نقاش أمريكي : هل كان داعش سيظهر لو لم تغزو الولايات المتحدة العراق ؟

نقاش أمريكي : هل كان داعش سيظهر لو لم تغزو الولايات المتحدة العراق ؟

واشنطن – خاص
هناك كثيرون يعتقدون أن تنظيم داعش هو نتيجة حرب العراق الفاشلة التي شنتها الولايات المتحدة للإطاحة بنظام صدام حسين 2003.
ويذكر هؤلاء كيف تم حل الجيش العراقي وتسرب نحو نصف مليون عسكري مدربين جيدا، فيما كانت بلادهم في حالة من الفوضى.
كما يلفتون إلى إيداع الآلاف من العراقيين الأبرياء في سجن بوكا حيث تم تجنيد السجناء كأرهابيين من قبل سلفيين جهاديين، على شاكلة زعيم داعش أبو بكر البغدادي، الذي قضى نحو 3 سنوات سجينا في بوكا قبيل اطلاق سراحه.
وبمجرد أن فقد الأمريكيون قدرتهم على توجيه دفة الأمور في العراق، أصبح من السهل على الجهاديين الحصول على مجندين جدد.
وفيما يبدو معظم اللوم يلقى على عاتق أمريكا في ظهور داعش، إلا إن هناك من يفند نظرية الجيش العراقي قوي التسليح والتدريب قبيل 2003، فثمة من يرفض فكرة أن الجيش العراقي كان مدربا جيدا، أو حتى بالكاد كان مدربا لمواجهة جيش قوي، ناهيك عن ضعف مستوى الانضباط والتسليح، فقد “كان التدريب والمعدات أقل حتى من مستويات جيش العالم الثالث. لم يكن لديه فهم للتكتيكات، استراتيجية، سلامة الأسلحة النارية أو الصيانة. وعندما حصلت المواجهة ترك مئات الالاف مواقعهم واسلحتهم دون قتال.
ويستدرك آخرون بالقول إن عناصر من الجيش العراقي كانت مدربة تدريبا جيدا في شيء واحد وهذا هو التجسس والمراقبة. لم يكن جهاز صدام العسكري والمخابراتي / الأمني ​​قد صمم في الواقع من أجل التمكن من مواجهة القوى العسكرية الأخرى، فقد صمم بهدف التسلط على السكان العراقيين والسيطرة عليهم. وطور صدام شبكة متطورة من التجسس طالت حتى كبار المسؤولين في نظامه.
كان المقياس ليس الكفاءة هو الولاء، وليس الكفاءة، وعندما حل الجيش وانحدر العراق إلى حالة من الفوضى، استخدمت عناصر من جهاز الأمن البعثي القديم التقنيات التي استخدموها في عهد صدام مع قشرة إسلامية فوقها ليتكون الوحش الجديد: داعش.
هنا يرفض كثيرون شاركوا في النقاش فكرة إلقاء كامل اللوم على السياسة الخارجية الأمريكية، معتبرين ان “اللاهوت الإسلامي” هو السبب الرئيسي لظهور داعش.
لكن ثمة من يرفض هذا ويتحدث عن أسباب تحول البعثيين ومناصري صدام إلى العنف والتحول إلى حلفاء للجهاديين السلفيين، “فالبعثيون كانوا يأملون بعد عدة عمليات ضد الأمريكيين باقامة اتصال مع الغزاة للاشتراك في السلطة والوصول إلى صفقة ما، لكن الأميركيين وبعد أن أطاحوا بصدام وحلوا الجيش، عززوا سلطة الشيعة والكرد وأزالوا السنة ”
وثمة من يقول أيضا هنا لعبت الولايات المتحدة دورا سيئا واضحا، فمن الناحية الإيديولوجية، لم يكن النظام البعثي متطرفا مثل نظام داعش، لكنه يستدرك كان النظام عبارة عن دولة مركزية حديثة مع جيش كبيرقادرا على إلحاق معاناة كبيرة بالسكان، فما فعله صدام بالأكراد لم يتفعله حملة داعش بأكملها، وبالطبع كان الأكراد ليسوا الضحايا الوحيدين لصدام.
ويبدو ان انتقاد الرئيس ترامب على بوش أول من أمس ألقى بظلاله على النقاش الذي شهده أحد المواقع الأمريكية، فهناك شبه إجماع على إن “جرس الحرب قد دقه بوش، ثم جاء أوباما ليجد نفسه في واحد من أكبر المستنقعات العسكرية في التاريخ البشري وحاول جاهدا الخروج منه بأقل الخسائر. المستنقع الذي كان ثمن الخروج منه أو محاولة ذلك، يعني التضحية بالمزيد من القوات والمليارات. هذا مثل الذي حفر حفرة في بقعة خاطئة وبدلا من أن يتوقف عن الحفر راح يحفر عشرة أقدام أعمق”.
وردا على فكرة إن تاريخ السياسة الأمريكية المعاصر يكشف تعاونا بين واشنطن وإرهابيين مثل بن لادن، كما حصل في افغانستان حين كانوا يقاتلون الغزو السوفياتي، هناك من يقول “لم نكن نساعد بن لادن مباشرة، كانت وكالة المخابرات المركزية تدعم أساسا المجاهدين الأفغان الأصليين وليس المقاتلين العرب الأجانب الذين شكلوا تنظيم القاعدة بزعامة بن لادن”.
ويعتقد آخر إن السياسة الخارجية الأمريكية في وقت لاحق، سواء أثناء الحرب الباردة أو بعدها، هي المسؤولة بشكل رئيسي عن عدم استقرار المنطقة، عبر دعم الحكام الدكتاتوريين والغزاة، وخاصة في حالة العراق، وهي سياسة تركت المنطقة غير مستقرة وغير ديموقراطية تماما.
ومن التغييرات التي أحدثها الغزو الأمريكي للعراق وعلى امتداد الشرق الأوسط، ما لحق بالملايين من المسيحيين هناك، فثمة من يلقي باللائمة على الولايات المتحدة في ذلك، حين أسقطت دولة كانت الأقلية المسيحية تحتمي بها، وحين غابت استغل داعش فراغ السلطة، وكان التشدد الإسلامي قادرا على إحياء المنظمات الفاشية الإسلامية، السياسية والجهادية على السواء.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة