18 ديسمبر، 2024 11:46 م

نحو تاسيس مفهوم مشترك للدولة المدنية

نحو تاسيس مفهوم مشترك للدولة المدنية

لسنا هنا بصدد وضع مفهوم جديد للدولة المدنية تجاوزا لمفاهيم الاخرين او بعيدا عن الاهداف التي تنادي بها الاديان السماوية ،انما نريد ان نفكر وفق قواعد الدين الحنيف بشأن التطورات التي تمر بها الامم والشعوب ، وان نسلم بحقيقة واحدة قبل كل شئ ان الدين للاخرة والدولة للدنيا ، وان نطلب من زعامة الاحزاب الدينية ان تسلم ان تنظيماتها الحزبية انما هي في حقيقتها تنظيمات سياسية تهدف اولا الوصول الى السلطة شأنها شأن الاحزاب السياسية الاخرى ولنقل الدينوية ، وان يسلم كل منا ان القاسم المشترك لكل الاحزاب السياسية في العالم هو هو اقامة دولة يساهم بها الجميع ، ولا تقوم على مفاهيم ومبادئ شريحة واحدة ولاي مجتمع كان ، لان تعميم افكار فئة واحدة يعني اللجوء الى العملية الشمولية ، والدولة كأي مؤسسة انسانية ،هي عبارة عن تنظيم قانوني تتظافر عناصر مهمة لقيامها اولها الشعب ، والمعروف ان التطور البشري لم يترك شعبا متجانسا نقيا لا يشاركه اجناس او اعراق اخرى ، ولغرض ان تكون الدولة للجميع راعية بالتساوي لكل مصالحهم ، فانها يجب ان تكون متقدمة عليهم بالافكار والخطط لكي تستوعب حاجات الجميع ، وبواسطة اسهام الجميع ، ولما كانت الحضارة حسب رأينا هي احضار الفكرة او العمل او المنجز ، فأن المدنية تقوم بتمدينه اي جعله معرفا لدى كل المدنيين من الناس ، وهذا لا يمكن ان يتأتى الا بوجود دولة تتطابق مع تمدين الاشياء وعصرنتها ، اي دولة مدنية تتجاوز بعموم اهدافها الشريحة الواحدة العنصر الواحد المذهب الواحد ، الطائفة الواحدة ، وان تكون هذه الدولة بكل تكويناتها قد تجاوزت كل هذه الجزئيات الى الكل الفاعل ، والدولة اامدنية هذه عادة ما تكون قد احتوت الجميع وتطلق الحرية لهذا الجميع ان يمارس طقوسه ، وان يعمل بما يؤمن به بعيدا عن سلطة هذه الدولة او تدخل من قبل الشرائح الاخرى ، بتعبير اخر ان الدولة المدنية تسمح بتفاعل حتى الافكار المتناقضة مع منطلقاتها ، شريطة ان لا تخرق القوانين وتتعارض مع ثوابت وحدتها الوطنية ، فالدولة المدنية وفق ما تقدم لا تتعارض مع الاديان ، حتى. ولو كانت علمانية الاتجاه ، ذلك ان العلمانية تسلم بحق الجميع باعتناق ما يشاءون وانها لحياديتها تقوم بحماية الجميع ايا كان اعتقادهم ، والدول الديقراطية المدنية في الغرب تحمي المسلمين والبوذيين على سبيل المثال لا الحصر ، وتعمل على حمايتهم وهم يؤدون طقوسهم الدينية رغم كونها دول علمانية ، فالدولة المدنية هي من تحمي لحياديتها كل الاديان ، ولا ضير ان يتم تطبيقها وفق للقوانين لكي تكون عامل توحيد المختلفين …..