمونهم !
قرارات «ترامب» المتهورة أغضبت «تيلرسون»..
فيما ذهب آخرون، إلى القول بأن “تليرسون” رفض قرار “ترامب”، فرض رسوم جمركية على واردات الصلب والألومنيوم، ما تتسبب في نقاش حاد انتهى إلى إعلان “ترامب” إقالة وزير خارجيته !
قيادة أميركا بالولاء والطاعة..
يحاول “ترامب” قيادة الولايات المتحدة بأسلوب غير الذي إعتاده البيت الأبيض؛ مبني على الولاء والطاعة كتلك الدول التي تحكمها قواعد عسكرية ولها صبغة شمولية.. فهو يعلن عن نفسه كأحد الرؤساء من أصحاب الفكر الديكتاتوري، ليس كرئيس بلد ديمقراطي ويسعى لتشريع دستور جديد للولايات المتحدة الأميركية يقوم على “الفردية” في القرارات بعيداً عن سيطرة جماعات الضغط !
يتخذ “ترامب” من الولاء عنصراً أساسياً للتعيين والإقالة من المناصب، نجح فيه إلى حد ما في البيت الأبيض ومؤخراً في وزارة الخارجية !
والآن كذلك استمر في ضمانه لجهاز الاستخبارات الأميركي بتولي سيدة لها باع كبير في العمل الاستخباراتي منذ العام 1985، وهي “غينا هاسبل”، وكذلك ضمن التغطية على حدث إقالة “تيلرسون” بتعيين أول امرأة في تاريخ أميركا على رأس الاستخبارات !
الدول المقاطعة لقطر هي السبب.. «صفقة القرن» لن تمر إلا.. !
لكن ثمة رأي آخر يقول إن “ترامب” أقدم على إقالة “تيلرسون” بعد أن سربت أنباء عن فشل محاولات جمع دول المقاطعة العربية: “الإمارات، السعودية، البحرين ومصر”؛ للتفاهم بخصوص “قطر”، وإعلان تلك الدول أنه لا تفاهم على الأزمة الخليجية في أميركا، وإنما في الخليج يجب أن تعقد مثل هذه اللقاءات بعد أن تنفذ الدوحة ما طلب منها وعدم تدخل “تليرسون” لصالحها !
فضلاً عن رأي يقول إن دول المقاطعة الرئيسة للدوحة اشترطت على “ترامب” الإطاحة بكل من أمير قطر، “تميم بن حمد”، والرئيس التركي، “رجب إردوغان”، كي يقدمون له ما يخدمه ضمن سياق ما اصطلح عليه، “صفقة القرن”، التي تهدف لإيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية الإسرائيلية؛ بصرف النظر عن ما يرغب فيه الفلسطينيون أو العرب، وأن وجود “تيلرسون” أعاق مثل هكذا اتفاق لدفاعه باستمرار عن قطر، وهو ملف يريد “ترامب” أن ينجزه سريعاً كي يضمن الاستمرار في منصبه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، بدلاً من أن يرى نفسه معزولاً باتهامات تتعلق بتدخل روسيا لتنصيبه على رأس البيت الأبيض !