22 ديسمبر، 2024 5:07 م

مع (كتابات) .. “ميرفت الخزاعي” : إن لم تستطع تغيير الواقع بيدك فبحرفك وهذا أضعفُ الإنسانية !

مع (كتابات) .. “ميرفت الخزاعي” : إن لم تستطع تغيير الواقع بيدك فبحرفك وهذا أضعفُ الإنسانية !

خاص : حاورتها – سماح عادل :

“ميرفت الخزاعي”، كاتبة عراقية، من مواليد “البصرة”، حاصلة على دبلوم معهد تقني/قسم حاسبات.

تكتب في مجال النثر القصة القصيرة جداً، القصة القصيرة، والشعر. صدر لها أول مجموعة قصصية بعنوان (حرير فراشة الحكايات)، وهي عضوة بـ”منتدى أديبات البصرة”.

إلى الحوار:

(كتابات) : كيف بدأ شغفك بالكتابة .. وكيف تطور ؟

  • ربما كان للقلم الذي تضعه الأمهات في مهود الأطفال الرضع، إحدى العادات المتأصلة في جذور تفكيرنا الاجتماعي، أثرا في جعلي أهوى الكتابة.. اعتدتُ في سني طفولتي تأليف القصص والحكايات كنوع من التسلية لقضاء الوقت حين لم تكن الألعاب بمتناول أيدي أحلامنا.. نبددُ نهارات صيفنا الطويلة الحارة بسكين مخيلتنا، فنرسمُ بحاراً ونقطعها بمراكبَ من ورق. يبدي معلمو ومدرسو اللغة العربية إعجاباً بأناقة لغة موضوعاتي وجمال مفرداتها في مادة الإنشاء، (التعبير)، مما يجعلني أحظى بعلامةِ كاملة وحسد وغيرة زميلاتي. وولعي بالقراءة دفعني لإدخار مصروفي اليومي لشراء الكتب وقصص الأطفال، فللحروف مذاقُ الحلوى.

ابتعدتُ عن الكتابة لفترة قصيرة من الزمن بسبب مشاغل الحياة وارتباطاتها، لكن الكتب ظلت النافذة التي تمدني بالهواء النقي رغم تلوث جو الحياة، ومنذ أن عاتبني ذلك الصديق القديم.. القلم، حتى أسرعت أناملي لإحتضانه.

(كتابات) : في مجموعة (حرير فراشة الحكايات).. لما تميلين إلى التكثيف والإيجاز ؟

  • يعد التكثيف والإيجاز والترميز من أهم سمات القصة القصيرة جداً، والتي يطلق عليها اختصاراً بالـ (ق. ق. ج)، وأحد أركانها الرئيسة، ولما كان للكلمة مدلولات متنوعة في عالم الأدب فقد اقتضى بناء هذه النوع من القصص على الجمل القصيرة ذات دلالة لغوية وعميقة المعنى كونها تحاول إيصال فكرتها ورسالتها بأقل عدد ممكن من الكلمات، فهي تعمل على اصطياد اللقطة ومن ثم كتابتها على الورق لتترك ثقل وقوعها في نفس القارئ، غالباً ما أميل لهذا الأسلوب واعتمدته في القسم الثاني من مجموعتي، (حرير فراشة الحكايات)، حيث يفتح برمزية صوره أبواباً لتأويل النصوص فيتيح للقارئ التفاعل معها. وكما يؤكد “رولان بارت” على أن النص بتعدد معانيه وإشاراته يكون متعدد القراءات، فهو لا يحيل إلى فكرة (محددة)، والقارئ مبدع جديد إلى جانب صاحب النص.

(كتابات) : في مجموعة (حرير فراشة الحكايات) تناولت هموم المرأة وأنماط لشخصيات نسائية.. حدثينا عنها ؟

  • كوني امرأة ربما دفعني ذلك لتخصيص المساحة الكبرى من النصوص للتعبير عن المرأة، (مشاعرها، بعضاً من قضاياها)، فأغلب شخصيات قصصي مستوحاة من الواقع الحقيقي وأحياناً الإفتراضي، أرهفُ السمعَ لأصواتٍ تحاول الخروج من قوقعة العرف والعادات الاجتماعية والتقاليد الموروثة، أرفعُ النقاب عن هموم ومشاكل ظلت حبيسةَ غرفِ الحياة الضيقة. يلج قلمي عوالمهن فيشاركهن مجالس أحزانهن وموائد فرحهن، إن لم تستطع تغيير الواقع بيدك فبحرفك وهذا أضعفُ الإنسانية.

(كتابات) : هل تمثل كتابة القصة القصيرة بالنسبة لك بداية في عالم الأدب أم ستركزين عليها ؟

  • لا يمكن كبح جماح الأفكار ولا تكميم الحروف التي تحاول التعرف على خبايا عالم الأدب، أترك لها حرية التجوال، فوراء كل شجرة أو واحة أو جدول، وخلف كل بيداء تنبثقُ فكرة، تحب فراشة قلمي التحليق في غابة الأدب فتداعب زهوره المختلفة آملةً أن تحظى بأريجِ أو عبق آخاذ.

(كتابات) : هل واجهتك صعوبات ككاتبة ؟

  • كامرأة تسعى لإيجاد ذاتها والتعبير عن ذوات غيرها عبر الحرف، مررتُ ببعض الصعوبات، أهمها نظرة المجتمع القاصرة للأدب عموماً وللمرأة خصوصاً، حيث عده كثيرون رفاهية ووسيلة لتبديد الوقت، وفيما إن تجاوزنا تلك النقطة فستظهر هناك قيوداً تتعلق في طرح واختيار موضوعات القص أو الكتابة. المرأة مناضلة كيفما كانت فما بالك حين تكون أم وزوجة وموظفة وكاتبة في آن واحد، الحياة ميدان حرب ومعارك دائمة لتحقيق الثبات والإثبات. والكتابة متعة لا غنى عنها، وإذا ما رمت الجمع بين المتعة وخوض الحرب فعليك تحشيد حواسك وطاقتك والتحايل على الزمن لسرقة بعضاً من دقائقه الثمينة.

(كتابات) : ما تقييمك لحال الثقافة في العراق والعالم العربي ؟

  • هناك تطور في المشهد الثقافي في العراق والعالم العربي لا يمكننا إنكاره، ورغم أن السوق الأدبية تغرق بالكتب، لكن تبقى الكلمة هي الفيصل.. هناك حركة ثقافية وأدبية دائمة والكتاب والقراء جزء من هذه الحركة، واعتقد كما لاحظنا أن الكاتب والقارئ العربي يسعى لمواكبة التقدم الحاصل في مجالات الأدب ولذا بات حريصاً على تقصي الأعمال الجديدة ومتابعتها وإبداء رأيه فيها، عبر مشاركته في الجلسات والنقاشات التي تحصل حولها افتراضياً أو واقعياً.

(كتابات) : هل ساعدتك وسائل التواصل الاجتماعي في الوصول للقراء ؟

  • كان للمجاميع الأدبية والثقافية التي شاطرنا أعضائها حب القراءة وتذوق النصوص، أثراً في ولوجي لعالم الأدب المغري والتعرف على العديد من شخصياته افتراضياً ومن ثم واقعياً. لا أنكر دور وسائل التواصل الاجتماعي ومساعدتها في إتاحة الفرص لمحبي الكتابة أو ممن يمارسها للانتشار على رقعة جغرافية أدبية أوسع وأشمل فهي تساهم في تلاقح الأفكار ومشاركتها مع الآخرين وتفاعلهم معها سلباً أو إيجاباً بما توفره من إمكانية وصول مادتك الأدبية أو منتجك إلى أكبر عدد من القراء.

لكنها لا تكاد تخلو من مساوئ؛ فهي أيضاً سلاح ذو حدين عندما تتيح لبعض ضعاف النفوس إمكانية السرقة أو الإستيلاء على بعض الأفكار، النصوص، النتاجات الأدبية (تقليدها أو تزويرها).

(كتابات) : ما رأيك في الكتابات التي يطلق عليها نسائية والتي تتحدث عن حقوق المرأة ؟

  • لا أميل إلى تصنيف الأدب ذكورياً أو نسوياً، لأن الأدب رؤية إنسانية لا تنتمي إلى المذكر ولا إلى المؤنث. وبعد أن كانت المرأة موضوعاً للكتابة، (يكتب عنها وحولها في القصص والروايات)، في كتابات الرجل، باتت تشارك الرجل الخطاب بل وتكتب له وعنه. فلقد سعت المرأة للمطالبة بحقها في أن تكون مسموعة ومقروءة في آن، أن تكون منتجة.

(كتابات) : في رأيك هل لابد أن يكون الأدب ملتزم بهموم المجتمع وقضاياه ؟

  • لا أظن بأن الأدب وجد من أجل إمتاع الناس فقط.. بل أن هناك جانباً وظيفياً له يتمثل في كونهِ مرآةً للواقع ولسانُ حال الشعوب، يعبرُ عن أحلامها، طموحاتها، تطلعاتها نحو المستقبل، موثقاً لماضيها بكل حسناته وعثراتهِ. هو حامل رسالة ورسول سلام أو نذيرُ حرب. لذا حرص الأدباء، (شعراء وكتاباً وغيرهم)، منذ أول بدايات ظهوره والى يومنا هذا، على مماهاة الحياة ومحاولة الكشف عن مواطن الجمال أو الإشارة إلى مباعث القبح.

(كتابات) : هل تجد القصة القصيرة قبولاً من القراء في العراق ؟

  • لا تزال القصة القصيرة تحتل مكانة كبيرة في الوسط الأدبي، وقد توسعت بعد التغيير وظهرت أسماء كثيرة ومتميزة في هذا اللون الأدبي بسبب الانفتاح الكبير على الآداب العربية والعالمية، ولعل لخصائص القصة القصيرة التي تعتبر من الفنون النثرية السردية أثر في التوجه لكتابتها لأنها تعتمد الإيقاع السريع، والذي يتماشى مع إيقاع العصر ولكونها تعتمد حدث واحد وشخصية محورية واحدة، وهي إحدى وسائل نقد الواقع، والسخرية منه.

القارئ العراقي، قارئ نهم يحب التزود من فنون الأدب المختلفة، وهو يمتلك خزين تجارب أدبية، حيث أطلع على العديد منها فسماء الأدب العراقية تسطع بنجوم القصة القصيرة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة