عانت وما زالت محافظة الانبار من نقص كبير في الخدمات ونوعيتها وبسبب عصابات داعش أصاب الدمار أغلب البنى التحتية فيها الى درجة جعلت الناس تصاب باليأس والحيرة, حتى أن بعضهم فضّل البقاء خارج المحافظة بحثا عن فرصة عيش افضل للحياة.
ومن أكثر القطاعات التي أصابها الضرر والتخريب هو قطاع الصحة المهم في المجتمع, فلو دخلت الانبار لن تجد سوى أطلال مستشفيات وبقايا مراكز طبية متخصصة وأنقاض مراكز صحية اولية, وأزاء هذا الانهيار الهائل والتردي في قطاع الصحة الحكومي, أخذ قطاع الصحة الخاص المبادرة وهو ما يثقل كاهل المواطن الانباري المسكين الذي يعاني ما يعاني من مصائب وكوارث حلت على راسه المثقل. ولذلك يحتاج قطاع الصحة في الانبار الى من ينتشله من واقعه المتردي, بل يحتاج الى ثورة حقيقية تستلزم تضافر الجهود, وترك المناكفات السياسية وإبعاد الصحة عن سباق الأنتخابات وحسابات الربح والخسارة, ووضع خطط مدروسة بعناية لهذا الغرض. وعلينا ان ندرك أن حجم الخسائر في هذا القطاع كبيرجدا ويحتاج الى أموال ضخمة وألاهم من ذلك نحتاج الى عقلية منفتحة على ألاخرين وتتقبل النقد, وتقتبس من تجارب الدول المتقدمة بمجال الصحة والتي مرت بظروف مشابهة لظروف بلدنا, وصارت تمتلك خبرات متراكمة في كيفية إدارة شؤون قطاعها الصحي وعلينا أن نضع العقلية المناسبة في المكان المناسب لنضمن النجاح والتطور.
نحتاج لادارة تستنهض الهمم وتضع نصب أعينها خدمة المواطن أولا وأخرا بعيدا عن الضجيج الاعلامي وصخب التصريحات , نحتاج لخطوات عملية هادئة تعيد ترتيب مستشفياتنا وفق ألاولويات, وتعتني أكثربمرضانا ومراجعينا, نحتاج الى توفيرالادوية المهمة إبتداء من أدوية ألامراض المزمنة وأدوية ألتخدير إلى مستلزمات المعاقين وما اكثرهم في الانبار, وإلى توفير صالات عمليات نموذجية وصالات العناية المركزة وأجهزتها, تعيد الثقة الى مواطننا المرهق نفسيا, فهو يحتاج الى رعاية خاصة تجعله يثق مجددا بمؤوسساته الصحية .
كلنا أمل أن تدرك جميع ألاطراف الأدارية في المحافظة أن أهل مكة أدرى بشعابها, وأن لا تتدخل بعمل إدارة الصحة, وأن توفر كل جهد مخلص لدعم الأدارة الجديدة القديمة خصوصا وأنها تملك من الخبرات الكبيرة التى اثبتت قدرتها سابقا في أيام المحنة التي مرت بها المحافظة خصوصا وأنها الاقدرعلى النهوض بواقع الصحة وتطويره . وعلى الجميع ترك مدير الصحة الجديد القديم يعمل وفق تصوراته وقناعاته خصوصا وأن الوزارة أدركت أخيرا أنه أفضل من قاد هذا القطاع الى برألامان وأثبتت أيام المحنة أنه لم يتخل عن واجبه الانساني كطبيب قبل ان يكون مديرا وفضّل التواجد يوميا في خيم النازحين مع فرق الطبابة الجوالة بعيداعن مكتبه و الاضواء والاعلام لإيمانه العميق بانسانية مهنته التي جعلها البعض مع الاسف وسيلة للتربح والتجارة وأصرّهو أن يكون انسانا قبل أن يكون مسؤولا وهذا ديدن من يريد مرضاة الله.
كلنا نعرف أنّ المهام الكبيرة تحتاج الى همم عالية وفكر خلاق وأنت أمام تحد صعب نرجوا لك النجاح كما نجحت من قبل في اكثر من مهمة ونراهن على مهنيتك العالية وقد عرفناك من قبل لا تقبل المساومة بحق المواطن ألانباري مهما كانت الضغوطات, ونتوقع أنك ستضع مصلحة ناسك واهلك من المرضى المعدمين الذين لا يملكون ثمن مراجعة المشافي الخاصة, بل وبعضهم لا يمتلك حتى ثمن تذكرة بطاقة الكشفية الحكومية, وستقع على عاتقك إعادة تأهيل المستشفيات التعليمية الكبيرة التي صارت مجرد إسم وغابت عنها المتابعة والرقابة, وصارت العيادات ألاستشارية مجرد ديكور, وتفتقر لأبسط المستلزمات ولم يلتفت لها أحد, وهجرها الاطباء والمرضى على حد سواء, ونأمل بعودتك أن تعود الى سابق عهدها, وانها أمانة ثقيلة, يا دكتور خضير وأنت اهل لها أن شاء الله كما عهدناك من قبل رجل في زمن الصعاب وكلنا أمل أن يرجع بريق الصحة كما كان بل وافضل من قبل.