لنتأمل العبارة، ونحاول ان نسقطها على التاريخ والواقع، ونرى هل هي حقيقية او لا.
وفق المقياس الطبيعي، فأن هذه العبارة بعيدة كل البعد عن الصحة
كيف تكون قيادة المتخلفين والجهال اسهل من المثقفين؟.
اليس المفروض المثقف يكون التعامل معه اسهل وايسر من نقيضه؟.
وفق العقل والمنطق نعم
لكن وفق الحقيقة والواقع لا، فأصعب شيء هو التعامل مع المثقفين، وايسره مع غيره
لنختبر ما قلنا على مجتمعين احداهما مثقف و واع، واخر مجتمع جاهل
ونطلق بينهم اشاعة معينة، ونرى اي البلدين يكون التأثير فيها أكبر؟.
سوف تجيب على الفور انها تكون في البلد المتخلف اكثر، وهو جواب صحيح دون شك.
ثم نعود ونسأل لماذا؟.
الجواب لأنه شعب جاهل، يصدق جميع ما يسمع، فمن السهل جداً ان تمرر ما تريده من خلاله، وبالتالي تستطيع تغير وجهته من خلال اشاعة بسيطة، لكن مدروسة بشكل جيد.
اما الشعب المثقف، عند سماع خبر معين يدقق ويسأل عن الخبر، ثم يعرضه على عقله، فأن توافق مع الحقيقة قبله دون ان ينشره لأنه يعتبر ان الأمر لا يعنيه، وان وجده ليس حقيقي او واقعي رفضه، ولم يلتفت اليه.
لذلك تجد الطواغيت، يحاربون العلم والعلماء، ويكون اغلب همهم هو كيفية القضاء على الطبقة المثقفة، وما ان ينتهون منها، حتى يشعرون بالأمان والأطمئنان
لم يذكر لنا التاريخ ان هناك زعيم او قائد وطني كان جاهل
في حين نفس التاريخ يحدثنا ان الطواغيت لم يكونوا اكثر استقرار، الا في الدول التي تعاني شعوبها من الجهل.
سبب الأزمات التي تمر بها المنطقة العربية عامة، والعراق بصورة خاصة، هو عدم القراءة الصحيحة للواقع
فنحن شعب جاهل، رغم مرارة هذه الكلمة، لكنها حقيقة.
ولا نقصد هنا بالجاهل، قلة مقدار الشهادات الأكاديمية، او عدد المؤسسات التعليمية والخدمية.
فكثرة المؤسسات، وخريجي الكليات لا تعني شيء للثقافة
فكثير من خريجي الكليات اليوم هو امي ثقافياً
وان سألته، متى اخر مرة قرات كتاب او بحث، او دخلت دورة لتطوير قابلياتك الثقافية؟.
يجيبك وهو فرح، لم اقرأ بحياتي اي كتاب، وحتى لم اتصفح جريدة.
نعم نحن نعاني من الأمية، لذلك من الصعب علينا ان نميز بين ما هو صواب وما هو خاطئ
نعم نحمل نوايا حسنة، لكن النوايا وحدها لا تكفي.
نحتاج ان نحصن أنفسنا بالعلم والثقافة، لكي نبني وطن.
نحتاج ان نكون حكماء في خياراتنا، لكي نبني وطن.
وان لم يدركنا الوقت لذلك، ليس علينا سوى ان نتبع حكيماً في خياراتنا.
بالعلم والحكمة ننتصر.