السنة او الشهور التي سبقت الغزو والإحتلال الأنكلو – امريكي للعراق , والتي شددّوا واكّدوا المسؤولون في لندن وواشنطن على امتلاك اسلحة الدمار الشامل , والتي ايضاً روّجَ لها الإعلام الغربي بكثافةٍ غير معهودة ” وكانت مسوّغاً لإحتلال العراق , والتي كذلك قامت المعارضة العراقية < السلطة الحاكمة اليوم > بالتأكيد الشديد على امتلاك العراق لتلك الأسلحة .! , فكان من الطبيعي أنّ نسبةً عالية من الرأي العام العالمي وخصوصاً في مجتمع الغرب على قناعةٍ في صدقيّة المزاعم الأمريكية , ثمّ وقع الأحتلال وفتّشوا ونبشوا الأمريكان والأسرائيليون في كلِّ شبرٍ وزاوية في انحاء واروقة العراق ولم يعثروا عليها , وانكشف الزيف وزهق الباطل .
ومرّةً اخرى اُثيرت في الإعلام الغربي مسألة قيام الجيش السوري بقصف قوى المعارضة المسلحة بالأسلحة الكيمياوية , وكادت سوريا تتعرّض لأكبر ضربةٍ صاروخيّةٍ – جوية من قبل الأمريكان وبهوسٍ شديد في زمن الرئيس اوباما , لكنّ الحكومة السورية تصرّفت في حينها وعلى إثرها بحنكة شديدة للغاية , إذ قامت بتسليم ما لديها من المعدّات الكيمياوية الى الأمم المتحدة وارفتقتها بالوثائق والبيانات ذات الصلة , وقدّمت تعهداتٍ رسمية بعدم محاولة امتلاكها او انتاجها او الحصول عليها , وكان ذلك في شهر ايلول \ سبتمبر لعام .2013
ولم تكن مدّةٌ طويلةٌ قد مرّت على ذلك الإتهام الأمريكي لسوريا , إلاّ وعادت تلك الأسطوانة المشروخة تتجدد وبتناسبٍ طردي ! وبأيقاعٍ متناوب بين اطراف المعارضة السورية من جهة < التي تضمّ تنظيماتٍ دينية متطرفة كجبهة النصرة , وتشكيلات من المرتزقة وضباط مخابرات من دولٍ عدّة ” جرى القاء القبض على بعضهم ” بالأضافة الى اجنحة المعارضة السورية التقليدية ” , وبين تصريحات وتأكيدات المسؤولين الأمريكان بهذا الشأن من الجهة الأخرى , والتي تغدو تلقائياً او عمداً كمادةٍ مفيدةٍ للنشر في وسائل إعلام الغرب , لتتلقّفه وتتناقله وسائل الإعلام الخليجية مع اضافة مستحضرات التجميل والتحميل والتكبير لها .! , لكنّ كلّ ذلك لم يعد كما اتهامات العراق السابقة حول الأسلحة الكيمياوية , فما يجري بثّه ” كيميائياً ” حول سوريا قد فقد مصداقيته عند المتلقي او عموم الرأي العام , بل امسى مسألة تندّر , حتى اضطرّ وزير الخارجية الفرنسي < جان إيف لو دريان > مؤخرا للقول بأنّ فرنسا ستتدخل فعلياً اذا ما ثبت بالدليل الدامغ على استخدام السوريين للسلاح الكيمياوي , وهذا دليلٌ آخر على عدم قناعة فرنسا بوجود واستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا .
· : منَ الخطأ الجسيم الذي لم تدركه وسائل الإعلام الأمريكية والبريطانية وكذلك عموم الإعلام الغربي , ويسبقهم في ذلك كبار المسؤولين في البيت الأبيض والبنتاغون واجهزة المخابرات الأخرى , فأذِ ما انفكّوا وما برحوا يرددون حول استخدام السلطات السورية للأسلحة الكيماوية ضدّ المدنيين , فلم ينتبهوا أنّ تصريحاتهم تعني ضمنياً امتلاك دمشق لمثل هذه الأسلحة ! لكنّ تركيزهم على استخدامها ضدّ المدنيين والأطفال وإظهار الصور المفبركة معظمها .!
نُنوّه هنا أنّ استخدام عبارة او اصطلاح ” الأسلحة الكيمياوية ” على يد وسائل الإعلام في كافة دول العالم , ومنذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي فهو خطأ X خطأ , فالغازات السامة بمختلف انواعها هي موادّ فقط , ولكن يجري استخدامها عبر الطائرات الحربية والمدفعية , وهذه هي الأسلحة ! أي أنّ المواد الكيميائية يجري اطلاقها بواسطة اسلحة تقليدية .!