23 نوفمبر، 2024 12:48 ص
Search
Close this search box.

كردستان العراق بين تركيا وايران

كردستان العراق بين تركيا وايران

بين فترة واخرى يحدثني صديق مغترب لديه علاقات طيبة مع الكرد بمختلف مسمياتهم “الحزبية والاجنحة المسلحة”، عن اسرار يتداولها المقربون من مراكز القرار في البيت الكردي الذي يشمل المثلث الجغرافي (العراق، سوريا، تركيا)، ويذكر منها كيف اصبح تفكير مسعود البارزاني بعد خطوة الاستفتاء وتخلي اميركا والحلفاء عنه، ليجد نفسه وحيدا في مواجهة “القرار المتهور” الذي قضى على جميع مكاسب الكرد التي تحققت خلال 25 عاما.

الصديق الذي لجأ لبلاد فيكتور هوجو وسارتر، بحثا عن “الحرية والامان” ينقل مخاوف رأها على وجوه بعض رجالات السلطة في اقليم كردستان في حال استمرت الحكومة المركزية بإجراءاتها الدستورية لإعادة هيبة الدولة ولجم اطماع البارزاني، خاصة وان دول الجوار (ايران وتركيا) فرضت العزلة السياسية على جميع المتورطين بالاستفتاء ومن روج له، لكنه لا يخفي انهيار العلاقة بين البارزاني واميركا، حيث أسر له مسؤول مقرب من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، بان رئيس الاقليم السابق لم يعد يثق بواشنطن ولا بوعودها التي قطعتها له، ويؤكد ان البارزاني يردد في كل اجتماع حزبي “ان اميركا غدرت به وتخلت عن احلام الكرد”، كما يظهر الندم واضحا على نبرته حينما يمر على ذكر طهران ورجلها في المنطقة قاسم سليماني.

نعم ياسادة فإيران مازالت غاضبة من البارزاني وتصرفاته ونفذت ذلك على ارض الواقع حينما استبدلت مسؤول ملف اقليم كردستان بشخصية عسكرية اكثر “قساوة” من سلفه، حتى وصل الامر بسلطات الاقليم مطالبة طهران بتغييره “لصعوبة” التعامل معه، والعودة لمغازلة قاسم سليماني من اجل تخفيف حدة التوتر واعادة ترميم العلاقة، لكن طهران مصرة على ابعاد البارزاني وعدم التعامل معه وابلغت ذلك حرفيا لصهره نيجرفان حينما زارها نهاية شهر كانون الثاني الماضي، بعد زيارة قصيرة للعاصمة بغداد استمرت لعدة ساعات، ليعود البارزاني “بخفي حنين” بعد أن عجز عن ايجاد مبررات تقنع المسؤولين الايرانيين ببرأة اربيل من دعم التظاهرات التي شهدتها ايران مطلع العام الحالي 2018، وتجاوز مرحلة الاستفتاء.

لكن في الجانب الاخر من الاقليم وتحديد مدينة السليمانية كانت ايران تنتظر نشوء قوة جديدة لدعمها مقابل الاتحاد الوطني الذي خرج عن ارادتها بعد دخول قوات الجيش العراقي الى كركوك، لتجد في برهم صالح الشخص المناسب فرفعت “الفيتو” المفروض عليه منذ سنوات عدة، ودعمته للحصول على فرصة جديدة في الانتخابات المقبلة من خلال تشكيل تجمع سياسي جديد يحمل عنوان “تحالف الديمقراطية والعدالة” وهو يعمل حاليا على تأسيس فضائية تكون الصوت الناطق لحزبه.

في هذه الاثناء غاب الدور التركي بشكل شبه نهائي عن الساحة الكردستانية بسبب انشغاله بالحرب في عفرين السورية، والموقف السابق الذي اتخذته انقرة من استفتاء الانفصال، لكن مسعود البارزاني يحاول الحصول على دعمها فالتزم الصمت تجاه المجازر التي تركتبها قوات السلطان بحق اكراد سوريا، في خطوة اثبتت فشلها وتركت اثارها السلبية لدى المواطنين الكرد.

البيت الكردي لم يعد مثلما كان عليه قبل الـ25 من ايلول او بصورة اكثر دقة بعد الـ16 من شهر تشرين الاول 2017، وهو مادفع بعض النواب الكرد الى الترشح بقوائم انتخابية في العاصمة بغداد، لتختار الا الطالباني الدخول في تحالف رئيس البرلمان الاسبق محمود المشهداني في حين وجدت سروة عبد الواحد مكانا لها في تحالف “النصر” الذي يقوده رئيس الوزراء حيدر العبادي، قبل ان تنسحب بطلب من رئاسة كتلة التغيير، ليعكس صورة واضحة لمعنى “ليس هناك شي مستحيل في السياسة”.

ويبدو ان ساسة ائتلاف دولة القانون خير من يمثل تلك المقولة، حينما اخبرنا صاحب الخبرة في قيادة الأمن الداخلي عدنان الاسدي وهو ينظر لصورة جمعت زعيمه نوري المالكي مع مسعود البارزاني بان “في السياسة كلشي جائز”، لكن ياسادة هل اعادة تلك الوجوه بتحالف واحد سينهي جميع المشاكل وننعم بعراق أمن ومستقر يخلو من الفساد؟،،.

الخلاصة ان مرحلة كردستان البارزاني انتهت، واذا كانت بغداد ترغب بعودة العلاقات مع اقليم كردستان فعليها الابتعاد عن اصحاب مشاريع التقسيم، والبحث عن وجوه جديدة، فالمثل الإنكليزي يقول “اذا أردت ان تهدم مرحاضا قديما بسبب رائحته الكريهة… فلا تبني المرحاض الجديد بنفس الطابوق القديم”.

أحدث المقالات

أحدث المقالات