الأقسى من الطريقة المخجلة التي تم فيها إذلال مواطن عراقي، لأنه قال إن السياسيين سرقوا خيرات البلد،، أننا من جديد نتجرع الحقيقة التي لايريد أحد أن يعترف بها، وهي إن المواطن العراقي بلا ثمن، ومن ثم فلا تسألوا عن كرامة له، مثما لاتسألوا مَن سرق أموال العراق خلال الخمس عشرة سنة الماضية؟، لأن السيد عمار الحكيم قالها وبحدة:” هذا كلام غير صحيح
كنت أتوهم أن أذلال مواطن عراقي وقهره وإجباره على التوسل والخنوع كفيل بتحريك قليل من مشاعر الغضب والإحساس بالمهانة لدى الساسة العراقيين، غير أن كل ما اهتمّت به ” سعادتهم ” هو البحث عن كلمات بلا معنى حول الشفافية والدولة المدنية، وكأن مقتضيات هذه الدولة التي ينادون بها، تعنى أن نغض الطرف عن سرقة أموال البلاد، وعن الخراب والفساد الذي يعشش في حياتنا.
الغريب إن حادث إذلال المواطن العراقي ترافق، مع حادث آخر حصل في فرنسا حيث شاهدنا مقطعاً مصوراً يُظهر مشادة كلامية بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومزارع فرنسي، حيث يظهر الرئيس الفرنسي
في المقطع المصور وهو يتحدث بغضب مع أحد المزارعين، إلا أن الفلاح خاطب الرئيس قائلاً: “تكلم معي بأدب”.
ماذا فعل ماكرون لم يبعث حمايته، ولا شيوخ باريس ليهددوا الفلاح ويجبروه على تقبيل الأيادي والبكاء بين يدي ” سماحته “، وإنما حاول ماكرون أن يعتذر من الفلاح الغاضب؛ ويوضح له سياسة الدولة الزراعية والتجارية أمام كاميرات التلفزيون.
مع فديو الرئيس الفرنسي تذكّر أيها القارئ إن مئات المليارات سُرقت، ومئات الآلاف من البشر أزهقت أرواحهم، وملايين يعيشون في الخيام، ومدن تهدمت، وبلد في قائمة البلدان الأكثر فساداً وسرقةً للمال العام، ومع هذا يرفض ساستنا الأشاوس أن يراهم الناس في لحظة اعتراف بالفشل.. فكيف يمكن للسياسي ” المؤمن” أن يتلقى تأنيباً من مواطن سُرق مستقبل أبناءه أومن أمّ فقدت أعز ما تملك، فما بالك إذا تجرأ المواطن وقرر أن يصرخ بوجه رئيس التحالف الوطني، حتماً سيظهر المواطن دامع العينين متوسلاً ذليلاً مرتجفاً، وهو يعترف بأنه أخطًأ في حق ” الخطوط الحمر “.
إنظروا الى صورة الرئيس الفرنسي وهو يتلقى الشتيمة..وتمعنوا في صورة المواطن العراقي الذي مايزال يعتذر ويتوسل،حتى كتابة هذه السطور، واسألوا إين نحن بعد أعوام من الكلام عن الرفاهية والسيادة والمستقبل المشرق، والشفافية اللطيفة، واحترام المواطن؟.إنسوا.. لا مقارنات.