الصدع الثاني
رميت النرد ثانية
وكنتُ به مغامرا
على طاولةِ الحظِ
اعلل النفسَ
عسى صفو الحياة
يُعيده نصفي الثاني .
كانت النار في قلبي
احرّ من الضرامِ
ودبيب السنواتِ
احالني الى شيخٍ
أحلامه أضغاث أحلام ,
في ديار ظالمةٍ ,
أضاع مني ..
أول نصف من وجهي القاني .
ووجدت , مالكة عيني
وكانت اشهى من اللبن
والذ من شرب الزبيب
على ريق ملحدٍ غريب
وارقُّ شادنٍ
هزَّ كياني .
حين دنوت منها
شممتُ عبيرَ ..
شكوةِ المسكِ , عربيٌ
مكتسٍ بشقائق النعمانِ .
فأخلجني قلبي
وانا التائه بعد النوى
فحسبتها عانية , حبيبة
وقرّة لعينٍ
أعياها الزمانِ .
لكن قلبي الكهلُ
قد جانبه الحكم
ومسّه بارقٌ , جدب
بلاني بالذي دهاني.
ويوم كانت في رمضان
حبيسة أيام الخطبة , إذ ذاك
فطرنا بأغذى زاد
وجمعنا في العيون
أزهار الأماني .
وكانت عصفورةً غضة
على غصن زغبٍ
ثم انجمعنا بعرسٍ ,
وآه من العرس
به إندست سحائبا سود
على أريكة لغوٍ وغضبْ ,
وزلات من سوءات اللسانِ .
حتى أبرق الشامتُ ,
للقاصي وللداني , وجهه
ليبرق في حضرة الشيطان
ميلاد صدعٍ آخر
أتى من ينبوعه الأول
سعيا لنصف عمري الثاني .
لكننا بقينا على نبرات الحب , متحالفين
حتى علا الشيب رأسينا
ونحن في لهوٍ وفي صخبٍ , نجاري
رقصة المهر بعِنَانِ .
لكن حدأة الفأس ,
لا جزاها الله , خيرا
ربضت في بيتنا
بلا إباء , ودم بلا لجام
وراحت تصدّعنا
حتى رمتنا الى هجرانِ .
وهزَّ الحظ رأسه , أسفآ
على شامتٍ ساحر, دانِ
أطعمتُها كل شيء
كفّيت به بيتي
في دجى ونهار
وأعرضتُ عن كل أحزاني , بتفائلٍ
لأجاري حزنها
ولم أدرِ أنها يوما
تقطّع كل حبل متين
بيننا , جاهدة على القطعِ
يشاطرها أخ ضجيع ..
سيء الطبع باللسانِ .
وتهرّأ زمام الود
وبانَ بعد الحادثات ,إكتئاب
وتردّى الحب البريء
وجار عليَّ نفرٌ جبانِ .
أتو عشيّآ بأصل القمامة , وخالصة
أنهم خِساس ذبابٍ , غاوٍ
أناب عن حرمسٍ
ليذود عن ضجيعٍ تمادى
برزءٍ على إثمٍ
فأقحمهم وألّبَهم ب ” دكة ”
حتى دنا طنينها الأعتاب
ولم تُفزع سحلية ,
أو أهتز لنا مخاط شيطانِ .
وفرّوا بخزيهم ,
على ظهر بهيمة , مستضيمة
تمشي بخذلانِ .
وكانوا – لا جرم – ذباب
سأموا البعد عن النفاية
وأستكملوا النفاق ببرهانِ .
وأدبر حبي الذي ..
كنت أظنه مورقآ ,
وبدا النرد كاشح خوّانِ .
وأنقطع خيط المودة , بيننا
وجازى العين , بالهجر
وساء العهد
برمي سهام الكره
في صدري الحنّانِ .
أين الوفاء الذي حلفت به
أين البر في فضل البنانِ ,
وقد حَمَلت ماء وملحآ
وجزت بالطعام
كل مكانِ ,
لكن الدنيء هالك ..
في مآربه ,
لا يحوي الثناء
من أعواد فعاله
والمفصح بالحب , يكسبه
وينجو في دهره
وفي آخرتهِ ..
أمرُه سيّانِ .
فتركت النرد
وتأوهتُ من صروف الدهر
وحملت صدعي , على مقتٍ
أجوب به المجالس
أجالس من أفرد قلبه ..
عني بهجرانِ ,
وأواسي النفس بأخوان حفظت لهم
عهد الأخوة
وبذلت لهم كل إحسانِ .
فقالوا سهامي لم تصب
في الدنيا , غيرهم
فمرحى لصدعيك
ستلقى منا الفعال الحسانِ .