عندما تبدأ صبية صغيرة بعمر الثالثة أو الرابعة عشر في كتابة مذكراتها مسطرتا كل الذي مر بها وشاهدته وخبرته وشعرته من آلام العزلة والوحدة,,من آللام الجوع والمرض,,من آلام ورعب الحرب. هذه المذكرات من المفروض ان تحكي قصص الرابعة عشر فقط اعني ان تكون شذرات من وعن حياتها الخاصة جدا, لربما عن مشاعرها كطفلة اتجاه الطفولة,,اتجاه امها وابيها او اصدقائها ومدرستها,,لربما تكون عن بدأ مشاعر جديدة وغريبة عليها كالحب ونمو الجسد. شيأ من هذا القبيل كان في كتلباتها ولكن قليل جدا. بصورة عامة لم تكن مجرد ذكريات بقدر ماكانت محاولة تدوينية لحقائق الحياة التي يمر بها كافة اليهود من الذين كانوا بعمرها او اصغر او,,اصغر, اكبر, نساءا ورجالا, شيوخا وعجائز, مذكرات لشعب كامل.
من خلال كلماتها البسيطة المنسابة من بين لحظات طفولتها وسنين صباها رأت كيف انهدم العالم وتحول الى مجرد احجار ودخان. اناملها الصغيرة الرقيقة خطت على أوراقها الخائفة أبشع صور الوحدة والعزلة, صور الاهانة والذل, المرض والفقر, صور لبشاعة الحرب, لقسوة الحكومات.
اسلوب بسيط وجميل وصادق يكتب عن البشاعة والالم بديلا لجمال الطفولة ومباهجها وسذاجتها. عندما تسطر هذه الفتاة الصغيرة كل هذه السطور لتختصر بها بشاعة الانسان,,اشعر بالخجل,, الخجل الشديد من كوني انسانة كائنة وغير حجكائنة. لربما علي ان احذوا حذوها,,علينا ككل ان نكون هي . لنسطر تاريخنا الاني حكاية ألم اطفالنا, موت شعبنا وبدون ذنب,,على امل ان الاتي عليه عدم تثنية أخطاء الاني.
مثلما نحلم بالجمال يجب ان نطرز خيوط البشاعة على اوراقنا ونرسم حطوطها على بياض ناصع حتى يرى الاخرون وبوضوح. سأخط سطور صفحتي ؛
للأسف اصبحنا ننيش الاموات,, ننبش التاريخ بحثا عن ابتسامة نسيها احدهم هناك ,,او عن لمسة حب في كلمة صادقة تركها سهوا قائد عسكري هنا او هناك, اصبحنا ننبش التاريخ المهتريء المليء بالانهزامات بحثا, ننكثه وننفضه علنا نعثر على حجة واهية تدعم معتقدنا الاني وكأننا لانمتلك الثقة بما نفعل او نقول. قبل ان أسطر كلماتي علي ان اعترف بأني امرأة تضع على راسها خرقة كما يسميها البعض, وانا لربما لاأختلف معهم في الرأي ولكني أمتلك ألأسباب. لم احاسبهم ولم أنتقدهم فمن اين جائوا بالحق في محاسبتي؟. آن فرانك فراتك عاشت صراع واحد, صراع الحرب وقرفها وماتسببه وتفرزه, أما نحن فنعيش ألف صراع, لأننا وببساطة لانمتلك المرونة, تلك الروح التي تعرف كيف تصلح الصغائر حتى لانتعثر بها حين الهدف لأنجاز الكبائر.
خرقة على رأسي,,مخطئة أنا لربما,,ولكني وضعتها وأعتذر,,
أعتذر لأمي لأني طفلة تهوى اللعب لذا لم أعرف كيف أحتوائها أو أشرب دموعها,,لأبي أعتذر لأني لم أبتسم له انسان يحمل أخطائه صليبا كقديس,, لأخوتي أعتذر لأني كنت صبية تعشق المشط والمرآة,,لأخواتي أعتذر لأني أجهل القيود,,وهكذا أعتذر لمجتمع كامل,,مجتمعي القاسي بأحكامه التي حولتنا الى أناس تعشق الخرافات,,أعتذر للأجيال القادمة لأني لم أقدم لهم شيأ غير كلمات على ورق قد تمحى او في المزبلة ترمى.
خرقة أضعها على رأسي ولكن,,
لم أعرف ألأزدواجية يوما في طبعي ولم ولن أمارسها, أحاول التنسيق والتوحيد مابين فكري وقلبي وموقفي وأنسى أحيانا تلك الخرقة حين اتكلم. كل الذي أعرفه اننا مجتمع تضرب جذوره في القدم, تقاليده وعاداته كلها موروثة ولكننا تعيش في هذا الزمن وعلي التحدث عنه لأني عشته واعيشه ولم اكن متواجدة قبل هذا لأكون عادلة ومنصفة تماما. ألأقوام وألأجيال السابقة عاشت ههنا قبلنا وتركت وراثها ارثا,,ونحن ألأن نقف اتجاهها موقف الغربال للطحين,,وانا ايضا اقف امام حيث حجكنت ورأيت وسمعت وماعشت في محيط انت كنت فيه ايضا؟
كلن قد سرن, مشينا في صباح معين في طريق واحد,,أقدامنا تتبع بعضها وخطواتها تسير امامها الى هدف واحد, الى مكان واحد وان مكان مختلف العنوان,,بغداد وصباحها المليء بالنشاط,,بالحركة المغناج محاولة طرد النعاس من بعض العيون,,الكل الطلاب والعمال والموظفون وغيرهم تهدهدهم سيارة باب المعظم ومن ألأعظمية, وصوت فيروز كصلاة روحية لايجب خدشها ولو بكلمة,,نازل عيوني, آغاتي, من فضلحجك. الصمت وفيروز هما الوجود, هما الحديث.
عند باب المعظم تنزل البشر مخلفة ورائه دفئهاا في الكوستر, الدفيء والعطر ورائحة الكتب والزي الجامعي. نسير,,كلنا بشر,,التي بخرقتها ترى خجل الماكياج وابتسمة تقول لك ,,صباح الخير,, والتي بدونها تنثر الريحان مع خطواتها,,وأنا اسير مع وفي وسط الخطوات,,أبدا لاأفكر بألأختلافات, بل مشغولة بما هو بعيد,,
وأتسائل لم اليوم نحن هكذا؟؟؟
كل ماهنالك اننا مجرد مستعمرات,,كنا ومازلنا,,ما بعد الحرب العالمية الثاني تحررت ألأوطان,,وهنا توجد حقيقتين, أولهما ,, هم يعرفون اننا أغياء أغبياء,,مرتشون,,نبيع كل شيء لأجل لاشيء, وهم لهذه الحقيقة عالمون. وألأخرى لأن المستعمر أبدا لاينبذ احلامه هي هتاك في بئر النفط والذهب. لأنه لايستطيع استرجاع مستعمراته,,
بأسم الحضارة لايستطيع,
بأسم ألأنسانية لايستطيع,
بأسم حقوق ألأنسان والحيوان لايستطيع,
ولكنه يستطيع عندما يلبس من هذا كله قناعا يغطي نواياه,,ويغطي شعاره ألأمثل وطريقته ألمثلى ب,,فرق,,تسد. وهاهم وقد زرعوا الوهابية والسلفيين المتعصبين فيما بيننا,,جعلونا ننوء تحت ثقل أفكار الدين والحجاب والسفور ,,ونسينا انها أشياء شخصية جدا لايجب ان تلهينا عن بعضنا البعض,,وانها ليست عثرة في طريق من يريد بناء الوطن وتقدمه العلمي. التعليم هو المفتاح السحري, لنجربه ولنطالب به وسنرى. وفقا لمقولة احدى شخصيات دان براون, ان العلم هو الطريق الى الله. اذا تريد خلق الذرة او المادة فان الجزيئات سوف تحتاج الى الأحتكاك وبسرعة دوران تفوق الخيال في الثانية الواحدة لتندمج وتتفاعل ولتنتج الذرة التي هي بحجم الدمعة. تخيل ماهذه الطاقة الهائلة ومانوعها من طاقة, طاقة الخلق. هذا ماأسطره أنا صراع وبمختلف ألأتجاهات وبكل ألأنواع!.
فلنكن طيبون حريصون على الوطن وان لانلتفت الى الى الاشياء التي تعثرنا ونشن حربا على بعضنا ولتفرقنا حتى تؤدي خدمة عظيمة للمستعمر.