مع اقتراب عمر الفصل التشريعي الاخير من عمر البرلمان في دورته الثالثة ، اعتقد نحن بحاجة الى القاء نظرة فاحصة على هذه المؤسسة التي من مقتضى الحال ان تكون لسان الشعب ، وكما يذكر جان جاك روسو في تعريفه للعقد الاجتماعي (ان الارادة العامة نفسها الا نتيجة للارادات الفردية، فهي المجموع العددي للارادات الخاصة والمتساوية للشركاء، وعليه فأن بفضل العقد الاجتماعي يكون الشركاء في الوقت ذاته مواطنين بصفتهم مساهمين في السلطة ذات السيادة ورعايا بصفتهم خاضعين لقوانين الدولة).
ومن خلال الفهم الذي يخرج به تعريف رورسو فأن الشعب هو صاحب السلطة الاولى والاخيرة في الحكم في الانظمة (الديمقراطية) ، ولتسهيل عملية تولي ادارة الدولة تم اللجوء الى توكيل مجموعة من الاشخاص من قبل الشعب ، لتختار هذه المجموعة من الاشخاص ادارة تنفيذية لتتولى شؤون البلاد وهذه المجموعة من الاشخاص تتولى مراقبة هذه الادارة .
اذن الامر بمجمله راجع الى الشعب ومن الشعب وللشعب، فهو صاحب السلطة الاولى والاخيرة كما ذكرنا .
غير ان يكون ممثلي الشعب (البرلمان) يسكنون مع عوائلهم واقاربهم في منطقة محصنة ، محمية من أي اعتداء، تتوفر على الخدمات، لا يتعكر مزاج البرلماني وعائلته بهموم الكهرباء والماء ومياه الصرف الصحي ، يسافر البرلماني باموال الشعب وعائلته للاستجمام في اوربا ليهرب من حر الصيف ، على الرغم من ان منزله وسيارته ومقر عمله مزود باجهزة التبريد على مر الساعة.
ان لا يزعج نفسه البرلماني بمشكلة البحث عن عمل لابناء او اقاربه ، او يكون مهموم بتوفير مستلزمات الدراسة لابناءه ، لا يفكر البرلماني بزحمة السير او شراء الوقود او تصليح العجلة، لان جميعها متوفر وبالمجاني من اموال الشعب .
ان يحمل البرلماني وعائلته جواز سفر دبلوماسي مدى الحياة، يدخل متى يشاء ويغادر متى يشاء وعلى حساب ميزانية الشعب ومن اموال الشعب، ان يتمتع مع عائلته في ارقى فنادق الارض ويسافر على الدرجة الاولى وعلى خطوط جوية مرموقة، ان يكون معفي من الرسوم الكمركية والضرائب على الاجهزة والادوات التي يشتريها من الخارج وحتى لو كانت ضريبة او كمرك فان الاموال تصرف من اموال الشعب.
ان يتغيب البرلماني على جلسات البرلمان ويستمتع باموال الشعب في الخارج ، ان يكون لديه حصانة من كل متابعة قانونية ان يخرق القانون ويعتدي على الاخرين بدون ان يتجراء احد على ايقافه .
للاسف اخوتي واخواتي ، انا لا اكن أي احترام لهكذا مؤسسة ولا هكذا شخوص، وان القادم سوف يكون ذاته اذا لم يكن اسوء، فلنفرض مثلا ، انه لا توجد أي منافع للبرلماني ، مثلا يستلم راتب كمدير عام (3,500) ثلاث ملايين ونصف المليون ، ولديه عجلة واحدة واثنين من الحماية ، هل يتهافت الجميع على الترشح اليه.
فلنفرض مثلا ان لا يوجد راتب تقاعدي ، فهل يتقاتل الجميع على الترشح.
للاسف … الحال سيبقى ، وان لست من المتشائمين ، ولكن واقع الحال وقوائم المرشحين تتحدث بهذا، ولا ارى أي بارقة للتغيير … سوى بحل واحد، يتم جمع الموجودين من احزاب وتيارات وشخوص ، ومن رميهم في اقرب حاوية للنفايات …..
البقية في المقالات القادمة …. اذا بقيت في الحياة