كلنا على علم تام و متيقنون من اسباب و ماوراء التصعيد المتعمد للازمة الحالية بين الاقليم و المركز العراقي في هذا التوقيت الذي اختاره المالكي بقصد، و انها معلوم الهدف وهو من اجل ان ينفذ بجلده من الجانب السياسي، و هو يعتقد بانه يخرج بهذه الطريقة من الوحل الذي اوقع نفسه فيه دون مبرر، او اوقعته دائرته وهو لا يعلم، و لكن على الرغم من انه تبين له مبكرا بانه لم يكن دقيقا في حساباته فهو مصر على غيه، و استوضح للجميع بانه لم يعتبر من التاريخ القريب حتى، و انه لم يعلم او لم يلقى الوسيلة التي تدله الى الطريق المناسب في ترشيده و بيان الوضع العام، و اوضع للجميع بانه ابتعد عن الواقع . احتسب معادلاته عن ما اقدم عليه اثناء فترة حكمه و لكنه لم يقدر على المقارنة بشكل علمي واضح بين القضايا المختلفة، و احتسب بانه يعيد تجاربه مع الاجزاء الاخرى من العراق و يطبقها على اقليم كوردستان، و لكن دون ان يلتفت الى الامس القريب و ما فرضه الامر الواقع من العقدين من الزمن من استقلال التام لاقليم كوردستان غير الرسمي على ارض الواقع مع العراق على الرغم من كل الحصارات الداخلية و الخارجية التي فرضت عليه، و المالكي يعرف قبل غيره جبروت نظام صدام الدكتاتور مقارنة مع ما يتمتع به هو من القوة القليلة التي اغترته، مع العلم انه حتى انكر الفضل لذلك الاستقلال الذي تمتع اقليم كوردستان به عليه و على مسيرته الشخصية من كافة النواحي .
اننا نتذكر جيدا تعامله مع اهل الغرب و الوسط من السنة و نجاحه النسبي فيه شيئاما و بتعاون مجموعة من المصلحيين و بدعم امريكا الذي ينكره اليوم، و نعرف كيفية مجابهته مع كتائب اهل الحق و نجاته من انقاذ حتى راسه بالصعوبة البالغة رغم دعم امريكا ايضا، و نعلم ايضا سياساته البراغماتية و طريقة ترنحه بين حضني امريكا و ايران و وصوله الى ما هو عليه اليوم و ما اعتمده حتى اضراره باقرب الاصدقاء و رفاق دربه من حزبه من اجل مصلحته الشخصية فقط . ان كان صراعه الداخله مع رفاقه في حزبه بهذا الشكل، و هذا ليس من شان الشعب العراقي التعليق عليه لانه هذا من شان رفاقه محاسبته، الا انه بتلك الروحية و الطريقة و الجوهر يريد السيد المالكي تطبيق ذلك التوجه و تلك الافعال الحزبية وما نجح فيه داخليا في حزبه على الشعب العراقي جميعا من خلال منصبه كرئيس لمجلس الوزراء، و هذا ما يفرض وضع حد حاسم له بسرعة ممكنة . ان المالكي اخطا كثيرا و نجح في التهرب او الخلاص من العقاب الذي كان من المفروض ان يواجهه، نتيجة الظروف الموضوعية التي انقذته من الانغماس و تعلقه في الوحل .
اليوم وبعد ارتكاب السيد المالكي الخطئين الفاضحين من حيث انكسار شوكه عند تراجعه عن الغاء البطاقة التموينية رغم اصراره على ما اقره، و انه زاد الطين بلة عندما اُُكتشف الفساد في صفقة الاسلحة الروسية و أُعلن على الملا من قبل روسيا قبل العراق، و هكذا يحاول المالكي لفت النظر بشكل مكشوف رغم رفع الغطاء عن فساد اخر و هو عملية شراء الاسلحة الجيكية قبل الاسلحة الروسية و ما جرى خلالها و المشتبه به هو و المقربين منه . بعد كل تلك الفضائح يشعر المالكي بانه خسر النسبة الكبيرة من رصيده و خاصة عند ابناء جلدته وهو كان يطمح في الحصول على الاغلبية، و كان يعمل ذلك للانتخابات النيابية المقبلة من اجل تشكيل حكومة الاغلبية بنفسه، و كما لوح بنفسه و من حوله من خلال تاكيدهم على ترشيحه في الدورة المقبلة . فاليوم و بعد كل تلك العقبات التي تواجهه من فعل يده يحاول و من معه تعويض ما تفوته من صوت الشيعة باية وسيلة ممكنة( وهو متاكد من عدم حصوله على صوت كوردي واحد) فيتخيل بان اقرب الاحتمال هو الصوت السني المتشتت، و لهذا توجه الى دغدغة الحس القومي و يحاول بكل الوسائل جلب انتباه السنة بالسياسة و المال . اكد هذا القول بالحرف الواحد اثناء لقاءاته الصحفية و تصريحاته و اخر ما اكده على هذا التوجه هو قوله بان الشيعة هم من ساعدوا صدام على حكمه الدكتاتوري الجائر ايضا و ليس السنة لوحدهم، و من كان يدقق في ملامح وجهه نفسيا فهو يستنتج ما اكد عليه بانه فضح ما بداخله و كشف نفسه للمواطن البسيط دون ان يعلم ان الشعب العراقي اكثر وعيا من تلك التكتيكات و الدوران حول الحلقة المفرغة، وهم اعلم بامور السياسة وليس له الحق ان يستهين بهم بالكلمات المنمقة الزائفة . بعدما تيقن الرجل بان مواقف الكثير من الجهات الخارجية و الداخلية تغيرت نحو و لم يفده الصراع الاقليمي الدائر بشيء الا ما عقٌد له امره فانه اراد التلاعب بالالفاظ و اللعب بين المتصارعين و المتحاربين، و فشل في ذلك ايضا و كشف نفسه و ولى امره لسيده بسرعة فائقة ايضا .
بخلق السيد المالكي هذه الازمة ان كان بعلمه او هناك من ادخله فيه فادخل نفسه في النفق المظلم، سواء اوصلها الى الحرب او تراجع عنها، فانه الخاسر بكل معنى الكلمة و من الجانبين . و هذا ما يدلنا الى انه غرر به و كيف لا و هو لا يعلم بان المواجهة مع الكورد عواقبه وخيمه و كم قبله دفع ثمنه و ان ضحى الكورد بكل شيء من اجل اهدافهم الحقة. و وفق كل المعطيات و ما يمتلك الكورد اليوم من الموقع السياسي والقوة الثقل السياسي قبل العسكري وما لديهم من الاوراق السياسية الاقتصادية التي تفرض تنازل المالكي حتى الركوع او الانتحارالسياسي، و كل الاحتمالات ليس لصالحه، بل الاقل خسارة هو تراجعه مع بقاء ماء الوجه و عليه ان يواجه التهميش في الحياة السياسية لمدة غير قليلة. سفك الدماء الغزيرة المتوقع لن يدع خروج المالكي بسلام و في هذا العصر بالذات، ومن المتوقع ان تهيج كافة المكونات العراقيةعليه في تلك الحالة التي يريد الوصول اليها لانه سيخرب البيت العراقي بعدما اعتقد هذا الشعب المسكين المغلوب على امره بانه يعيش بامان و يبتعد عن الحرب. و اخيرا يجب ان ان نقول حقا ان للماكي الفضل اليوم من تقريب الوجهات الكردية وهو من وحد البيت الكوردي بافعاله و تهديداته و تصريحاته و ما استند عليه من اثارة النعرة القومية و الفاظه من نطق الحرب بانه بين الكورد و العرب، و حتى النظام الدكتاتور العراقي البائد كان يسمي حربه بانها مع المخربين و ليس الشعب الكوردي كما يفعلو يلفظ المالكي اليوم . و هذا ما دفع المخالفين مع سلطة حكومة الاقليم ان يتوحدوا و يدافعوا بقوة و حرارة عالية عن الاقليم .
لذا، اننا نستنتج من ذلك ان المالكي قد خطى خطوة خاطئة جدا هذه المرة، و يجب ان نقول ان نتيجة تلك المغامرة المالكية واضحة المعالم جدا منذ اليوم و من المتوقع و بنسبة كبيرة بانه لن يخرج منه سالما معافاة، و تنكسر الجرة هذه المرة على راس صاحبها و عندما يحرق الاخضر و اليابس فانه ينهي حياته السياسية عند حدود كركوك فعلا .