22 نوفمبر، 2024 9:58 م
Search
Close this search box.

انهم جياع

لم تنخر ذاكرتهم أحداث الحصار، بقوا صامدين عسى ولعل أن ينهض الأمل من كبوته، لم تنخر أجسادهم، نكرة السلمان والشعبة الخامسة، ومجازر المقابر الجماعية، والاعتقالات على الاسم، عسى ولعل أن ينتفض طائر المستقبل من ركامه، ويعيد إنتاج دراما أفضل من المسلسل المقيت، الذي خزنته ذاكرة الشعب. امتدادا من عصر الانقلابات إلى عصر الديمقراطيات.

هذا العصر الذي ظننا انه سيكون النقطة المتحولة في تلك الدراما نحو مستقبل أفضل. حياة يتمتع بها المتعبون على هذه الأرض بسيناريو أكثر رحمة مما خزنته ذاكرتهم.

بعد مرور أكثر من أربعة عشر عام على سقوط الطاغية، لازال خالد يطرح نفس السؤال على صديقه، متى نصبح مثل باقي الدول؟

صديقه محمد، المختص بالشأن الاقتصادي، يحمل لخالد هذا اليوم أخبار أكثر إثارة من ذي قبل، تحدث في عصر ذلك اليوم لما التقيا في مقهى الشهبندر وقال له:

خالد؟

تعلم أن الأزمة الحالية التي تعصف بنا ما هي إلا أزمة سهلة رغم ما نعانيه وعلى الرغم من حالة التقشف؟

قال له خالد:

كل هذا وتقول سهلة؟

قال له:

نعم سهلة بالمقارنة بما سيحدث، إن التوقعات والدراسات والعالم كله يضج بمفهوم جديد يتم ترجمته إلى ارض الواقع.

هل سمعت بالسيارة تيسلا؟

السيارة تيسلا طراز إس ,ذات حجم كامل .بأربعة أبواب تنتجها تيسلا موتورز. عرضت لأول مرة للجمهور في عام 2009 في معرض فرانكفورت للسيارات باعتبارها نموذجا أوليا ، بدأ تصنيع أجزاءها في الولايات المتحدة في يونيو 2012. وبدأ استخدامها في أوروبا في أوائل أغسطس عام 2013، وتم تسليمها في النرويج ، سويسرا وهولندا.

العالم يتجه إلى الطاقة البديلة:

وهي الطاقة التي يُطلق عليها الطاقة المتجددة التي ستحل محل الوقود الأحفوري مثل البترول، والصخر الزيتي، والغاز الطبيعي، وهي طاقة أقل ضرراً على البيئة، وأكثر ديمومةً، لاعتمادها بشكلٍ أساسي على الموارد الطبيعية المتجددة.

من أنواعها يا صديقي الطاقة الكهربائية التي ممكن أن تستخدم لأغراض شتى في الحياة، إن 68% من استخدام النفط يذهب من اجل الوقود فتخيل لو أن الطاقة البديلة حلت محل ذلك الوقود؟ ونحن لا زلنا نعتمد عليه كمصدر رئيسي وحيد في الاقتصاد، هولندا عزمت على استخدام الطاقة البديلة في نهاية 2025 ومثلها النرويج وأمريكا وغيرها من البلدان.

تخيل يا صديقي لو أن نسبة 68% انعدمت أو انخفضت من الاستهلاك البشري، ما الذي سيحصل؟ تعلم أيضا؟ أن الكثير من الدول العربية شعرت بخطر الاعتماد على البترول فقط، كمصدر وحيد في اقتصادها وأخذت تدرس حالات مختلفة من مصادر التنويع الاقتصادي، من هذه الدول، الإمارات، قطر، السعودية، الجزائر، حتى ليبيا.

لأن مستقبل الطاقة في العالم لا يبدو في مصلحة البترول، ولا في مصلحة بقية أنواع الوقود الأخرى.

هكذا تشير كل التوقعات والكل يأخذ هذه الأمور على محمل الجد، إلا نحن هنا، لأننا لا نملك سياسة اقتصادية خاطئة فحسب، بل نحن أصلا ليس لنا سياسة اقتصادية!

عند ذلك لما يضعف الطلب على الوقود الأحفوري ومن المتوقع أن يصبح سعر برميل النفط خمسة عشر دولار، وهذه نسب متوقعة من قبل مختصين في نهاية سنة 2025 لذلك لو كثفنا كل طاقتنا في الإنتاج ومن ثم التصدير.

لما أمكن لنا أن نسد حاجة الرواتب الشهرية للموظفين، ناهيك عن باقي المستلزمات الضرورية في إدارة شؤون الحياة والدولة للمواطن، لا تنسى النسبة السكانية التي في تزايد مستمر، فعدد نفوس العراق سيزداد أيضا خلال السبع سنوات القادمة، بالنتيجة نحن أمام منعطف خطير جدا في قراءة مثل هذه التوقعات، يبدو أن الخزين من ذاكرتنا للماسي التي مرت يرفض أن يغادرنا إلا ومستصحب معه حلة جيدة مؤهلة، لتكون خزين أخر يضاف لحزن الأجيال المتعاقبة.

قال خالد:

ما لذي تقول؟ ما هذه المعلومات الصادمة، وهل الحكومة على علم بكل ذلك؟ وهل هذه المعلومات متاحة والكل يستطيع الاطلاع عليها لو كان كذلك ما هو الحل الذي خططت له الحكومة لتفادي مثل هذه التوقعات؟ وإيجاد طرائق بديلة نحو تفادي ثورة الجياع أو حصول كارثة جديدة!

قال له:

نعم صديقي خبراء الاقتصاد والراي العام، والمتحدثين بهذا الشأن، كلهم يعلمون بهذه المعطيات، لكن كما تعرف حكومتك مكونة من طوائف، ومشكلة من أحزاب، جعلت خيار كسب الأصوات الانتخابية هي الغاية الأسمى لها في التعبير عن عدم مراعاتها لحقوق البشر، والأمانة الملقاة على عاتقهم في حماية التنوع الأحيائي لهذا البلد، هم: يعملون على كسب رزقهم هنا وليس من اجل كسب المستقبل وإيجاد فرص بديلة، نخرت المحاصصة المسؤولية الوطنية، وأصبح الهدف المناصب، وكسب المال. وتحولت الممارسة السياسية إلى فوضى رمي قناني الماء في البرلمان. لان مدار عقول المنتفعين هنا، لا يتعدى عقل أي إنسان جاهل فاقد للذوق العام أو الأدب، مجموعة من قطاع الطرق وذوي اللسان السليط تسلطوا علينا.

أو مجموعة من الداعين إلى نيل الشهادة من اجل حماية وصون الوطن والعرض، وهم يتسترون خلف زجاج!

تقسمت ادرأه الدولة بين هؤلاء المقدسين إلى درجة التأليه والعبادة، وأصبح الجياع هنا لا يعلمون ما يفعلون!

تم برمجة نظام العقل لديهم على تقديس الذوات الشخصية وشراء الذمم، واستئجار الضمير، من اجل التطبيل وحماية مصالح الإلهة البشرية.

أصبح المساكين هنا لا يعلمون من واقعهم سوى كلمات جوفاء لا تخدم إلا ذوي النفوذ، وتعصب أهبل، يصب مجراه النفعي في خدمة (السيد، والشيخ، والدكتور، والسيادة، والمعالي). هكذا تم تغييب الوعي الجمعي للعقل البشري في هذا البلد، حتى الدعوات إلى الإصلاح، ما هي إلا حركة برغماتية من اجل كسب النفوذ، وادرأه مشاريع بالنيابة، الجميع يحمل مشروعا لا يتضمن خطوة نحو الأمام، قد تكون هناك خطوات جيدة، لكنها لا ترتقي إلى مستوى دولة، هي خطوات ممكن أي شخص يقوم بها على مستوى عائلته أو محيطه الاجتماعي، فليس بالمعجزة ما يقومون به، جل همهم الآن هو تسقيط بعضهم للبعض، وتفعيل السمة الأبرز في شخصياتهم والتي تتضمن كيفية تحقيق الغلبة على الآخر بشتى الوسائل.

الدولة إن كانت تعلم بكل هذا فهي عاجزة لأنها لا تستطيع أن تفكر بعقل مفرد أو تنجز بعقل منفرد دون الشراكة مع الآخرين، وان كانت لا تعلم بكل ذلك، فهو شأن متوقع، لأنها لا تهتم بالاستراتيجيات لما قبل الكارثة.

من مزايا هذه الحكومات إنها لا تحمل هما لما ممكن أن يحصل، لأنها قدرية ((تؤمن بان الأقدار قد تأتي بمعجزة وتغير الأحوال)) ولأنها تنتظر من سيخرج في يوم، ويحل لها مشاكلها ببركة الدعاء، وتخدير العقول.

خالد:

ما هذا؟ إذن سيأكل بعضنا بعضا

محمد: انهم جياع…

أحدث المقالات