خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد أن فشلت واشنطن في إدانة إيران بمجلس الأمن لحظر نقل السلاح إلى اليمن بسبب “الفيتو” الروسي، لم تخل جعبة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، من وسيلة جديدة يمكن أن يستخدمها ضد إيران، فقد كشفت مصادر أميركية أن “ترامب”، قد طرح 3 شروط جديدة لتعديل الاتفاق النووي بدلاً من إلغائه، بالإضافة إلى التعديلات التقنية التي طالب بها سابقاً.
وقد تضمنت الشروط الإضافية لتوسيع نطاق الاتفاق النووي، تعهدات من إيران بوقف إنتهاكات حقوق الإنسان؛ وإيقاف الهجمات والتهديدات الإلكترونية؛ وتجميد الأنشطة الاقتصادية لـ”الحرس الثوري”.
تمديد الاتفاق مشروط بتنفيذ المطالب..
صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية نقلت عن مسؤول أميركي قوله إن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، اشترط تمديد الاتفاق النووي بتنفيذ هذه المطالب الثلاثة، بالإضافة إلى المطالب السابقة المتمثلة بوقف إيران إنتاج وتطوير واختبار الصواريخ “الباليستية”، وسحب قوات “الحرس الثوري” من دول المنطقة، وإمكانية تفتيش جميع المواقع النووية في إيران من قبل “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، وتعديل بند “sunset”، (الغروب)، الذي ينص على أن البرنامج النووي الإيراني يمكن أن يستأنف مرة أخرى بعد 10 أعوام.
إيران تلوح بالإنسحاب من الاتفاق..
فيما لوح “محمد باقر نوبخت”، المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، أن الحكومة الإيرانية أعلنت موقفها في العديد من المناسبات حول خطة العمل المشترك الشاملة، وفي حالة لم تؤمن إيران مصالحها الوطنية، لن تظل في الاتفاق النووي للحظة واحدة.
وبحسب ما ذكرته وكالة أنباء (إرنا) الإيرانية؛ قال “نوبخت”، خلال مؤتمر صحافي، إن هذا ليس موقفاً فردياً، بل هو موقف النظام ككل، موضحاً أنه موقف حاسم لا رجعة فيه، وإذا لم تتوفر الشروط التي تتفق مع المصالح الوطنية لإيران، فلا داعي لاستمرار هذا الاتفاق.
رفض روسي للتغيير..
كما أكد وزير الخارجية الروسي، “سيرغي لافروف”، أن روسيا تعارض تغيير خطة العمل المشترك الشاملة، (الاتفاق النووي الإيراني)، موكداً على وجوب تنفيذ هذا الاتفاق الدولي بصورةٍ كاملة.
ووصف “لافروف”، أثناء مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي، “جان إيف لودريان”، محاولات تغيير اتفاق إيران النووي بالخطيرة للغاية، مشدداً على ضرورة حل جميع المسائل المتعلقة بإيران عن طريق التوافق.
مشيراً إلى ضرورة تطبيق خطة عملٍ شاملة مترتبة على اتفاق إيران النووي، ودعا “لافروف” إلى حل قضايا متعلقة بإيران على أساس التوصل إلى التوافق وليس عن طريق “الإنذار النهائي”.
ولفت وزير الخارجية إلى نشاطات مجموعة عمل بين الاتحاد الأوروبي وأميركا بشأن الاتفاق النووي، وقال أنه سيتلقى المعلومات المتعلقة حول تفاصيل هذا الموضوع من نظيره الفرنسي، مؤكداً: “أن الذين يريدون اتهام إيران أو إرغامها للتراجع عن مصالحها بأنهم لا يتمتعون برؤية منصفة”.
مهلة لمراجعة الاتفاق..
كان الرئيس الأميركي قد منح مهلة 120 يوماً للحلفاء الأوروبيين لمراجعة الاتفاق مع إيران، مهدداً بالخروج من الاتفاق إذا لم يتم إصلاحه بنهاية المهلة التي ستنتهي في 11 أيار/مايو المقبل، بينما تهدد إيران بالعودة إلى الأنشطة النووية إذا ما خرجت أميركا من الاتفاق.
وتعثرت جهود كل من “فرنسا وألمانيا وبريطانيا”، منذ أشهر، لإقناع الرئيس “ترامب” بالتراجع عن نيته لإلغاء الاتفاق الإيراني، وأعلنوا عن قبول إيران بمفاوضات حول برنامجها للصواريخ والتخلي عن دعم الإرهاب والتدخل الإقليمي.
وإذا ما تمكن الأوروبيون من التأثير على إيران لقبولها الشروط المطروحة، فإنهم يأملون في أن يوافق “ترامب” على الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015، الذي قال إنه “أسوأ اتفاق” توقعه أميركا.
أبدت مرونة تجاه الشروط الجديدة..
حول الشروط الجديدة؛ يبدو أن إيران أبدت مرونة تجاه مناقشتها نتيجة الضغوط، حيث أوقفت مؤقتاً اختبار الصواريخ “الباليستية” من قبل “الحرس الثوري” الإيراني.
وحول الأنشطة النووية المشبوهة، فقد كشف تقرير، صدر مؤخراً عن مفتشي “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، أن إيران قد إلتزمت بتجميد تخصيب “اليورانيوم” ووقف الأنشطة المثيرة للجدل، وأكدت الوكالة على أن طهران ملتزمة بالبنود التقنية للاتفاق.
إشارات بالإستعداد للتفاوض..
أرسلت حكومة “روحاني” إشارات إلى الغرب والولايات المتحدة حول إستعدادها للتفاوض، حتى إن وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، ومساعديه أظهروا خلال العديد من المقالات والمقابلات والاجتماعات السياسية والأكاديمية إستعداد حكومتهم لمناقشة المشاكل المتعلقة بالبرنامج الصاروخي.
بند “الغروب” يضعف موقف حكومة “روحاني” أمام المتشددين..
لكن بالرغم من كل هذه التنازلات يبدو أن شرط تعديل بند “الغروب” ومطالبة واشنطن باستمرار الحظر على البرنامج النووي الإيراني حتى بعد انتهاء الاتفاق، يعد من أصعب الشروط الذي يضعف موقف حكومة “روحاني” أمام المتشددين في إيران.
سيدفع بإتجاه الخروج من الاتفاق..
أما الشروط الأخرى؛ خاصة مسألتي إنهاء تدخل “الحرس الثوري” في الاقتصاد ودعم الإرهاب في دول المنطقة، وقضية إنتهاكات حقوق الإنسان، فهي من القضايا التي من الممكن أن تجعل التيار المتشدد، وعلى رأسه المرشد الأعلى، “علي خامنئي”، أن يدفع بإتجاه الخروج من الاتفاق النووي كما هدد مرات عدة.
اغتيال لطموح “روحاني” في الحصول على منصب المرشد..
يرى الباحث في الشأن الإقليمي، “إسلام نجم”، أنه من المؤكد أن الرئيس “ترامب” يعلم أن إستجابة الرئيس “روحاني” لتلك المطالبات معناها اغتيال لطموح “روحاني” يوماً في الصعود إلى كرسي الحوزة ومنصب المرشد العام، لأنه ينزع آخر ورقة توت من “الحرس الثوري” الإيراني، صاحب النفوذ الأكبر في مسأله اختيار المرشد، الذي يعد هو المحرك الأول للحرس، وأيضا يعلم أن “روحاني” يعتبر أن الاتفاق النووي هو أبرز إنجازاته التي سوق لها داخل إيران بأنها ستفك الحصار وتجذب الاستثمارات، وبالفعل خففت الضغط عن إيران وسمحت لها بالعبث في سوريا والعراق واليمن ولبنان بكل أريحيه في ظل إنزعاج سعودي شديد، لاسيما من ولي عهد المملكة، “محمد بن سلمان”، والذي ألمح إلى أن ما يحدث في إيران من تظاهرات جزء منها صناعة سعودية؛ وهو ما أضر بالتظاهرات، وأيضاً تصريحات “ترمب” ساهمت في تخوين المتظاهرين.
يقطع اليد العليا لإيران ويسحبها إلى نطاقها الجغرافي..
أضاف “نجم”؛ أن القبول بشرط تخفيف التدخل الإيراني في المنطقة وسحب الأنشطة الاقتصادية من “الحرس الثوري”؛ تعني أنه يقطع اليد العليا لإيران ويسحبها إلى نطاقها الجغرافي، وهو ما لم تسمح به النخبه الإيرانية الحاكمة، سواء لـ”روحاني” أو لغيره، وهو أمر سوف يسبب اضطرابات قد يعقبها خلع الرئيس وحكومته وإشعال الأمور في إيران، وإيران ترفض بشدة التلاعب الأميركي في ملف حقوق الإنسان وتصر أن هؤلاء متآمرين سعوديين أو إسرائيليين ودول أخرى، وهو ما يعزز موقف “الحرس” من التصدي لتلك التجاوزات، كما اسمهوها اضطرابات داخلية.
مؤكداً على أن “ترمب” يعلم أن إيران لن توافق، وهو ينتظر هذا لمزيد من تسخين المنطقة حتى يربح نقاط في معركته داخل البيت الأبيض، التي تقترب من الحسم في غير صالح “ترمب”.