إردوغان .. يريد بصمات “الناتو” على “غصن الزيتون” !

إردوغان .. يريد بصمات “الناتو” على “غصن الزيتون” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بعد إعلانه محاصرة مدينة “عفرين”، وهو الأمر الذي نفاه الأكراد، إستغاث الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، السبت 10 آذار/مارس 2018، بحلف (الناتو)، قائلاً: “يا حلف الناتو، أين أنت ؟”.

ووجه دعوة لـ (الناتو) للقدوم إلى سوريا والمساعدة في حماية الحدود التركية من، “الإرهابيين”، والتي أكدت أنقرة مراراً أنها بمثابة الحدود المتقدمة للحلف.

وقال “إردوغان”، في خطاب ألقاه السبت 10 آذار/مارس 2018، أمام أنصار “حزب العدالة والتنمية” الحاكم في محافظة “مرسين”: “أخاطب الناتو، أين أنتم ؟.. تعالوا إلى سوريا، لماذا لا تأتون، أليست تركيا إحدى دول الناتو ؟”.

اتهمه بإزدواجية المعايير..

انتقد “إردوغان” موقف (الناتو)، متهماً إياه بإزدواجية المعايير، خاصة في ظل أن بلاده لم تتوانَ عن إرسال جنوداً إلى مناطق الصراع عندما يطلب منها ذلك، لكنها لم تتلق في المقابل أي دعم، موضحاً ذلك قائلاً: “دعوتمونا إلى أفغانستان والصومال والبلقان فلبينا النداء، والآن أنا أدعوكم: تعالوا إلى سوريا.. لماذا لا تأتون ؟”.

ويبدو أن الرئيس التركي يبحث عن دعم في معركته ضد “وحدات حماية الشعب” الكردية، المستمرة منذ 20 كانون ثان/يناير الماضي، الأمر الذي دفعه إلى حث (الناتو) على تقديم المساعدة لتركيا، بقوله إن حدود البلاد “مهددة الآن”.

سنطهر كل حدودنا..

حول أهداف عملية “غصن الزيتون” التركية في منطقة “عفرين”، شمال غرب سوريا، قال “إردوغان”: “لسنا قوة احتلال، هدفنا فقط تطهير حدودنا مع سوريا من الإرهابيين.. سوف نطهر عفرين من الإرهاب ومن ثم نطهر منبج وتل أبيض والقامشلي وكل حدودنا من الإرهابيين”، في إشارة إلى المقاتلين الأكراد المتمركزين في المنطقة.

وأضاف: “بلغ عدد الإرهابيين الذين تم تحييدهم في إطار عملية غصن الزيتون، 3213 إرهابياً، وتم تطهير 900 كيلومتر مربع من الإرهابيين”، مشدداً على أن الجيش التركي يواصل الزحف نحو مركز مدينة “عفرين”.

عملية «غصن الزيتون»..

تنفذ تركيا، منذ 20 كانون ثان/يناير 2018، وبالتعاون مع فصائل ما يسمى بـ”الجيش السوري الحر” المعارض للحكومة السورية، عملية “غصن الزيتون” العسكرية ضد المقاتلين الأكراد في منطقة “عفرين” شمال غرب سوريا.

وقالت السلطات التركية مراراً إن “عفرين”، التي تقطنها أغلبية كردية وتتمركز فيها “وحدات حماية الشعب” الكردية، تمثل خطراً حقيقياً على أمن تركيا.

وتعتبر أنقرة كلاً من “وحدات حماية الشعب”، وواجهتها السياسية “حزب الاتحاد الديمقراطي”، وهما المكونان الأساسيان لتحالف “قوات سوريا الديمقراطية”، تنظيمين إرهابيين وحليفين لـ”حزب العمال الكردستاني”، المحظور في تركيا والذي حاربته على مدار سنوات عديدة.

«إردوغان» يؤكد.. والأكراد تنفي..

كانت وسائل إعلام حكومية تركية قالت، الخميس الماضي، إن القوات التركية وحلفاءها من “الجيش السوري الحر” قد سيطرت على بلدة “جنديرس”. وأضافت أن تركيا تسيطر حالياً على خمسة تجمعات من أصل سبعة في منطقة “عفرين” شمال غرب سوريا.

إلا أن “وحدات حماية الشعب” نفت حصار المدينة، وقالت على لسان المتحدث باسمها، “نوري محمود”، بعد وقت قصير على حديث الرئيس التركي، إن “قوات الجيش التركي.. تبعد عنها، (وسط مدينة عفرين)، ما بين 10 و15 كيلومتراً”.

ودفع الهجوم التركي، منذ نحو شهرين، آلاف الأشخاص للنزوح؛ خصوصاً من المنطقة القريبة من الحدود، لاسيما بعد مقتل العشرات من جراء قصف تركيا، وتوجه جزء كبير منهم إلى مدينة “عفرين”، وآخرون لجأوا إلى مناطق محاذية.

خسائر جسيمة للقوات التركية..

يتصدى المقاتلون الأكراد، الذين أثبتوا فعالية في قتال تنظيم (داعش) الإرهابي، للهجوم التركي مكبدين القوات التركية خسائر جسيمة، على الرغم من أنها المرة الأولى التي يتعرضون فيها لعملية عسكرية واسعة بهذا الشكل يتخللها قصف جوي.

وتسبب الهجوم التركي في إضعاف الجبهات ضد المتشددين، فقد أعلنت “قوات سوريا الديمقراطية”، الإثنين الماضي، عزمها على نقل 1700 من مقاتليها من المعارك ضد تنظيم (داعش) في شرق البلاد إلى منطقة “عفرين”.

رداً على الإدعاءات الغربية..

المحلل السياسي التركي، “يوسف أوغلو”، يقول إن مطالبة الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، بتدخل حلف شمال الأطلسي، (الناتو)، في سوريا، يأتي في إطار الرد على الإدعاءات الغربية.

مضيفاً: أن “دعوة إردوغان لـ (الناتو)، للرد على الإدعاءات الهادفة للنيل من تركيا، من خلال تصويرها على أنها دولة احتلال، تعتدي على أراضي دولة مجاورة، منذ بدء عملية غصن الزيتون”.

وأردف: “تركيا تعادي كل الجماعات التى تحمل السلاح، وليس بالضرورة أن تكون كردية، ويجب على الاتحاد الأوروبي أن يعادي أي مجموعات تهدد دول (الناتو)، وفقاً لميثاق التأسيس”.

وأوضح أن دعوة “إردوغان” لتذكير (الناتو) بأنه مقصر في واجباته، بينما تركيا قادرة على محاربة الإرهاب دون أى دعم خارجي، فالجيش التركي هو الثاني في حلف (الناتو) من حيث القوة”.

استبعاد إستجابة حلف «الناتو»..

استبعد المحلل التركي إستجابة حلف (الناتو) لدعوة الرئيس التركي، خاصة وأن “فرنسا” و”ألمانيا” يسمحان بالدعم اللوجيستي لهذه المجموعات الإرهابية – وفق تعبيره -، معتبراً أن التحالف الدولي في سوريا يعاني من إزدواجية في المعايير تؤيد أن هذه القوى غير جادة في محاربة الإرهاب.

لمقاومة ضغط «الناتو» على تركيا..

بدوره، قال الباحث في الفلسفة السياسية بجامعة باريس، “رامي الخليفة العلي”، إن دعوة “إردوغان”، تأتي لمقاومة الضغط الذي تواجهه تركيا من دول حلف (الناتو) لإيقاف العملية العسكرية “غصن الزيتون” في “عفرين”؛ نظراً لأن وجود كيان كردي شمال سوريا يؤثر على الأمن القومي التركي.

تأتي ضمن المنافسة السياسية مع الغرب..

اعتبر أن دعوة “إردوغان” تأتي ضمن المنافسة السياسية مع الغرب؛ أكثر من كونها قناعة تركيا بتدخل حلف (الناتو) عسكرياً، مضيفاً: “هناك إدراك من قبل الجانبين الروسي والإيراني بأن فجوة الخلاف بين تركيا وكلا من الغرب والولايات المتحدة، خاصة في إطار التعامل مع ملف الأكراد، فضلاً عن معرفة تركيا بأنها في حاجة للتواجد بجانب روسيا نظراً لإحتياجها لغطاء سياسي”.

غيرت مسار تحالفاتها الإستراتيجية..

مستطرداً “العلي”: أن “تركيا غيرت مسار تحالفاتها الإستراتيجية منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، تموز/يوليو 2016، واتجهت أكثر إلى روسيا وإيران”.

وتوقع أن تتسع فجوة الخلاف بين تركيا والغرب خلال الفترة القادمة، فضلاً عن أن تركيا ستبقى جزءاً من رؤية الحل الروسية في سوريا على وجه التحديد، مما يدفع لإبقاء العلاقة.

يريد إضفاء طابع الشرعية على «غصن الزيتون»..

قال “كرم سعيد”، الباحث في الشأن التركي، إن طلب “إردوغان” يأتي في إطار رغبته في إضفاء طابع المشروعية على عملية “غصن الزيتون”، خاصة بعد تسريب أنباء تفيد باستهداف المدنيين وصدور تقارير حقوقية تدين ذلك.

مضيفاً أن طلب دعم (الناتو) تأتي نتيجة لفشل الهجوم على “عفرين” في إحداث تقدم سريع خلال فترة قصيرة على عكس مراهنة الرئيس التركي، موضحاً أن قواته لم تستطع الدخول حتى الآن إلى وسط المدينة، وتبقى على القرى الحدودية.

تصاعد أعداد القتلى يضغط على شعبية «إردوغان»..

يرى الباحث في الشأن التركي؛ أن تصاعد أعداد القتلى في جانب الجيش التركي و”الجيش السوري الحر”، يمثل ضغوطاً ضخمة على شعبية “إردوغان”، خاصة مع إقتراب الإستحقاقات الانتخابية، خاصة مع دلالات على مزيد من التأزم في المشهد السوري مع استمرار الأوضاع في “الغوطة”.

(الناتو)، وفقاً لـ”سعيد”، رغم إعلانه عن حق تركيا في حماية أمنها القومي قبل بداية العملية، إلا أنه لا يريد إطالة أمدها بالشكل الحالي، بل على العكس سوف تتجه أميركا إلى مزيد من الضغط على أنقرة للإنسحاب من “عفرين”.

يوجد اختلاف بين سياسات تركيا و«الناتو» الخارجية..

من جانبه، قال “محمد عبدالقادر”، الخبير في الشأن التركي، إن هناك تبايناً واضحاً بين حلف (الناتو) وتركيا تجاه سياسة الأخيرة الخارجية، وبدأ مبكراً خلال عملية “درع الفرات”، حيث رفض إبداء الدعم أو التأييد.

ووفقاً لـ”عبدالقادر”؛ يمتد الخلاف إلى التقييم السياسي للأوضاع، حيث لا يصنف (الناتو)، “حزب الاتحاد الوطني”، أو “وحدات حماية الشعب” الكردية كمنظمات إرهابية يجب القضاء عليها، بل ويرى القوات الكردية ركيزة أساسية لمواجهة تنظيم (داعش)، ومنع التوسع الروسي.

مضيفاً أن الخلافات مع دول الحلف متصاعدة، تمثلت آخرها في نقل “ألمانيا” قاعدتها العسكرية من جنوب شرق تركيا إلى الأردن، فضلاً عن إصرار أنقرة على شراء صفقة صواريخ (إس-400) من روسيا، ما يثير مخاوف حلفائها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة