بقليل من تأمل الآية الكريمة، ((أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا لاترجعون))، نلحظ فيها دلالة قريبة، ودلالة بعيدة، عن أهمية الزمن، فعمر الانسان بلاشك، هو فترة محددة من الزمن، تنقضي بانقضاء أجله :((اذا جاء اجلهم لايستقدمون ساعة ولايستأخرون)). تلك هي الحقيقة الكبرى في الوجود .
على أن الله تبارك وتعالى، وفي ازاء تلك الحقيقة الحتمية، قد استخلف الانسان في أرضه:((واذقال ربك اني جاعل في الارض خليفة…))، وقد جعل من شروط من شروط الاستخلاف على الارض، الاستقامة لله، وان يكون الاستخلاف لعباد الله الصالحين، الذين يصلحون في الارض ولايفسدون:((ولقدكتبنا في الزبور من بعدالذكران الارض يرثها عبادي الصالحون*ان في هذا لبلاغا لقوم عابدين)).
ولذلك فإن من مقومات النهوض، وسر النجاح في ذلك الأمر، القراءة، والقلم، وكلاهما متعلق بالزمن (عمر الانسان). إذ لاشك ان القراءة، والاخذ بالقلم، يتطلب جهد، وصبرا، ووقتا(زمن). وفي ذلك نلحظ ان اول التنزيل كان قوله تعالى:((أقرأ وربك الاكرم *الذي علم بالقلم* علم الانسان مالم يعلم)).
ويظل للزمن منظورا إليه من وجهة النظر في الدين الإسلامي، الذي اولاه عناية كبيرة، واهتماما بالغا، قيمته العالية، مما يتطلب استغلاله على أفضل نحو . لذلك كانت الموازنة الدقيقة بين العمل للدنيا والاخرة قائمة على اساس قوله تعالى:((وابتغ فيما اتاك الله الدار الاخرة ولاتنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما احسن الله اليك*ولاتبغ الفساد في الارض ان الله لايحب المفسدين)).
على ان الموازنة بين إعمار الدنيا والفوز بالآخرة تظل مطلوبة. ومن فلايسوغ الاهتمام بالجانب المادي على الحضاري، او العكس، ((ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا*ويشهد الله على مافي قلبه وهو الد الخصام*واذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لابحب الفساد))، وبالموازنة الرشيدة فقط، يسعد الإنسان في الزمنين الدنيوي، والاخروي.