تعتبر قضية تدخلات نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في المنطقة، واحدة من أهم و أبرز القضايا التي ألقت و تلقي بظلالها السلبية على السلام و الامن و الاستقرار في المنطقة بشکل خاص و العالم بسکل عام، وقد کانت دائما تفرض نفسها بصورة أو أخرى على الاجتماعات الاقليمية و الدولية الخاصة ببحث الامن و الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط و العالم.
التصريحات و المواقف الاقليمية ترکز کلها على مخاطر هذه التدخلات و آثارها و تدعياتها السلبية الآنية و المستقبلية، مع إنها طالبت بل وعلمت مابوسعها من أجل إيقاف هذه التدخلات، لکنها مع ذلك ظلت أشبه ماتکون بالعاجزة أمامها، إذ إنها”أي التدخلات الايرانية”، قد بلغت مرحلة صعبة و معقد تتطلب عملا و جهدا إقليميا شاملا زائدا جهدا دوليا مؤثرا من أجل لجمها و إيقافها عند حدها.
عندما يذکر سيغمار غابرييل في مداخلة أمام مؤتمر ميونخ للأمن يوم الجمعة المنصرم، أن الدول الأوروبية تعمل مع الولايات المتحدة حول سبل وقف تدخلات يران في منطقة الشرق الأوسط، وأن الدبلوماسية المتعددة الأطراف تمكنت من حل أزمات مستعصية، حيث مكنت مفاوضات مجموعة 5 زائد واحد وإيران من التوصل إلى الاتفاق النووي الذي أبرم في منتصف يوليو 2016 في فيينا. “وقد حال الاتفاق النووي دون تزود إيران بالسلاح النووي”. ومع إن غابرييل قال”إن السلام الدائم في سوريا هو السبيل إلى وقف الهيمنة الإيرانية على المنطقة”، لکن الذي فات غابرييل و غيره الساسة الاوربيين هو إن التدخلات ليست کالبرنامج النووي أبدا، فهذا البرنامج قد جاء من أجل تعزيز و ترسيخ التدخلات وليس کجهد منفصل، ومن الضروري أن يتذکر غابرييل و غيره بأن إيران قد قامت بصرف الاموال الايرانية المجمدة التي تم إطلاق قسم منها بعد الاتفاق النووي، قد تم صرفها بلاهوادة على المسائل و القضايا المتعلقة بالتدخلات و ليس على الشعب الايراني کما کان مرجوا و مطلوبا.
أهمية التدخلات بالنسبة للنظام الايراني، تأتي من کونها تعتبر إحدى الرکيزتين الاساسيتين اللتين يقوم عليها مشروع نظام ولاية الفقيه، وإن النظام ليس على إستعداد أبدا للتفريط بهذه الرکيزة لأنه يعلم بأن ذلك سيدفع بتعجيل إنهيار النظام، ومن هنا فإن الجهد الدبلوماسي هنا بنفس سياق ماقد حدث و جرى مع البرنامج النووي الايراني، لايمکن أن يحقق الاهداف المرجوة من ورائه، لأنها ليست قضية مرتبطة و متعلقة بداخل إيران ومحددة بذلك بل إنها أکبر بکثير، فهي کما أسلفنا ليست مجرد برنامج بل رکيزة أو دعامة يقوم عليها النظام، ومن هنا فإن العمل من أجل إيقاف التدخلات الايرانية في المنطقة تتطلب جهدا أکبر و أوسع يقوم على النقاط التالية:
ـ إعلان الحرس الثوري کمنظمة إرهابية لإنه يقف وراء ترتيب و تنظيم التدخلات و المبادرة بطرد و ملاحقة عناصره المتواجدين في بلدان المنطقة.
ـ ضرورة إشراك العنصر الايراني في قضية إنهاء التدخلات في المنطقة، ذلك إن الشعب الايراني نفسه المعني أکثر من غير بهذه التدخلات التي تمت و تتم على حساب مستقبل أجياله و يجب أن لاننسى بأن الشعب الايراني وخلال إنتفاضتي عام 2009 و 2018، قد طالب بإنهاء التدخلات و رفضها جملة و تفصيلا، وإن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية التي تمثل الشعب الايراني و أثبتت دورها و جدارتها في الانتفاضة الاخيرة هو خير من يمکنه أن يقوم بهذا الدور.
ـ ضرورة إقامة إجتماع إقليمي ـ دولي يؤکد على تحريم هذه التدخلات و توحيد الجهود الاقليمية و الدولية لمواجهتها و إنهاءها.