19 ديسمبر، 2024 5:49 ص

الثارد والمثرود في سياسات آل سعود

الثارد والمثرود في سياسات آل سعود

تصريحات محمد بن سلمان ولي عهد ” ملك السعودية وابنه “, بداية شهر آذار ـ مارس في القاهرة عند لقاءه بمجموعة من الصحفيين المؤيّدين للسيسي كما روجوا لذلك ” صفة غريبة ” قال ان اعدائنا ثالوث الشر ” العثمانيون وإيران و الجماعات الإرهابية ” ويقول تركيا اردوغان هي التي تريد فرض نظام الخلافة . وايران من خلال استخدامها ” الأخوان المسلمين ” تريد تصدير الثورة والارهاب الذي نحاربه . في تصريح آخر يقول فيه حاصرنا ايران وعلاقتنا قوية مع العراق . حيث لعب فريقنا الرياضي في المنطقة الجنوبة من العراق ” البصرة ” وقد رفع حوالي سبعون الف متفرج العلم السعودي تأيدًا لنا ” لايوجد في محافظة البصرة ملعب يتسع لهذا العدد المذكور ” وحتى لو كان ذلك صحيحاً من الخطئ القياس عليه ولا على اتصالكم برئيس الوزراء العراقي ” حيدر العبادي ” والسياسي البارز الشيعي مقتدى الصدر .. أنهم يستغفلون بعضهم بعضا فكيف لا يستغفلونكم . وكيف تبررون أمامهم اتصالكم بحزب البعث المحضور جناح عزت الدوري المعلن والمفضوح , كان الاحرى بكم على اقل تقدير أن يبقى ذلك سري ومخفي وغير معلن .

كلام غير مترابط ينم إما عن جهل أو استخفاف بعقول الآخرين والاستهانة بهم وبأدراكهم للحال العام الذي يتناوله محمد بن سلمان . يتكلم عن العثمانيون كمصدرشر . ولماذا هذا الشر وهذا المصدر بالذات , الفرد العربي والاسلامي يعرف تماماً مصادر الشر التي تعمل على أذيته وتحاربه وتعيق تطوره . فارضة نفسها متناقضة مع مصالحهُ الوطنية والقومية والدينية المشروعة وحقه في الحياة كما يعيشها الآخرين . لماذا لا يسمّي أميركا واسرائيل وروسيا وبريطانيا وفرنسا مصادر شر . هل يجرء على ذلك , لا هو ولا الأعلى منه مركزًا .

صحيح تركيا تربطها علاقة استراتيجية بحلف شمال الاطلسي بشكل عام واميركا بشكل خاص وفيها قاعدة لهذا الحلف ” إنجرليك ” مثلكم تماماً . لكن تركيا لم تعتدي في أي يوم على بلد عربي او اسلامي ولم تسمح بأستخدام هذه القاعدة في العدوان على جيرانها من الدول . مواقف اوردغان معروفة للجميع ويتناقض مع سلوك دويلة اسرائيل ويوئيد الفلسطينين ينحاز للقضية الفلسطينية ودعى ويدعو الى ” وحدة العالم الاسلامي “, وهنا تكمن مشكلته وسبب العدوان عليه لأنه يطالب بالوحدة الاسلامية بمنظوره الخاص كونه قائد لتيار اسلامي حاكم . طالب اكثر من مرة بأستبدال جامعة الدول العربية بجامعة الدول الاسلامية . اميركا ايظا تكن له العداء كونه زعيم اسلامي ناجح ويقود دولة علمانية بحزبه وقد نجح الى مدى بعيد في تطوير تركيا في مجال البناء والاقتصاد والسياسة . وهذا الحال لا يروق لأميركا ولا لإسرائيل ولا الى الكثيرين غيرهم . اميركا حاولت قلب نظامه وتحاول تحريض اكراد سوريا ضده وتشكيل قوى عسكرية وسياسية منهم لمحاربته , أدرك اردوغان ذلك وفوّت عليهم الفرصة . حربه في ” عفرين ” اجراء احترازي لابد منه . لستُ في صدد الدفاع عن النظام التركي ولا عن اوردغان كزعيم سياسي لكني ” اؤشر اتجاه المسارات العامة للسياسة الدولية ” في حالها الراهن . يقول محمد بن سلمان ان اوردغان يريد ان يعيد موضوع الخلافة ويدعو اليه وهذا امر غير صحيح اردوغان يدعو لوحدة المسلمين ولهذه الوحدة اشكال وصيغ قابلة للنقاش والرأي ضمن اطار المصلحة العامة للمشتركين فيها . السعودية تحارب وتعارض اي توجه للتوحد . لشعورها بخطره عليها كدولة او بالاحرى كعائلة حاكمة . الم يحارب آل سعود الدولة العثمانية ” دولة الاسلام دولة الخلافة ” وثورتهم عليها متفقين مع بريطانيا ” دولة الاستعمار الصليبية ” الا يقرأون التاريخ الساسة السعوديون . لنترك تركيا والعثمانيين , ألم تحارب السعودية جمال عبد الناصر كونه كان يدعو للوحدة تصريحات الملك فهد كثيرة بخصوص هذا الموضوع وحاربو صدام حسين كذلك وتناقضوا مع كل زعيم عربي يدعو اليها . تناقضوا مع الاخوان المسلمين لنفس السبب , ودبروا المكيدة الانقلابية في مصر ضد محمد مرسي بموافقة وتحريض من اميركا واسرائيل , ولا يجرئ أحد من آل سعود الخروج على النهج الاستعماري الغربي بريطانيا سابقاً واميركا حالياً . الكل يتذكر ماذا فعلوا بالمرحوم الملك ” فيصل “*1ـ فيصل بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية الثالث . شهد عهده الكثير من الأحداث أبرزها قيامه بقطع النفط عن الولايات المتحدة وكل الدول الداعمة والموالية لإسرائيل، كما جهر برفضه الشديد إقامة موطن لليهود في فلسطين. في يوم الثلاثاء 12 ربيع الأول 1395 هـ الموافق 25 مارس 1975 قام الأمير فيصل بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود بإطلاق النار عليه وهو يستقبل وزير النفط الكويتي عبد المطلب الكاظمي في مكتبه بالديوان الملكي وأرداه قتيلًا، قتلته العائلة السعودية كونه انحاز لصالح المصلحة العربية مناهضاً لإسرائيل وأميركا . واليوم السعودية وفي اشارات كثيرة تجنح لصالح ما يتناقض ومصالح الامة العربية والاسلامية . اما دعواه ” محمد بن سلمان ” بأن ايران تستغل موضوع الاخوان المسلمين فهذا غير وارد ايضاً , صحيح كانت هناك في الماضي قبل وصول الحركة الخمينية للسلطة في ايران علاقة نوع ما معها على اعتبار كلا الطرفين يتبعان ويدعوان لتثبيت النهج الاسلامي كسلطة سياسة , لكن بعد ان تمكنت الحركة الخمينية من الاستحواذ على مقاليد السلطة في إيران وأقرت منهجها ودستورها الذي يرتكز على المذهبية بشكل خاص ” المذهب الشيعي الاثني عشري ” حدث التناقض والقطيعة بينهم وبين الاخوان المسلمين كون الاخير يتعامل بالحالة الاسلامية بشكلها العام وليس الخاص ” المذهبية ” وليس كما تعمل به وتنتهجه الحركة الخمينية . وكل وقائع الحال الحاضر تشير الى ذلك . وموضوع الارهاب مصطلح عام اشبه ” بقميص عثمان ” يرتكز عليه الجميع الجاني والمجنى عليه . والمضحك في امر هذه التصريحات تدارك الخارجية السعودية وَيُعَقّب عليها السفير السعودي في القاهرة مفندا التصريحات ضد تركيا وَيُحمّل قصد الكلام على جانب المعارضة التركية ” بعد خراب مالطا ” أعذار واهية لا تدل على حكمة ولا على رؤيا سياسية واضحة المعالم موزونة المقاصد . للأسف هذا السلوك السياسي السعودي الحالي , ينم عن ضعف شديد اشبه ” بالشرود والضياع ” للقيادات السعودية ونهجها . المطلوب على الاقل في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها الامتين العربية والاسلامية , استثمار علاقات السعودية مع اميركا الفاعل الرئيس في العالم وحلفائها الاوربيين , وأن تكون السعودية ودول الخليج ومصر وبقية الدول العربية والاسلامية التي للسعودية تأثير فيها وجرّها للاصطفاف في مواجهة اعداء الامة والتصدي لما يحدث من تجاوز وكوارث ومآسي في البلاد العربية والاسلامية . أم ان المصلحة العربية لا تقتصر إلا على اليمن والبحرين . يدعي محمد بن سلمان بأنهم ” السعودية ” تمكنت من حصار إيران ومنعت نشوب الحرب معها . وهذا الكلام غير منطقي فإيران موجودة وفارضة نفسها في العراق ولبنان واليمن وسوريا وتحاول في غيرها من الدول وبرعاية وموافقة اميركية اسرائيلية روسية . اسرائيل ايضًا تهدد إيران وتتوعدها في الظاهر لكن الباطن غير ذلك ” تقيّة ايرانية مكتسبة ” ايران نعمة لإسرائيل واميركا وكل من يعادي العرب والمسلمين , فكيف بهم يحاربونها .. أصحيح ما ندّعيه أم غير ذلك .. !

*1 ـ ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

أحدث المقالات

أحدث المقالات