التعاطي مع الملف الأمريكي هو الأصعب بالنسبة للدولة العراقية وقد يفوق خطورة التعامل مع داعش ! وحتى مع آفة الفساد الرسمية التي تنخر جسد الدولة ومؤسساتها , لكنه قطعاً لا يرغمها للأستسلام أمام التوجهات الأمريكية الحادّةُ حافّاتها , فلا يزال العراق ككيان وكدولة يمتلك اوراقَ لَعبٍ مضادّة لأزدواجية السياسة الأمريكية تجاه العراق ” بغضّ النظر عن هذه الأحزاب الحاكمة , فلن تبقى تحكم وتتحكم طول الدهر ” .
ولا ريب أنّ هنالكَ تقاطعات ونقاط التقاء بين الأمريكان والحكومة العراقية الحالية , كما أنّ الأمريكيين هم المستفيدين الأكثر من جهة المصالح المشتركة , ويبدو أنّ الولايات المتحدة تستغلُّ وبأقذر استغلالٍ لثلاثة عواملٍ تشكّل وتمثل حالة الساحة السياسية القائمة في الظرف الحالي , ومع تداخل هذه العوامل الثلاث ايضاً :
\1 صراع مراكز القوى على السلطة بين الأحزاب الشيعية .
\2 قرب موسم الأنتخابات وافرازاته .!
\3 ضعف أداء حكومة العبادي وخارجية ” الجعفري ” في ادارة الحالة المعلّقة بين العراق وبين الأمريكان , مع طولِ نفسٍ ملحوظٍ ومفترض لرئيس الوزراء العراقي .
ومع كلّ ذاكَ وهذا , فالأدارة الأمريكية تتجاهل وتتغافل ” دونما احساسٍ وتفكّر ” ما تركه و افرزه احتلالها من آثارٍ واضرارٍ نفسيةٍ ومادية لدى كافة العراقيين , والذي لا يمكن أن يبقى مخزوناً دونما مداواة على الأقل .! , لكنه وبعيداً عن حسابات هذا الواقع المؤجّل , ولأجلِ اهدافٍ براغماتية وتكتيكية , فعلى مضضٍ تقبّلت بعض الكتل السياسية وشرائحٍ من المجتمع العراقي للتواجد العسكري الأمريكي في الأراضي العراقية تحتَ أيّة مسمياتٍ مخادعة ! لأجل مواجهة النفوذ الأيراني وإقامة نوع من التوازن بين الطرفين , كما معروفٌ وكما اشرنا اليه في كتاباتنا في الأيام القلائل الماضية , والتي ذكرنا فيها أنّ الأمريكان يتجاوزون حتى الذين يقفون معهم وذلك عبر اصطفافهم وانحيازهم لحزب وبيشمركة البرزاني بالضد من الدولة العراقية , وكأنّ البرزاني يمثلّ كلّ شعب كردستان .! وكأنّ ايضاً حزب الدعوة يمثّل كلّ العراق .! , ومع الإستفادة الأمريكية المفرطة من الأموال العراقية من خلال الشركات الأمريكية وتوريد السلع والبضائع الهائلة الى العراق , ومع صمتٍ بغصةٍ لأحزاب السلطة ولوسائل الإعلام المحلية عن التعامل الأمريكي مع العراق وبطريقة كأنها استعباد .! فآخرَ بالونٍ من هذا فجّرته الخارجية الأمريكية بوجوهنا هو تحذيرها الأخير للسلطة العراقية ” ودولاً اخرى كذلك ” من تبعات وعواقب عقد صفقات شراء اسلحةٍ روسية ! والأنكى أنّ الأسلحة المقصودة هي منظومة صواريخ S 400 أرض – جو .! , فما الخلل وما الزلل لشراء اسلحةٍ دفاعيةٍ وليست هجومية ! وهل هو تخوّفٌ امريكي لتصدّي هذه الصواريخ للمقاتلات الأسرائيلية على المدى البعيد او البعيد جداً .! , وأيّ منطقٍ هذا حتى من منطق اللامنطق الذي يحظر ويمنع دولةً من الدفاع عن اجوائها .! , ويذكّرنا ذلك بأتفاقية ” حظر استخدام الألغام الأرضية – ضدّ الأفراد ” والتي سُمّيت في حينها بأتفاقية اوتاوا في عام 1997 , حيثٌ محرّمٌ استخدام هذه الألغام داخل الحدود الوطنية لعدم عرقلة دخولِ جُندِ العدى لحدود البلاد من جهاتها الأربعة .!
نشيرُ اخيراً أنّ ايران سبق واقتنت هذه الصواريخ وكذلك الصين , والحكومة التركية بصدد توقيع الأتفاق لأقتناء هذه الصواريخ الدفاعية الروسية ! والولايات المتحدة لا تحذّر كافة الدول من ذلك , لكنها تحذّر الدول التي تعاني من ضعفٍ في الجسد والذاكرة .!