2 نوفمبر، 2024 12:34 م
Search
Close this search box.

“جمال حمدان” .. كشف أكذوبة إسرائيل وقدم دراسات موسوعية عن مصر

“جمال حمدان” .. كشف أكذوبة إسرائيل وقدم دراسات موسوعية عن مصر

خاص : كتبت – سماح عادل :

“جمال محمود صالح حمدان”.. جغرافي مصري له دراسات هامة عن مصر، وصاحب كتاب (شخصية مصر).. ولد في قرية “ناي” بمحافظة القليوبية، من دلتا مصر، في 4 شباط/فبراير 1928، ونشأ في أسرة كريمة طيبة تنحدر من قبيلة “بني حمدان” العربية، التي نزحت إلى مصر أثناء الفتح الإسلامي.

حياته..

كان والده أزهرياً مدرّسًا للغة العربية في “مدرسة شبرا” وقد التحق بها “جمال حمدان”، وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام 1939، وبعد الابتدائية التحق “جمال حمدان” بالمدرسة “التوفيقية الثانوية”، وحصل على شهادة الثقافة 1943، ثم حصل على التوجيهية الثانوية 1944، وكان ترتيبه السادس على القطر المصري، ثم التحق بكلية الآداب قسم الجغرافيا، وكان طالباً متفوقاً خلال مرحلة الدراسة في الجامعة.

وفي 1948 تخرج في كليته، وتم تعيينه معيداً بها، ثم أوفدته الجامعة في بعثة إلى بريطانيا 1949، حصل خلالها على الدكتوراه في “فلسفة الجغرافيا” من “جامعة ريدنغ” عام 1953، وكان موضوع رسالته: (سكان وسط الدلتا قديماً وحديثاً)، ولم تترجم تلك الرسالة حتى وفاته.

وبعد عودة “جمال حمدان” من بعثته؛ انضم إلى هيئة التدريس بقسم الجغرافيا في كلية الآداب “جامعة القاهرة”، ثم رُقّي أستاذاً مساعداً، وأصدر في فترة تواجده بالجامعة كتبه الثلاثة الأولى؛ وهي: (جغرافيا المدن)، و(المظاهر الجغرافية لمجموعة مدينة الخرطوم – المدينة المثلثة)، و(دراسات عن العالم العربي)، ومكنته هذه الكتب من الحصول على “جائزة الدولة التشجيعية” سنة 1959.

وفي 1963؛ قدّم “جمال حمدان” استقالته من الجامعة احتجاجاً على تخطيه في الترقية إلى وظيفة أستاذ، وتفرغ للبحث والتأليف حتى وفاته.

أكذوبة “إسرائيل”..

كان “جمال حمدان” صاحب السبق في فضح أكذوبة أن اليهود الحاليين هم أحفاد “بني إسرائيل”، الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، وأثبت في كتابه (اليهود إنثروبولوجيا)، الصادر عام 1967، بالأدلة العلمية أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلى فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلى إمبراطورية “الخزر التترية”؛ التي قامت بين “بحر قزوين” و”البحر الأسود”، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات، “آرثر كوستلر”، مؤلف كتاب (القبيلة الثالثة عشرة) الذي صدر عام 1976.

“جمال حمدان”.. كان أول من سعى إلى هدم المقولات الإنثروبولوجية التي تعد أهم أسس “المشروع الصهيوني”، حيث أثبت أن إسرائيل – كدولة – ظاهرة استعمارية صرفة، قامت على اغتصاب غزاة أجانب لأرض لا علاقة لهم بها دينياً أو تاريخياً أو جنسياً، مشيراً إلى أن هناك “يهوديين” في التاريخ، قدامى ومحدثين، ليس بينهما أي صلة إنثروبولوجية، ذلك أن يهود “فلسطين التوراة” تعرضوا بعد الخروج لظاهرتين أساسيتين طوال 20 قرناً من الشتات في المهجر: “خروج أعداد ضخمة منهم بالتحول إلى غير اليهودية”، و”دخول أفواج لا تقل ضخامة في اليهودية من كل أجناس المهجر”، وأقترن هذا بتزاوج وإختلاط دموي بعيد المدى، انتهى بالجسم الأساس من اليهود المحدثين إلى أن يكونوا شيئاً مختلفاً كلية عن اليهود القدامى.

يؤكد “جمال حمدان”: على “أن اليهودية ليست؛ ولا يمكن أن تكون قومية بأي مفهوم سياسي سليم كما يعرف كل عالم سياسي، ورغم أن اليهود ليسوا عنصراً جنسياً في أي معنى، بل «متحف» حي لكل أخلاط الأجناس في العالم، كما يدرك كل إنثروبولوجي، فإن فرضهم لأنفسهم كأمة مزعومة مدعية في دولة مصطنعة مقتطعة؛ يجعل منهم ومن الصهيونية حركة عنصرية أساساً”.

ووصف “جمال حمدان”، في كتابه (إستراتيجية الاستعمار والتحرير)، إسرائيل بأنها “دولة دينية صرفة، تقوم على تجميع اليهود، واليهود فقط، في «جيتو» سياسي واحد، ومن ثم فأساسها التعصب الديني إبتداءً، وهي بذلك تمثل شذوذاً رجعياً في الفلسفة السياسية للقرن العشرين، وتعيد إلى الحياة حفريات العصور الوسطى بل القديمة”.

إسرائيل دولة عسكرية..

أدرك “جمال حمدان”؛ من خلال تحليل متعمق للظروف التي أحاطت بقيام “المشروع الصهيوني”، أن “الأمن” يمثل المشكلة المحورية لهذا الكيان اللقيط، واعتبر أن وجود إسرائيل رهن بالقوة العسكرية وبكونها ترسانة وقاعدة وثكنة مسلحة، مشيراً إلى أنها قامت ولن تبقى إلا بالدم والحديد والنار. ولذا فهي دولة عسكرية في صميم تنظيمها وحياتها، ولذا أصبح جيشها هو سكانها وسكانها هم جيشها.. حدد “جمال حمدان” الوظيفة التي من أجلها أوجد الاستعمار العالمي هذا الكيان اللقيط، بالإشتراك مع الصهيونية العالمية، وهي أن تصبح قاعدة متكاملة آمنة عسكرياً، ورأس جسر ثابت إستراتيجياً، ووكيل عام اقتصادياً، أو عميل خاص إحتكارياً، وهي في كل أولئك تمثل فاصلاً أرضياً يمزق اتصال المنطقة العربية ويخرب تجانسها ويمنع وحدتها وإسفنجه غير قابلة للتشبع تمتص كل طاقاتها ونزيفاً مزمناً في مواردها”.

ضد العالم الإسلامي..

توقع “جمال حمدان” سعي الغرب لخلق صراع مزعوم بين الحضارات من أجل حشد أكبر عدد من الحلفاء ضد العالم الإسلامي، حيث أكد على أنه “بعد سقوط الشيوعية وزوال الاتحاد السوفياتي، أصبح العالم الإسلامي هو المرشح الجديد كعدو الغرب الجديد‏.‏ وإلى هنا لا جديد‏.‏ الجديد هو أن الغرب سوف يستدرج خلفاء الإلحاد والشيوعية إلى صفه ليكوّن جبهة مشتركة ضد العالم الإسلامي والإسلام، باعتبارهم العدو المشترك للإثنين، بل لن يجد الغرب مشقة في هذا، ولن يحتاج الأمر إلى إستدراج‏:‏ سيأتي الشرق الشيوعي القديم ليلقي بنفسه في معسكر الغرب الموحد ضد الإسلام والعالم الإسلامي‏”، وهو ما تحقق بالفعل، حيث وضع “صموئيل هنتنغتون” في كتابه (صدام الحضارات) الخطوط الفكرية العريضة لهذا الحلف، فيما يخوض المحافظون الجدد في البيت الأبيض غمار معاركه الفعلية، في إطار ما بات يعرف بالحرب على الإرهاب، والتي لا تخرج عن كونها ستاراً لحرب شاملة على الإسلام.

إنهيار أميركا..

من الرؤى المستقبلية التي طرحها، “جمال حمدان”، وتبدو في طريقها إلى التحقق، تلك النبوءة الخاصة بإنهيار الولايات المتحدة، حيث كتب “حمدان” في بداية التسعينيات، يقول: “‏أصبح من الواضح تمامًا أن العالم كله وأميركا يتبادلان الحقد والكراهية علنًا، والعالم الذي لا يخفي كرهه لها ينتظر بفارغ الصبر لحظة الشماتة العظمى فيها حين تسقط وتتدحرج، وعندئذ ستتصرف أميركا ضد العالم كالحيوان الكاسر الجريح‏”‏، مؤكداً على أنه ‏”‏لقد صار بين أميركا والعالم ‏«‏تار بايت‏”»، أميركا الآن في حالة ‏«‏سعار قوة‏»‏ سعار سياسي مجنون، شبه جنون القوة، وجنون العظمة، وقد تسجل مزيدًا من الإنتصارات العسكرية، في مناطق مختلفة من العالم عبر السنوات القادمة، ولكن هذا السعار سيكون مقتلها في النهاية‏”.

ويجزم “حمدان” أن “‏الولايات المتحدة تصارع الآن للبقاء على القمة، ولكن الإنحدار لأقدامها سارٍ وصارمٍ والإنكشاف العام تم، الإنزلاق النهائي قريب جدًا في انتظار أي ضربة من المنافسين الجدد ـ أوروبا، ألمانيا، اليابان‏”‏‏.

وتوقع: “أن ما كان يقال عن ألمانيا واليابان إستراتيجيًا سيقال عن أميركا قريبًا، ولكن بالمعكوس، فألمانيا واليابان عملاق اقتصادي وقزم سياسي – كما قيل – بينما تتحول أميركا تدريجيًا إلى عملاق سياسي وقزم اقتصادي‏”.‏‏ وتلك الرؤية تبدو في طريقها إلى التحقق – ولو ببطء – وتدل على ذلك الآلاف من حالات الإفلاس والركود التي يعاني من الاقتصاد الأميركي، مقابل نمو اقتصادي متسارع للاتحاد الأوروبي واليابان، ولم تكن مفاجأة أن العملة الأوروبية الموحدة، “اليورو”، حققت معدلات قياسية مقابل الدولار الأميركي في فترة وجيزة.

شخصية مصر..

ترك “جمال حمدان”، 29 كتاباً و79 بحثاً ومقالة، يأتي في مقدمتها كتاب (شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان)، وكان قد أصدر الصياغة الأولى له سنة 1967 في نحو 300 صفحة من القطع الصغير، ثم تفرغ لإنجاز صياغته النهائية لمدة عشر سنوات، حتى صدر مكتملاً في أربعة مجلدات خلال السنوات بين 1981 : 1984.

ويسجل “جمال حمدان”، في أوراقه الخاصة، أن مصر فقدت زعامتها في العالم العربي وليس لها وريث؛ “لأن وراثة مصر كانت أكبر من أي دولة عربية أخرى منافسة”، وكانت النتيجة هي تقسيم وراثة مصر؛ فانتقل الثقل الاقتصادي إلى الخليج، والسياسي إلى العراق؛ الذي انتهى دوره منذ “حرب الخليج” 1991. ويرى أن “بداية نهاية مصر عربياً كامب ديفيد، ونهاية النهاية حرب العراق”، أما حرب العراق فيعني بها ما سمي بـ”حرب تحرير الكويت” بعد احتلال العراق لها في آب/أغسطس 1990.

وأعد “عبدالحميد صالح حمدان”، الأوراق الخاصة بشقيقه “جمال حمدان”، وصدرت بعد رحيله عن، (عالم الكتب)، في القاهرة في كتاب (العلامة الدكتور جمال حمدان ولمحات من مذكراته الخاصة)، يضم 72 صفحة من القطع الكبير.

وقال محرر الكتاب في مقدمته أن شقيقه كتب مسودات تضم أفكاره وآراءه متفاعلاً مع الأحداث، تمهيداً “لإدراجها في عمل كبير كان ينوي إخراجه عن العالم الإسلامي في الإستراتيجية العالمية”.

مراحل فكره..

يمكن تقسيم الإنتاج الفكري لـ”جمال حمدان”، إلى ثلاثة مراحل، هي:

1 – مرحلة التفكير العلمي، (1953 – 1964): أنجز فيها 17 عملاً علمياً؛ واهتم فيها بالكتابة العلمية بغزارة في السكان والمدن والجغرافيا السياسية على المستوى الإقليمي في إفريقيا والمنطقة العربية ومصر.

2 – مرحلة التفكير الوطني الموجه، (1961 – 1984): وجود فترتين أساسيتين؛ مرحلة الجغرافيا السياسية للمنطقة العربية والإفريقية خاصة، وفترة التفكير في دراسات الشخصية القومية لمصر، وبدأت في أعقاب حرب 1967، عند نشر كتاب شخصية مصر في القطع الصغير وتطورت إلى القطع العادي 1978، ثم الإتجاه الموسوعي في بداية الثمانينيات.

3 – مرحلة التفكير القومي، (1984 – 1993): أعقبت الجزء الموسوعي الأخير من (شخصية مصر)، وخصصها لثلاثة أعمال علمية كبرى أولها عن جغرافية الإسلام والعالم الإسلامي والعمل الثاني يتعلق بالصهيونية واليهودية وإسرائيل وبدأه بكتابه (اليهود إنثربولوجيا).

الجوائز..

  • جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية، سنة 1986 – مصر
  • جائزة التقدم العلمي، سنة 1992 – الكويت
  • جائزة الدول التشجيعية في العلوم الاجتماعية، عام 1995 – مصر
  • وسام العلوم من الطبقة الأولى عن كتاب (شخصية مصر)، عام 1988.

كما عُرضت على “جمال حمدان” كثير من المناصب الكبيرة في مصر وخارجها، لكنه إعتذر عنها جميعاً مفضلاً التفرغ للبحث العلمي.

وفاته..

عثر على جثة “جمال حمدان”، والنصف الأسفل منها محروقاً، واعتقد الجميع أنه مات متأثراً بالحروق، ولكن “د. يوسف الجندي”، مفتش الصحة بالجيزة، أثبت في تقريره أن الفقيد لم يمت مختنقاً بالغاز، كما أن الحروق ليست سبباً في وفاته، لأنها لم تصل لدرجة إحداث الوفاة. اكتشف المقربون من “جمال حمدان” إختفاء مسودات بعض الكتب التي كان بصدد الإنتهاء من تأليفها، وعلى رأسها كتابة عن اليهودية والصهيونية ويقع في ألف صفحة، وكان من المفروض أن يأخذه ناشره، “يوسف عبدالرحمن”، منه، والكتاب الثاني: (العالم الإسلامي المعاصر)، وله كتاب قديم عن العالم الإسلامي كتبه سنة 1965، ثم عاد وأكمله وتوسع فيه بعد ذلك لدرجة أنه أصبح كتاباً جديداً. والكتاب الثالث: عن علم الجغرافيا، مع العلم أن النار التي اندلعت في الشقة لم تصل لكتب وأوراق “د. حمدان”، مما يعني إختفاء هذه المسودات بفعل فاعل، وحتى هذه اللحظة لم يعلم أحد سبب الوفاة ولا أين اختفت مسودات الكتب التي كانت تتحدث عن اليهود.

ومما يؤكد حتمية قتله ما رواه أشقائه “عبدالعظيم حمدان” و”فوزية حمدان”، أن الطباخ الذي كان يطبخ له فوجئنا بأن قدمه إنكسرت وأنه راح بلده ولم نعد نعرف له مكاناً. وأمر آخر؛ أن جارة كانت تسكن في البيت الذي يسكن فيه “جمال حمدان”، قالت لنا إن هناك رجلاً وامرأة خواجات. سكنوا في الشقة الموجودة فوق شقته شهرين ونصف قبل اغتياله ثم اختفيا بعد قتله، وقد فجّر رئيس المخابرات السابق، “أمين هويدي”، مفاجأة من العيار الثقيل، حول الكيفية التي مات بها “جمال حمدان”، وأكد “هويدي” على أن لديه ما يثبت أن الموساد الإسرائيلي هو الذي قتل “حمدان”.

مؤلفاته..

  • دراسات في العالم العربي، القاهرة، 1958
  • أنماط من البيئات، القاهرة، 1958
  • دراسة في جغرافيا المدن، القاهرة، 1958
  • المدينة العربية، القاهرة، 1964
  • بترول العرب، القاهرة، 1964
  • الاستعمار والتحرير في العالم العربي، القاهرة، 1964
  • اليهود إنثروبولوجيا، كتاب الهلال، 1967
  • شخصية مصر، كتاب الهلال، 1967
  • إستراتيجية اللاستعمار والتحرير، القاهرة، 1968
  • مقدمة كتاب القاهرة لديزموند ستيوارت، ترجمة يحيى حقي، 1969
  • العالم الإسلامي المعاصر، القاهرة 1971
  • بين أوروبا وآسيا، دراسة في النظائر الجغرافية، القاهرة، 1972
  • الجمهورية العربية اللليبية، دراسة في الجغرافيا السياسية، القاهرة، 1973
  • 6 أكتوبر في الاستراتيجية العالمية، القاهرة، 1974
  • قناة السويس، القاهرة، 1975
  • إفريقيا الجديدة، القاهرة، 1975
  • موسوعة شخصية مصر: دراسة في عبقرية المكان 4 أجزاء، القاهرة، 1975 – 1984

المصدر: ويكيبيديا

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة