ترتفع هذه الأيام بصخب مزعج أصواتُ السياسيين في العراق الجريح, باذلةً الجهد الكبير للأحتيال على الشعب وخداعه, لأعادة انتخابهم مرة أخرى.بعد تجربة مريرة دامت 15 عاماً مليئة بالفساد والأنتكاسات. التي أودت بالبلاد وأوصلتها لحالة يرثى لها من ضياع أرضٍ ومحافظات. وتسليمها لقمة سائغة لداعش الأرهابية, و فساد صار مضرب المثل بالعالم. أحزابٌ تآمرت على الشعب. وأمسكت بخناقه بقانون انتخابات مجحف فُصل على مقاساتها. لتسيطر دائماً على مصدر التشريع والقرار.وبكل وقاحة وابتذال واستخفاف بالشعب لم تقدم هذه الكتل والأحزاب أي مشروع قرار لتعديل قانون الأنتخابات إلا في أواخر الدورة التشريعية لكي تمرر الأنتخابات بالوقت المحدد دستورياً. ليبقَ الحال على ما هو عليه .وتعود نفس الوجوه الكالحة لمجلس النواب. الذي عجز عن تعديل قانون الأنتخابات أو الدستور المتعدد التفسير والقابل للتأويل مما تسبب في اضطراب الحكم والأمن وتدهور الأقتصاد وتخلخل الحكم وشجع على الأنفصال والعصيان والفساد.
فمجالس النواب هذه عجزت عن القيام بواجباتها التشريعية والرقابية. وأصدرت قوانين غدرت بالشعب كقانون العفو العام الذي أفضى من بين سطوره الى العفو عن الفاسدين. وأُطلِق بموجبه سراح العديد من الأرهابيين,كما صرح بهذا نوابٌ هم جزء من هذه المؤسسة الفاشلة.مجالس النواب التي تعاقبت شرعت قوانين رواتب وامتيازات لأعضائها وللدرجات الخاصة ونهبت البلاد.وابتز غالبية الأعضاء دوائر الدولة والمسؤولين بالأستحواذ على المقاولات والتعهدات دون تنفيذ حقيقي منصف بل عمولاتٍ سحتٍ حرام .
سمعنا العديد من التصريحات لمسؤولين كبار عن جدية محاربة الفساد. ولكن لم نرَّ محاكم جدية شفافة لكبارالفاسدين وحيتانهم الذين تسببوا علناً وجهاراً بسقوط الموصل ومحافظات أخرى, وفقدان الوطن أسلحة سلمت لداعش بمليارات الدولارات ,وآلاف من الشهداء وتهجير الملايين سكنوا الخيام بحالة يرثى لها .
ساسة سعوا وعملوا وثابروا ونفذوا أجندات خارجية حتى بات العراق دميةً بيد الغير. وجعلوا بلدنا متخلفاً دُمرت حضارته وتراجعت ثقافته واقتصاده وبات مَديناً عاجزاً.يعيش شبابه الأحباط واليأس والبطالة فجنح الكثير منهم لتعاطي المخدرات والألحاد والبعض للجرائم والجنح , بسبب فتح أسواقنا للمخدرات والبضائع الرديئة والخضر والفواكة والبيض والدجاج الفاسد و تفشي البطالة بعد أن أُفْرِغَت خزينة الدولة من مليارات الدولارات ولجوء الحكومة للأقتراض ورهن مستقبل البلاد وأجيالها.
رغم كل ما فعله هؤلاء المتسلطون الفاسدون من كوارث فهم يتشدقون ويدَّعون أنهم يحاربون الفساد. ولكنهم هم الفاسدون. ويتباهون بأنهم قدموا خدمات جليلة. وهم من ساهم بطريقة وأخرى في تفتيت المجتمع, وبنيته التحتية ,وسلمه المجتمعي, عندما أضعفوا قوة القانون. وشكلوا ميليشيات مسلحة تحدتْ الدولة والقانون.حتى باتت العصابات المنظمة تبسط هيمنتها و سلطتها المرعبة. فتخطف وتقتل وتأخذ الأتاوات في وضح النهار.
بكل غرور وغطرسة وبدون حياء يرقص هؤلاء على آلام الشعب وجراحه.
يتحدون الأخلاق والكرامة الوطنية. ويرشحون أنفسهم لعضوية مجلس النواب.حملات دعائية ديماغوجية سلاحها الترغيب والترهيب والوعود الشخصية والمناطقية الكاذبة ,دون أي برامج للأصلاح والبناء والتنمية. ونسوا وهم منْ يدعون الأسلام والتدين نصيحة المرجعية الرشيدة ((المجرب لا يُجَرَّب)).ونتيجة التجربة واضحة لا غموض أولبسٍ فيها دمارٌ وخراب.
ماذا حققتم للشعب سوى سرقة أموال الجياع, وغدرتم بالأرامل والأيتام والجياع ؟ أين المحاكم التي كان يُفتَرَض أن تقام بشفافية لمنْ تسبب بسقوط الموصل فشردَ الملايين وسبي الآلاف من العراقيات وأغتصاب القاصرات؟ أين محاكم الفساد لكبار وحيتان الفاسدين؟وهل قدمتم أحداً منهم للمحاكم؟
هل أقمتم مشاريع عملاقة أو دراسات تنمية تُذْكَر لكم ؟وهل ساهمتم في بناء مؤسسات ثقافية وعلمية ومستشفيات حديثة وطرق وشوارع ومدارس ؟ وهل حاسبتم من سرق عقارات الدولة من كبار المسؤولين وزعماء الكتل والأحزاب؟ وهل تمكنتم من معالجة أزمة المياه والكهرباء والخدمات المتدنية وترميم البنية التحتية؟ لقد أقمتم دولة دوائر مترهلة لا نفع فيها. تُعطل مصالح الناس ولا تقدم لهم أية حلول ومعالجات .بعدَ أن تسابقتم لنهب فرص التعيين والوظائف لحواريكم وأقاربكم, رغم علمكم بعدم كفاءتهم وتزوير بعضهم لشهاداتهم.فهل حاولتم بجدية إعادة هيكلة الدولة ؟أم إنكم ساهمتم وسعيتم لأقامة دولة مستهلكة غير منتجة, تعتمد على واردات النفط الذي يُسرق الكثير منه على مرأى ومسمعٍ منكم؟
لم نجنِ منكم سوى الخراب والفساد. الذي وصل لحد سرقة بعضكم المياه من الأنهر وحرمان آلاف العراقيين منها. وسرقة عقارات الدولة. أنتم تبيعون الهواء الفاسد للشعب وتنصِبون على الأمة فلا حقَ لكم بتمثيل الشعب فأريحوا الأمة من صخبكم المزعج. وكفاكم رقصاً على آلام الشعب وجراحة.فلا تتحدثوا عن انتخابات ومجلس نواب. فعَنْ أي انتخابات تتحدثون ؟إنها والله مهزلة المهازل.لقد شوهتم معنى الديموقراطية وأعطيتم للمجتمع الدولي صورة خادعة مضللة عن الشعب العراقي. وأفهمت العالم بتصرفاتكم واسلوبكم الهمجي أن شعب العراق لا تناسبه الديموقراطية, بل الحكم التسلطي الديكتاتوري. ولا يستكين إلا للعصا الغليضة.وتحاولون اقناع المجتمع الدولي انكم العصا الغليضة التي بدونها سيفلت زمام الأمن في العراق والمنطقة.حتى بات بعضنا لجهله يحن لحكم الديكتاتور.
ولا أدري هل سيبلع الشعبُ الطعمَ مرةً أخرى؟ ويعيد انتخاب هؤلاء الذين ضحكوا على الذقون ولم يفوا بعهد ولا وعد .أم سيستبعدهم ويُخرجهم من قبة البرلمان ومن حساباته؟وهل سينخدع الشعب بالبطانيات والمدافئ والموبايلات وحفنة من الدنانير والدولارات وكرات لعبٍ ودريسات رياضةٍ ويبيع ضميره؟
الكرة اليوم في ملعبك أيها الشعب الجريح. ولا بدَّ لك أن تعي الدرس, وما جرى لك.وخلاف هذا ستتفتق الجراح يوماً ما من شدة رقص هؤلاء. وستنزف الدماء بوجوه من يرقص على آلامك وجراحك .
غالبية الشعب كرهت هذه الديموقراطية المزيفة وكرهت رموزها. وهي تتطلع ليوم الخلاص من هذه الزمر التي ترقص على آلام وجراحات هذا الشعب الطيب.