اساطير الاولين في البلاد القديمة خصصت لكل شيء رب , ومن ابرز الاولين هم سكتان الرافدين اضافة الى من لحقهم من مصريين ويونان وغيرهم …. في النهرين وبلادها كان للحب وللجمال وللقوة اربابا مختلفة حسب اعتقادهم , لكن لم اسمع لهذه اللحظة ان للنار اله في قاموس الاولين ممن سكنوا بلادنا , وقد يكون هذا بسبب ميلهم الى الحياة والاستقرار حيث انهم تميزوا بصناعة الحياة والعمل على الارتقاء بها فكانوا يبحثون عن اسباب السعادة ويبتعدون عن اسباب الدمار والخراب , وبطبيعة الحال ليس هناك اكثر قدرة على احداث الدمار من النار فهي تحرق الحياة باسرها .
بعد اكثر من سبعة الالاف سنة يولد الهاّ للنار في بلاد ما بين النهرين , اله مقتدر يستطيع ان يحرق الاخضر واليابس , انه اكثر عملية من الهة القدامى , فهم كانوا يعزون الظواهر الطبيعة الى اسماء غيبية سموها الهة دون اي وعي او تفكير , اما هذا الاله الذي نحن بصدده فهو يتوعد ثم يفعل , يهدد بالحرق ثم يحرق , وقد خافه الناس وحذروا من غضبه وحاولوا اتقاء شره بشتى الطرق … قد يختلف عن الهة القدامى فهو يأكل ويشرب ويتكلم , ينام ويصحو وباختصار انه بشر مثلنا وبغه لا يسبه الحرق المباشر بل له من يقوم بالمهمة نيابة عنه .
دخل مقتدى الصدر (اله النار ) السياسة بصفة اله وهذا ما يجب ان يدركه الجميع ويتعامل وفقه (حسب رأيه ) , فمن يدخل السياسة يتعرض للنقد والتجريح الا هو فعندما تقال كلمه تنصفه وتسوؤه فأنه يوعز لزبانيته ليعلنوا ان الههم غضب وسيحرق , حتى صارت هذه الوظيفة عنوانا بارزا , فما ان يتشاجر اثنان في محافظة او منطقة معينة حتى تحرك الزبانية واعلنوا عزيمتهم الالهية على حرق هذه المنطقة او حرق البلد بأسره ان اراد الههم ذلك !!
واخر هذه الشطحات الشيطانية كان هذه الايام عندما رد رئيس الوزراء المالكي النقد الموجه اليه من مقتدى بنقد يوازيه ولا يفوقه وهو حق مكفول , ادى هذا الرد الى اغضاب مقتدى اله النار فتحرك الزبانية ليعلنوا قدرتهم على حرق العراق واقدامهم على الحرق ان تطلب الامر ذلك .
لم تكن الردود التي يمارسها هؤلاء ترتقي يوما لتدخل ضمن ممارسات الانسان السوي الذي يخطئ , بل نجدهم حارقون سارقون سالبون ناهبون . والا ما ذنب من سيطالهم الحرق بصراع ثنائي بين رجلين على مصالح زائلة اليوم او غدا ؟
ان من يسيد نفسه بهذه الطريقة السمجة لا يستحق ان نسأله او ندعوه للكلمة السواء التي يدعو لها الاسلام , كما يخرج من حسابنا الذين يسيرون بهذا الطريق الذي زينه لهم الشيطان ناسفين كل القيم السماوية مقدمين رغبة شخص تميز بحمقه على وصايا الله في الانسان مهما كان لونه او دينه .
ان هذا الصنف من الناس ورد ذكره في القرءان الكريم في عدة مواضع تحت وصف من اتخذوا من دون الله الهة , فليس بالضرورة ان يكون الاله صنم بل هناك اصنام بشرية تشترك مع الاصنام الاخرى في امور كثير الا انها اشد ضررا من تلك الجمادات , ومقتدى الصدر ابرز هذه الاصنام ولعله كبيرهم الذي لا يعقل .
واخيرا اعتقد ان رجوعهم الى طبيعتهم في الحرق والقتل كانت لأسباب كثيرة اهمها عدم قدرتهم على الاستمرار بنهج خالي من الدمار والخراب والحرق فقد صارت سجاياهم مضادة لتعاليم السماء والارض والقيم الخيرة واصبحوا يمثلون دور الشر وارتضوه منهجا . والسبب الاخر هو ادراكهم افولهم المستمر وضعفهم الذي سيؤدي في قادم الايام الى تلاشيهم وحسب المؤشرات التي تؤكد ذلك مما حدا بهم الى محاولة اشعال النار مع من يتجاوب معهم كي تستمر الامور بهذا الشكل المريح لهم والمحبذ لدى خصهم العاشق للأزمة .