24 سبتمبر، 2024 7:27 ص
Search
Close this search box.

“مسعودة بوبكر” .. تجاوزت الخطوط الحمراء متأثرة ببيئتها التونسية

“مسعودة بوبكر” .. تجاوزت الخطوط الحمراء متأثرة ببيئتها التونسية

خاص : كتبت – سماح عادل :

“مسعودة بنت أحمد بن بوبكر” كاتبة تونسية.. وُلدت عام 1954، في “صفاقس”، درست في كتّاب “الشيخ السبتي” بجبل الجلود، ثمّ المدرسة الابتدائية ثمّ انتقلت إلى تونس العاصمة، حيث أكملت دراستها الثانوية في شعبة الآداب بمنفلوري، ثمّ عملت مدرسة في شؤون الإدارة والسكرتارية بحمام الأنف، فبدأت بالعمل بإحدى الشركات الخاصة.

الكتابة..

كتبت “مسعودة بوبكر” الشعر والقصة القصيرة والرواية والمقالة وقصص الأطفال، وهي عضوة في كل من جمعية الصحافيين التونسيين، ونادي القصة “أبو القاسم الشابي”، والنادي الثقافي “الطاهر الحداد”، واتحاد الكتاب التونسيين، كما أنها عضوة في اتحاد الكتاب العرب. ثم نشّطت في اتحاد الكتاب التونسيين لمدّة موسمين، (منتدى القّصّاصين بداية التسعينيّات)، فأشرفت على الصالون الأدبي الشهري، “مطارحات أدبية”، بنادي القصة “أبو القاسم الشابي” سنتي 2003 و2004، وكانت من المشاركين في لجان تحكيم أدبية في عديد المسابقات هي: “مسابقة الكومار للرواية، مسابقة البنك التونسي، جائزة أبي القاسم الشابي للقصة، مسابقة نادي القصة للقصة القصيرة، مسابقة الكريديف الأدبية، مسابقة نادي الطاهر الحدّاد للرواية”، وفي مهرجانات عديدة بالعاصمة وداخل البلاد.

وتكتب في عدد من الصحف مثل (الشروق والصحافة ومجلة حقائق ومجلة مرآة الوسط والملحق الثقافي لجريدة الحرية)، كما ساهمت في إنتاج برنامج (مجلات عربية) في إذاعة تونس الثقافية، وبرنامج صباحي في الإذاعة الوطنيّة، وتم دراسة روايتها (ليلة الغياب) و(طرشقانة) و(وداعاً حمورابي)، في رسائل بحث جامعيّة في تونس وخارجها.

تجاوز الخطوط الحمراء..

يقول الكاتب، “محمد معتصم”، عن روايتها (طرشقانة): “تندرج رواية (طرشقانة) ضمن تصورنا حول مفهوم «المتخيل المختلف» في الخطاب الروائي العربي الحديث والمعاصر، وتوضح وجهاً من وجوه «متخيل الإيروتيكا» المنبوذ والمرفوض والهامشي، الذي تمثله في صورة عنيفة وجديدة على المتخيل العربي، هي صورة «التحول الجنسي». تعد المثلية في العالم العربي من الموضوعات المحرمة والمرفوضة داخل المجتمع، لأنها مقيد بالكثير من الأحكام والتصورات الفكرية، وتقترن في المعتقد والمتخيل الجمعي بكل أشكال الكارثة، لذلك فالكتابة عنها تعد تجاوزاً للخطوط الحمراء التي رسمتها المجتمعات العربية الإسلامية. مسعودة بوبكر قد تكون «أول كاتبة عربية» تناولت موضوع «التحول الجنسي» بمثل هذا الوضوح والإشتغال والدراسة والتحليل دون أن تسقط روايتها في الإسفاف أو في الانحلال أو في الكتابة الفضائحية، لقد قامت بتحليل دقيق لنفسية شخصية ‘مراد’ وقلقها، ووضعت مجموعة من الأسباب والدوافع المجتمعية التي تسببت في ‘شرخ هوية’ شخصيتها، وعاشت الكاتبة مع ‘مراد’ كل الأحوال والحالات التي تقلب فيها فكره وأمله، وعاشت معه قلقه واضطرابه ومعاناته مع الصبية في بيت الأسرة الكبير وفي الحواري الضيقة للمدينة العربية ‘العتيقة’، وصراعه مع أهله من أجل الحصول على ميراث أبيه، وقد كشفت الكاتبة عن علاقات شاذة بين مراد وابني عمه ‘كريم’ و’غازي’ ومع آخرين مثل صديق دراسته ‘حمادي الغول”.

ويضيف” محمد معتصم” عن الرواية: “مما يحافظ للرواية على مكانتها وأهميتها وقيمتها الأدبية اللغة التي كتبت بها، وهي لغة عربية فصيحة لكن ذات مستويات سردية متنوعة سنبينها في حينها، ولهجتها التونسية التي وظفت توظيفا جماليا وأسلوبيا أضفى على ‘قصة’ الرواية نكهة وطابع ‘المحلية’، ثم إن رواية مسعودة بوبكر ليست رواية ‘موضوع’ ورواية إيديولوجيا وموقف ورأي في قضية مستجدة أو قضية مطمورة ومنبوذة، بل هي رواية تجريبية حديثة اجتهدت على مستويات متنوعة في ‘الخطاب’ وفي ‘القصة’ مما يجعلها تتبوأ مكانة مميزة في مدونة ‘الرواية التجريبية العربية’، خاصة الرواية التي تكتبها المرأة العربية اليوم على مشارف الألفية الثالثة التي شهدت العديد من التغييرات والتقلب في الأفكار والتراجع في سلم القيم وسقوط قوميات كبرى وصعود (إحياء) طوائف وأقليات، كما شهدت ثورات عربية صاخبة موازية لأزمات مالية واقتصادية عالمية كادت أن تطوح بدول عظمى، وما تزال آثارها مستمرة.. وأهم القضايا الكبرى التي عالجتها رواية ‘طرشقانة’ وساهمت في إبراز خفاياها وتعقيداتها الشخصية الروائية: سؤال الهوية الجماعية سؤال الهوية الفردية مشكلة الجنس آثار العلاقات العائلية سلطة العادات والتقاليد تخبط الفرد في همومه الذاتية وابتعاده عن هموم الجماعة علاقة الذات والآخر”.

دوامة التخييل..

في حوار ل”مسعودة بوبكر” مع صحيفة “الصّباح” أجراه “محسن بن أحمد” قول عن الكتابة: “أقف دائما أمام مشروع نصّ جديد منذ الانطلاق في دوّامة التخييل والتهيؤ للدّخول في مغامرة قد تثمر وقد لا تثمر. قد أطلع بلؤلؤة براونينغ حيث يقول “هناك لحظتان في مغامرة الغوّاص.. واحدة يكون فيها متسوّلا وهو يستعدّ للغطس، وواحدة يكون فيها أميرا حيث يطفو حاملا لؤلؤاته”. وقد أعود بخفّي حنين. في حضرة الكتابة أقف مثل متسوّلة ليس أشدّ من حاجتها وإلحاحها. يعاودني أمام كلّ نصّ جديد قلق الإبحار والغوص وتهيّب اللجّة والعمق الثري من يمّ الإبداع. ماذا أبغي من النصّ؟ أن يصل قلب القارئ مادام يطلع مباشرة من قلبي .أن ينتشلني من خوفي منه فليس أصعب من الكلام المنسكب في خطاب مكتوب وليس له من تأشيرة غير حسن سبكه ولا من جواز غير خفّة روحه وعمق معانيه وهي مغامرة الكاتب، يشقى بها ويسعد. أريد من الكتابة ألاّ تتلكّأ في نصرتي الكلمات لحظة ألج حدائقها السريّة. لأتملّى من زهور التّبر التي لا تظهر إلاّ مع اكتمال البدر! أريد أن أسكر من شجرة التّوت الخرافية… أريد أن أستدرّ رحيق قصب المعنى المتهادي على ضفاف مياهه الجوفيّة..! أرفض البقاء عند دفء السّطح مثل إوزّة وديعة تسبح هانئة البال في مياه البركة الرّاكدة”.

وتواصل عن أسلوب الكتابة: “أؤمن أن الكاتب متى ضاجع الكلمات بهوس وحبّ, يطلع النصّ كرعشة الانتشاء وحشيّ البهاء سواء كتب القصّة أو الرواية أو القصيد. أن ينشدّ القارئ إلى نص ما فلا بدّ من اقتناع كاتبه به فضلا عن ضرورة توفّر عناصر جماليّة وموضوعيّة في الأسلوب والطّرح والطرافة. في اعتقادي يبقى أسلوب الكاتب هو المهمّ إلى جانب الصّدق الفنّي حتّى لا يشعر القارئ أنّه يلوك قطعة مطاط أو يجلس إلى جسد محنّط أو يشمّ زهرة اصطناعيّة. يقول جبران خليل جبران في هذا السياق:” من نقّب وبحث ثمّ كتب فهو ربع كاتب ومن رأى ووصف فهو نصف كاتب ومن شعر وأبلغ النّاس شعوره فهو الكاتب كلّه”.

تأثير البيئة..

وعن تأثير البيئة التونسيّة على كتابتها تبين ” مسعودة بو بكر” :” قيل “الكاتب نتاج عصره”. البيئة هي الجنات الوراثيّة بكلّ ما في ذلك من خصوصيّات. رغم الاتفاق أنّ الكتابة تنهل من الينابيع الإنسانيّة عامّة وتتجاوز حدود الجغرافيا والانتماء والتّاريخ تظلّ الألوان والرّائحة الأصليّة هي المسيطرة على الرّوح المبدعة. في كتابه الشّهير le Pavillon d’or كان يوكيو ميشيما يابانيا حتّى النّخاع وعالميا خالدا بنبضه الإنساني وفلسفته وكذلك كان محمد شكري وهو يحكي المغرب وجورج أمادو بالنسبة للبرازيل في روايته “غابرييلا قرفة وقرنفل” ومثله نجيب محفوظ وحارات مصر, وبشير خريف في برق الليل مع حاضرة تونس الحفصيّة. وأودّ هنا أن أتوقّف قليلا عند الكاتبة نادين جوردمر الحائزة جائزة نوبل للآداب سنة 1991 فهي من أمّ يهوديّة انجليزية ووالدها يهودي من ليتوانيا, ولدت قرب جوهانسبورغ في جنوب إفريقيا تقول إنّها رغم عرقها اليهودي لم تتلقّ تربية دينيّة ولم تنخرط في منظمات صهيونيّة ولكّنها تنتمي إلى جنوب إفريقيا, تأثّرت بالمشاكل الاجتماعيّة والسياسيّة للبيئة التي ترعرعت فيها ونشأت وتأثرّت بمعاناة السّود هناك وناهضت الميز العنصري.. إنّ هذا يتضّح في رواياتها وقصصها القصيرة. وغيرها كثير من الكتّاب العالميين الذين تنضح من كتاباتهم ألوان بيئتهم وروائحها وتداعيات خصوصياتها ومميّزاتها التاريخيّة والجغرافيّة والاجتماعيّة. يظهر في كتاباتي المكان التونسي المدينة العتيقة (رواية جمان وعنبر) التقاليد (المجموعة القصصية طعم الأناناس ورواية طرشقانة) المشهد الريفي (وداعا حمورابي) هذا على سبيل المثال. وكما ذكرت في بداية هذا الحوار تأثّرت بما كان يحيطني بداية من أجواء الكتّاب والقرية الهجينة بين الريف والمدينة وسكّانها ذلك الخليط العجيب من إيطاليين وفرنسيين وجزائريين ومغاربة. ثمّ انشددت إلى تاريخ تونس هذه الرقعة من الأرض التي عرفت رغم صغر مساحتها حضارة راقية مع قرطاجا ثمّ القيروان الإسلاميّة وكلّما تأمّلت صفحات التاريخ المتقلّب بشعبها ومعاناته في العهد الحفصي مثلا وذلك التجاذب بين الأسبان والأتراك ثمّ في عهد البايات الحسينيين وانتصاب الحماية وفصول النّضال اللاحقة, خامرتني شتّى الفكر التي تلهم بمواضيع شتّى لو يسمح العمر والظروف بانجاز بعضها لحققت سعادة قصوى..غير أنّ هذا لا ينفي تأثّري كعنصر في مجموعة بشرية على أرض واحدة لا يمكن إلاّ أن يهتزّ لما يقع في شمال الكرة الأرضيّة أوجنوبها تنطبق على وعيه نظرية الشّواش”.

الكتابة عن الأوجاع..

وعن سؤال أن المرأة متّهمة دائما بأنّها تبوح في إبداعها بأوجاعها الذّاتية تجيب “مسعودة بو بكر” :” متّهمة من قبل من؟ الرّجل؟ ومتى سكت الرّجل عن ذلك؟ كيف نسلب من هذا أو ذلك صفته الإنسانيّة تلك؟ ولم نعتبر ذلك تهمة. إذا اعتبرنا ذلك كذلك فسنضع جلّ الأدب الرّاهن في قفص الاتّهام بالذّاتية.. إنّي أتّفق دائما مع مقولة إنّ الرّجل يكتب ذاتيّاته بالتقسيط والمرأة الكاتبة تصبّ همومها مرّة واحدة.. خاصّة في نصّها الأوّل. الواقع أنّنا جميعا ننطلق من ذواتنا في كلّ المواقف والقضايا الإنسانيّة التي نخوضها كتابة. الشرارة تنطلق قسرا من الذّات حتّى في محاولة فهم الآخر، سواء كان المنطلق أوجاعا أو تجربة عميقة أو قناعات وإيمانا خاصا أو عقدة نفسيّة, كلّ ذلك يحقّق الصّدق الفنّي المرجو. مازلنا للأسف نحتفظ بتقييمات بائدة في مسألة الكتابة عند المرأة ومنها هذا السّؤال”.

الرقيب الذاتي..

وعن حضور الرّقيب في كتابات “مسعودة بوبكر” تؤكد: ” ما أعيه جيّدا هو أنّ الكتابة عالمي الخاص أتعرّى فيه وأعرّي ولا أتردّد في إلقاء الحجر في المياه الرّاكدة إيمانا منّي أنّ ذلك هو دور الكتابة الصّادقة, ألا يكفي أنّ المجتمع في بعض الأمور يتسامح مع التلميح دون التصريح لأزيد في التشديد على نفسي؟ إنّ الرّقابة الذّاتية التي يقيمها الكاتب على نفسه تجعل عمله مبتورا مفتقرا لتلك الغمرة من الجنون الجميل الذي يقوّض ترتيب الأشياء ويعطي للمحظور أو المسكوت عنه تأشيرة عبور إلى الذّائقة. أعتبر دائما أنّ أيّ فكرة يرى البعض أنّها جريئة هي عريكة الوعي لا بدّ أن تطلع إلى الشّمس وإلاّ تفسّخت في العتمة. وليس أبشع من أن يصبح صدر الكاتب مقبرة لنتف مجهضة”.

أظل أحكي..

يقول الكاتب “المهدي عثمان” عن مجموعتها القصصية “أظل أحكي”: “بعد تسع سنوات من صدور مجموعتها الثانية “وليمة خاصة جدا” تتحفنا مسعودة بو بكر بمجموعة قصصية ثانية صدرت نهاية 2012 بعنوان”أظل أحكي”. والمتأمل في عناوين نصوص هذه المجموعة يدرك بيسر مدى التصاق الكاتبة بواقعها الاجتماعي والثقافي.. الحياتي بكل تفاصيله وتفرعاته.. الطفولة بأريجها وضحكاتها وخساراتها.. كل نصوص مجموعة ‘ أظل أحكي’ تحفر في الراهن والواقع، ذلك الحفر الأركيولوجي لتخرج منه حالات شتى وأحاسيس وتراكمات نفسيّة متداخلة ومتقاطعة مع السياسي والثقافي، وعوّلت مسعودة بو بكر في تقسيم المجموعة على الموضوع وعلى جنس الكتابة. فقد صدّرت ‘أظل أحكي ‘ بنصوص حاكت الثورة التونسية واستبطنتها بنصوص من أمثال: عروس و وإذا العربة خيّرت واختراق فوق عرش السلطان وديمقراطيّة وسلوه هوّ وحرابي…ثم أردفتها بنصوص قصيرة جدا يبدو أنها كتبت قبل أحداث الثورة التونسية أي سنة 2006 حيث حاكت فيها الكاتبة الحرب التي شنتها إسرائيل على غزّة. أما القسم الثالث فجاءت النصوص فيه طويلة ومخالفة للنصوص الأخرى من حيث المضمون، حيث لامست مواضيعها الشأن الحياتي اليومي والهامش”.

نزر مما..

وتقد الكاتبة “سيدة عشتار بن علي” قراءة ل كتاب “نزر ممّا” ل” مسعودة بو بكر” تقول: ” كتاب الأديبة مسعودة بن بوبكر هو عبارة عمل فني يجمع بين الرواية واليوميات أو السيرة الذاتية للمؤلفة خلال فترة ما بعد الثورة وهي فترة محدودة من الزمن حدّدتها الكاتبة بعام وتحديدا الفترة مابين 2011..2012 من أيّام ما بعد 14جانفي 2011واختارت له عنوان نزر ممّا أي بعض ممّا.. في كتاب “نزر ممّا” تظهر السّاردة التي هي حجر الأساس في بناءها السّردي والرّاوية تقدّم هويّتها وشخصيّتها الهاربة بكلّ وعي وإدراك.. هاربة من عالمها بحثا عن الهدوء والسّكينة فقد وضّحت معاناتها النّفسيّة بسبب فقدانها للشعور بالأمان.. ذات حائرة.. منكسرة من الدّاخل.. محبطة.. مصدومة..غير قادرة على التّأقلم والتكيف مع الواقع الكابوسي المحموم لكن أين المفرّ من هذا الواقع الّذي أثقل رأسها وعبثا محاولتها التخفّف منه.. ملعونة هي الذّاكرة لكننا مدينون لها لأنّها كانت حجر الأساس الّذي على أساسه شيّدت أديبتنا صرحها السّردي لتقدّمه للقارئ جاهزا دون أن يدري أن كاتبته لاكت قلبها وأراقت دمه وعانت ما عانت من الصّراع مع الحرف”

ليلة الغياب..

يقول الكاتب الناصر التومي عن رواية “ليلة الغياب”: “رواية ـ ليلة الغياب ـ للقاصة مسعودة أبو بكر،  تأتي بعد تجربة في كتابة القصة القصيرة، كان لها الصدى الطيب، خاصة بعد إصدار مجموعتها القصصية ـ طعم الأناناس ـ  سنة 94. صدرت الرواية لتعلن عن ميلاد روائية جديدة، في إصرار عجيب على فرض الذات المبدعة، رغم كل العوائق والإحباط. في مضمون الرواية  كانت الدلالة واضحة  بأن الغياب ـ أو الغربة إذا شئنا ـ يسود عالم الشخوص، بداية من الراوية فائقة  محفوظ، إلى والدها، مرورا بوالدتها وزوجها عادل، إلى زوجة والدها اليونانية، شخصيات محبطة، متأزمة، لم تنصفها الأيام، افتقدت السعادة  المنشودة، فاختارت  الهروب بعيدا عن المتسبب في التأزم. الراوية هي محور الرواية، وبقية الشخصيات تدور في فلكها، تحركهم متى شاءت للغرض الذي ترتئيه، كانوا سلبيين، يجيبون عن أسئلتها واستفساراتها،  كالأم والوالد بالتبني والشيخ الضاوي، وعمر، والزوجة اليونانية، فتأثيرها عليهم واضح، لعله يرجع إلى الإحساس  بيتمها المبكر،  وإخفاقها في الحياة الزوجية لعجزها على الإنجاب. اعتمدت الكاتبة في نبش ماضي الأب محمود العربي على أسلوب البحث البوليسي، لكن بروح مختلفة، فالمعلومات التي تجمعها لا تسجلها  بدفتر مذكرات، وإنما تستوعبها، وتملأ بها فجوات في كيانها، وكأنها تبني من جديد ذاتها،  وكأن موت الأب هو ميقات بعثها.الرواية هيمنت عليها سوداوية غير مقنعة، فالفتاة رغم اكتشافها  لانتسابها لأبوة غير حقيقية، فقد رعاها الذي أعطاها اسمه، ولم تكن شقية به، حباها بعطفه إلى آخر أيام حياته، وحتى خيبة الأمل مع مفارقها عادل لم تكن كافية لإقناعنا بهذه السوداوية التي نزلت فجأة  على الراوية  بمناسبة موت الأب الحقيقي خارج الوطن.. ليلة الغياب هي التوق  والانطلاق للكشف عما خبأه  الماضي  مهما كان مؤلما، وبمجرد فضح المستور، يبعث الكائن من جديد، لذلك ما إن أكملت فائقة ترحالها حتى أصابها الانتشاء، وأصبح لنداء عمر معنى، بعد أن كان مجرد كلام. ليلة الغياب، هي البحث الأزلي والفطري عن الأصل والجذور لبناء مستقبل أفضل”..

أعمالها..

  • طعم الأناناس، قصص، 1994.
  • ليلة الغياب، رواية، 1997.
  • طرشقانة، رواية ، 1999.
  • عقد المرجان، نصوص، 2000.
  • لؤلؤ لجيد الكلام، مجموعة شعرية، 2000.
  • شهامة نميل، قصص للأطفال،2001.
  • وداعا حمورابي، رواية، 2003، حازت بفضلها على جائزة الكومار الذهبي.
  • وليمة خاصّة جدّا، مجموعة قصصية، 2004.
  • اسمع يا سيزيف، مسرحية باللهجة العامية، 2004.
  • جمان وعنبر، رواية، ، 2006، حازت على جائزة زبيدة بشير من مؤسسة الكريديف للسرد سنة 2007.
  • الألف والنّون، رواية، 2009، حازت جائزة زبيدة بشير للسرد من مؤسسة الكريديف.
  • أظل أحكي،  2012.
  • أمكنة وأزمنة، نصوص سير ذاتية، 2013.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة