_ أنتهى الكلام وأسدل الستار على الدبلوماسية المشوهة!
_وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس..يضع الصين وروسيا أعداء في المقام الأول، بخطوة مفاجئة تراجعت في وضع الإرهاب على أولوية المواجهة؟!
_خطاب بوتين يكشف الوجه الجديد للسياسة الروسية!
_الدب الروسي يفجر الصراع بين الكرملين والبيت الأبيض!
_ الصواريخ النووية الجديدة والصدام القادم بين أمريكا وروسيا!
التأريخ سيكتب يوم الخميس 1 آذار 2018 بدء انقسام دول العالم الى معسكرين متناحرين تقف بينهما دول أخرى على الحياد. في هذا اليوم ترجّل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خطابا استعراضيا يمكن اعتباره بداية انطلاقة جديدة في سياسة وإستراتيجية الاتحاد الروسي..بشيء من كاريزما القوّة ودعم مصوّر لسلسلة عروض جيل جديد من الصواريخ النووية فائقة التطوّر مع أسلحة فتاكة أخرى كان بوتين يشفر رسائل متعددة للعالم وهو ينعش الشعب الروسي بنشوة العظمة..مما..قال الرجل على العالم أن يسمع روسيا اليوم ولا يصمّ البعض أذنيّه كما فعل سابقا،ثم أضاف بأن روسيا لا تهدد أحد بالأسلحة النووية وبأن ما يستعرضه ضمن الدفاع عن روسيا وحلفائها وحماية مصالحها ومصالح الدول الأخرى معتمدا بذلك على القوانين الدولية . هذا الخطاب البالغ الأهميّة بما يتضمن لا ينفصل عن جملة الأحداث الدائرة في الشرق الأوسط ولا عن تاريخ روسيا ودورها في السياسة العالميّة سواء القريب بما كانت عليه إبان عهد الاتحاد السوفيتي أو السابق ما قبل الثورة البلشفية الشيوعية، من الخطأ أن يذهب تفكير البعض باتجاه فرض عودة الحرب الباردة ودخول العالم في سباق تسلح جديد رغم أن أحد اهداف خطاب بوتين لا يخلو من الترويج لبضاعة الروس العسكرية..الأهم في هذا الاستعراض يكمن بوضع العالم على مدار فلك سياسة القطبية المتعددة، فلا جدال على تحالف روسي مع الصين..ولا..ريب بأن النظام الكوري الشمالي في أهميته للصين وروسيا يعادل قيمة إسرائيل الإستراتيجية لدى أمريكا، فهو يؤدي ضمن محيطه نفس الدور الجيوسياسي الذي تؤديه اسرائيل في الشرق الأوسط..سواء كون هذا النظام رأس حربة أو عامل لزعزعة الاستقرار السياسي. بينما كانت روسيا ترتب أوراقها مع مجموعة دول البريكس BRICS في خطوات اقتصادية حثيثة نحو تأسيس نظام عالمي ثنائي القطبية منذ العام 2009..كانت أمريكا مع مجموعة حلف الأطلسي تتخبط في ترميم نتائج أخطاء ما اقترفت سياستها في العراق وافغانستان..ولم..تنتهي لنتيجة أكثر من تفاقم الكوارث وتداعيات أخرى تسببت في اندلاع حريق كبير شمل عدة دول في الشرق الاوسط لا تزال نيرانه تحرق الأخضر واليابس..ولا توجد ملامح أو مؤشرات تشير الى إستقرار الشرق الأوسط بسبب اختلال التوازن الاستراتيجي الذي أحدثته الولايات المتحدة الأمريكية،هذا الخلل الكبير خلق حالة من الرُعب والخوف لدى دول المنطقة وأباح لها التدخل السلبي في شؤون دول أخرى بذريعة الدفاع عن النفس واتقاء حالة الفوضى أو بدافع التوسع والهيمنة كما هو الحال في العراق وسوريا واليمن وليبيا. لا شيء يبيح لأمريكا بالتدخل وتحشيد قواتها العسكرية أكثر من دافع الهيمنة الإستعمارية و الدفاع عن الجاليات اليهودية التي تم استجماعها من شتى بقاع العالم وحشرها في مستوطنات ضمن كيان دولة لا تتجانس مع محيطها الإقليمي.. والأخطر من ذلك هو التجسيد الأسطوري لمشروع الحركة الصهيونية الذي أسس وجود هذه الدولة.. فهو مشروع ديني يتناقض مع منطق التاريخ ويعادي جميع الشعوب والأمم بمنطلقات عقيدته العنصريّة، ونظيف دون تردد أو ارتياب بأن جميع ما تمر فيه منطقتنا من حروب وويلات أو تردّي وتخلف يرتبط مباشرة بعامل وجود هذا الكيان المدسوس في جسد الشرق الأوسط..فلم.. يكن احتلال وتدمير العراق الذي تداعت له سائر أمة العرب إلا من حيث كونه يشكل خطرا حقيقيا كان يهدد وجود اسرائيل. لقد انتهى زمن الاستفراد بالقوّة وانتهاك محارم الشعوب بالاستيلاء على مقدراتها وفق أجندات فرض التبعيّة من خلال تثبيت أنظمة كارتونية تغلف بطيها أزلام حماية مصالح غير شرعيّة ولا أخلاقيّة،لم تعد الشعوب نائمة في سبات يسمح تمرير المخططات السريّة بدليل عجز وفشل الولايات المتحدة الأمريكية أن تخلق نظام دولة في العراق وأفغانستان. فيما يخص الأنظمة الباقية منذ القرن الماضي التي فرختها محاصصة الدول الاستعمارية بتنفيذ مؤامرة سايكس بيكو وما تلاها من اتفاقيات شرذمة التركة العثمانيّة.. هذه الأنظمة تحتضر ولا تكاد تتنفس إلا باستجداء الحماية الأمريكيّة، وهي تخشى شعوبها أكثر من أي عدو خارجي ولن تستطيع البقاء على قيد الحياة في ظلّ نظام دولي جديد يقوم على توازنات تضع في حسابها خلق استقرار لا يمكن تحققه إلا بتلبية مصالح وتطلعات الشعوب صاحبة الشرعية. فرضيّة العدوان والعدوّ لن تنتهي وعليها تضع الدول استراتيجياتها وستبقى السياسة تدور في أفلاك المصالح وإدارة التناقظات وأهواء البشر، سيستمر النموّ والانحطاط مع وتيرة تقلب مناخ وتصريف الرياح على مساحات التاريخ وجغرافيا السياسة للشعوب والأمم..أمّا.. التوازن فهو ينشأ عادة خلال الحُقب التي يهيمن فيها العقلاء من أهل الحكمة على مقاليد الدول والقوّة. قبل خطاب الرئيس الروسي المشار اليه في مقدمة المقال.. كشف وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس عن استراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية باعتبار الصين وروسيا أعداء في المقام الأول وبخطوة غريبة ومفاجئة تراجعت في وضع الإرهاب على أولويّة المواجهة! ..لم تمضي إلا أيّام فكان الجواب الروسي على لسان الرئيس وفقا للنسق البوتيني المتبجّح بالعظمة ليعلن قطبيّة الاتحاد الروسي بصريح عبارة التصدّي لأي تهديد نووي يستهدف روسيا أو حلفائها بأشدّ امكانات الرد وبما تعجز وسائل الدفاع عن التصدي لسلاح تم تطويره سريّا في روسيا ….؟ بعد هذا اليوم.. كيف سيكون شكل العالم ؟ على المدى القريب ستراجع قيادات الدول سياساتها ومصالحها الاقتصادية وتدرس الأخطار التي يمكن أن تحيق بها لتختار مع من تضع أيديها، وما الذي ينبغي للدول أن تتخذ من قرارات مصيرية واستراتيجيّة..هنا..لابد أن نشير بوضوح الى حجم الرعب والخطر المحدق بالدول المجاورة لروسيا خصوصا المنضوية تحت عباءة الاتحاد الأوربي، هذه الدول ستكون تحت مضلة الدفاعات الروسيّة ومشلولة القدرة العسكريّة ويمكن اعتبارها أرض حرام حسب قواعد الاشتباك العسكرية العامة، من الأفضل لهذه الدول أن لا تجازف في مصيرها ووجودها بوجوب التزام سياسة الحياد والنأي بالنفس عن كل سجالات التصعيد والصراع بين القوتين، لا يوجد خيار استراتيجي للمملكة المتحدة البريطانية سوى أن تكون مركز قيادة للتحالف الغربي الأمريكي إلا في حالة إستثنائية تبادر فيها دول أوربا بتشكيل قوة ثالثة لتفرض قطبيتها بمعزل عن السجال الروسي الامريكي، وهذا أفضل اختيار لكنه يتطلب اجراءات معقدة جدا على كل المستويات السياسية والاقتصاية والاستراتيجيّة. المرجّح أن كثير من دول العالم ستختار سياسة الحياد وعدم الانسياق خلف القطبين الروسي والأمريكي. فيما يخص الدول الهزيلة الفاقدة للإرادة والسيادة الحقيقية أو اتخاذ القرار..هذه.. الدويلات ومنها العربية ستبقى على حالها الموروث مستقلة شكليّا وتدور في فلك احد القطبين حسب تبعيتها الاستعمارية وربما تلجئ لخداع شعوبها بإعلان سياسة عدم الانحياز والحياد صوريّا. بالنسبة لدول أمريكا الجنوبية ستنقسم وفق ما تملي مصالحها حسب وضعها الاقتصادي والجيوسياسي بين محايدة أو متحالفة مع أحد القطبين. كذلك دول كثيرة أخرى في افريقيا وشرق آسيا ستنتهج نفس سياسة دول أمريكا الجنوبية. المعضلة الكبرى ستنتاب حال بعض الدول في تقرير وضعها السياسي والاستراتيجي مثل اليابان القريبة من روسيا والصين في آسيا أو ألمانيا ومملكة السويد في أوربا.. هذه الدول ستشكل أهم عامل في تقرير شكل توازن القوى في العالم، والمرجّح أن تتخذ سياسات مستقلة أشبه ما تكون عليه بيضة القبان وتلعب دورا كبيرا في الحفاظ على الأمن والسلم الدولي. شأن كندا واستراليا محسوم لصالح قطبية الولايات المتحدة الامريكيّة. ما تبقى سيحتاج الى تفصيل لا تستوعبه مساحة المقال ونترك للقارئ أن يجتهد في التصنيف حسب درايته. المؤكد أن التغيرات لن تحدث بدون ضجيج وما يرسم على الأرض يحتاج الى أدوات تعديل للمساحات.. كما تحتاج زراعة الحقول الى عملية حرث وتمهيد لسواقي تصريف المياه..ومثلما..تبرّع مؤججي الفتن في تشكيل منظمات الجهاد الأعمى سوف تجدد دوائر المخابرات سيناريوهات تمثيل مأساوية على مسرح الواقع ؟ أمّا الشعوب التي تعشق الطائفية وتقدسها على إيقاع تطبيل التاريخ في كل فصول أكاذيب وزيف مسلسلاته التراجيدية..حتما ستشاهد عروض جديدة تناغم جهالة انحطاط عقولها السجينة في ظلام سراديب الطائفية الدينية. إن العالم مقبل على حقبة تاريخيّة جديدة لا تنسجم مع العنصريّة بجميع عناوين تكشدقها الديني والعرقي والثقافي. لابد من التعايش والسمو الإنساني فوق جميع الميول والتوجهات التي تصادر كرامة الانسان وتسلب حريته وحقه المقدّس بالعيش الكريم ……..