لا استطيع ان اعبر عن ما وصل اليه حال العراق بعد كل هذه السنين التي مرت من عمر الحكومات المتعاقبة ولا استثني منها احدا سواء كانت حكومة الشيوعيين او حكومة البعثيين او حكومة الاسلاميين هذا اذا افترضنا صحة هذه المسميات أي بمعنى اذا حسبنا ان عبد الكريم قاسم من الجبهة الشيوعية في العراق وصدام حسين من التكتل البعثي وهكذا وصولا الى نوري المالكي الذي يمثل بطبيعة الحال حزب الدعوة الاسلامية فلا يمكن ان نسمي الحالة التي يعيشها العراقيون كما عاشوها اسلافهم الذين سبقوهم في الحياة سوى حياة البؤساء , ما اثارني وادهش لبي ان اللجنة الحكومية للتخفيف من الفقر اعلنت عن وصول نسبته إلى ثمان وثلاثين بالمائة من عدد سكان العراق وهذا يعني ان اكثر من ثلث العراقيين يعيشون كمساكين وفقراء أي لا يمتلكون سوى قوت يومهم وهذا فيه خطورة كبيرة على واقع حقوق الانسان وعلى الواقع الديمقراطي في البلاد ولعله يقودنا نحو تساؤل مهم فهل وعلى حين غرة اصبح العراقيون فقراء بعد العام 2003 فبطبيعة الحال ان العراقيين عانوا من تراكمات الماضي ومن سنين قد خلت عانوا فيها ما عانوا ولكن كانت منهجية حكم البعث تعتاش على ابقاء الشعب فقير كي لا يفكر بغير قوت يومه وهو ما يجعله يغض الطرف عن كل شيء الا رغيف الخبز وهي بذلك حققت ما ابتغت وبقي الحكم لها واما ان يكون لحزب الدعوة الاسلامية نفس المنهج البعثي فهذا امر فيه وقفة على ان لا نبتعد عنها فكيف يكون للعملية الديمقراطية التي ينادي بها الجميع ديناميكية واساسها شعب جائع تتحكم بارادته الاجور اليومية التي ينتظرها وكيف نبني حقوق انسان لا يجد ما يسد رمقه اذا لم يجد عملا في احد الايام , ان الحكومات المتعاقبة على الحكم في العراق ولدت تصورا عند المواطن وهو ان العملية برمتها عبارة عن تجارة والحاكمين فيها تجار وانطلاقا من مبدأ الربح والخسارة فقد وصلنا الى اليوم الذي سيخسر فيه تجار الحكومة رؤوس اموالهم ليكونوا بعد ذلك مواطنين عاديين كحالنا من الدرجة الثانية.
[email protected]