خاص : ترجمة – لميس السيد :
لأول مرة ترى “ندى القحطاني”، وسبع من زميلاتها، مبنى “المتحف الوطني السعودي”، مرتديات عباءاتهن السوداء والنقاب المسدل على وجوههن، حيث لم يكن يعرفن أي شيء عن هذا المكان من قبل.
يروي أحد الزوار داخل المتحف، الذي طال إهماله، أن المتحف يحتوي على مجموعة من القطع الأثرية التي تعود لما قبل العصر الإسلامي، وعلى الرغم من أهمية تلك الفترة تاريخياً إلا أنها كانت مصدراً للإستنكار والتنصل في السعودية؛ بإعتبارها فترة شهدت وجود عبادة الأوثان في بلد إسلامي محافظ.
تقول المؤرخة الفنانة، “مها السنان”، في حديثها مع صحيفة (الغارديان) البريطانية: “لم أكن أعرف ما هو رد فعل الناس، خاصة بمناسية القطع التي تعرض على الجمهور للمرة الأولى، حيث أصبحت المعتقدات الدينية ذات صلة بالأفكار الاجتماعية. وكانت هناك حاجة إلى نشر الوعي حول ما تمثله هذه الأصنام حقاً. الناس يقودون الآن هذا التغيير الفكري ويريدون منا أن نعترف به”.
حيرة المجتمع السعودي..
في إطار اهتمام القادة السياسيين بمستقبل المملكة والرؤى الجديدة المرتقب تنفيذها، تقول الصحيفة البريطانية، أن القادة السعوديين حالياً يحاولون التأكيد على أن الاعتراف بماضي المملكة وتاريخها القديم هو أمر أساس في تشكيل مستقبلها.
وفي ضوء ما نعرف عن المملكة بأنها تقاوم أي تغيير حقيقي وأي شيء جديد، أصبح السعوديين في حيرة من أمر التغييرات المفاجئة والجديدة، حيث شهد الشهر الماضي قرارات سعودية جديدة حول السماح للنساء بالإنضمام للجيش وأجهزة الاستخبارات، وقريباً يقدن النساء السيارات في شوارع المملكة بعد القرار السعودي الذي يسمح لهن بالقيادة بداية من حزيران/يونيو المقبل، كما فتحت الساحات الرياضية للإناث ودور السينما التي تم بناؤها وإعادة فتحها في جميع أنحاء البلاد. وفي خطوة أثارت الكثير من الجدل، أصدر رجل دين كبير مؤخراً مرسوماً بأن إرتداء العباءة ليس إلزامياً في الإسلام، وينبغي اعتباره خياراً شخصياً.
تقول “قحطاني”: “معظم ما نعرفه هو الثقافة الإسلامية، ولكننا لا يجب أن نخفي تاريخ السعودية القديم”، وتابعت قائلة إنها ترحب بمرسوم العباءة، “لم يكن هناك أحد يجبرنا على إرتداء هذا في الإسلام”، متناسية سلطات الشرطة الدينية التي كانت تجبر النساء على إرتداء العباءات والجلاليب في الشارع.
واضاف أحد الزوار من داخل المتحف، يدعى “عبدالله”، حيث كان يقف إلى جوار شقيقته وابنة أخيه، وكلاهما مغطيات من الرأس إلى أخمص القدمين، قائلاً أن العباءة دائماً ما كانت إلزامية على النساء، وذلك يعني أن القيم الثقافية الجديدة أمراً لا زال يتعارض مع المعتقدات الشخصية، “وذلك سيكون نقطة الصراع والمقاومة الدائمة.. فبرنامج الإصلاح الثوري مدعوماً ومؤيداً من الكثيرين، لكن من الصعب تحديد مدى هذا الدعم”، وفقاً لما ذكر دبلوماسي في الرياض.
سياسة الصدمات الكهربائية..
بعد سنة تقريباً من حكمه في المملكة، عزز الأمير “محمد بن سلمان”، سلطاته من خلال جدول أعمال التغيير الذي نفذ بسرعة كبيرة، حيث قام بتهميش رجال الدين الذين يعتقد أنهم لم يكونوا مؤيدين لخطواته، وأطاح بحكم منافسيه الذين قد يكون لديهم مطامع في العرش.
تعتقد الصحيفة البريطانية أنه من الصعب أن يخرج المجتمع المحافظ من الغيبوبة بطريقة “العلاج بالصدمات الكهربائية”، على حد وصفها، ولا يزال هناك مخاوف من تراجع زخم القرارات السعودية الثورية التي تتم بالإعلان عن الإصلاحات يومياً تقريباً.
ويقول ضابط عسكري كبير في حديثه للصحيفة: “هناك نسبة كبيرة من الطبقة المتوسطة البيروقراطية، التي لا تريد أن ترى المرأة في مكان العمل أو في الشوارع.. إنهم يعلمون أن أفضل طريقة لوقف هذا لن تكون بتحدي الحكام، ولكن على الأقل لا يجب الإعلان عن أي شيء يدرج المرأة في قوائم العمل أو المناصب القيادية”.
وفي ظل عدم إكتمال تنفيذ شبكات المترو بشوارع السعودية وعدم جاهزية المركز المالي الجديد للعمل، فإن الفجوة بين الطموح والإدراك لا تزال واسعة، ومع زيادة الأسعار للضعف خلال الشهور الأخيرة وعدم زيادة حجم الأعمال، يتوقع “محمود عزام”، سائق بالمدينة، أن تزيد نسبة إحتمالات فشل الإصلاحات الجديدة في المملكة.
- الصور: نقلاً عن صحيفة (الغارديان) البريطانية.