استبشرالعراقيون على اختلاف أجناسهم وأعراقهم خيرا بالمفاوضات والحوار بين الإقليم والمركز ولاح بالأفق نهاية لبعض الأزمات بالاتفاق بين الوفدين الكردستاني والاتحادي ، ولكن سرعان ما تبدد الأمل برفض المسودة عندما عرضت على رئيس الوزراء .
وتصاعدت حدة التوتر بعد تصريحات رئيس الوزراء نوري المالكي عصر يوم السبت وأضاف نقاط خلاف جديدة ,وعادت الامور الى المربع الذي كانت فيه قبل بدء الحوار الاخير، وقد زادت الخشية من احتمالات الأسوأ, ففي المؤتمر الصحفي أعلاه لم يوفر المالكي حتى رئيس الجمهورية جلال طالباني الذي اتهمه بانه بات يمثل زعيما حزبيا, وليس رئيسا للجمهورية وحاميا للدستور , وهو خلاف بين الرئاستين لم يعد خافيا إلا انه في الاونة الأخيرة تبادل الطرفان الاتهامات والأوصاف التي عكرت صفاء العلاقات المميزة التي حمت المالكي من سحب الثقة عنه , والتي يرد عليها بانه هو من جاء بطالباني الى رئاسة الجمهورية .
يعتقد إن هذه التصريحات كانت للقطيعة ,لانه حتى الحلفاء والشركاء لم يسلموا من القذائف التي دكت مؤسساتهم وتوعدهم بالمزيد في قادم الايام .
ليس من المعقول ان تكون لغة الخطاب بهذه الحدة في وقت الحوار لم ينته ، وهناك اخذ وعطاء فيه ، حتى لو لم تكن هناك قناعة بما توصل اليه الوفدان المتحاوران ,على الرغم من انهما لم يكونا بعدين عما يقبله ويرفضه قادتهما، على مايبدو انه حوار لرفع العتب عنهما ، و يستشف من ذلك أن أوان الحل لم يحل بعد ، وان المرونة والتنازلات بعيدة المنال ,وانما هناك مسعى للاخضاع والاستسلام دون قيد او شرط .
لا احد يختلف على أن الدستور هو الفيصل ولكنه حمال أوجه والمحكمة الاتحادية إذا عاد اليها المتحاورون فإنها لم
تتشكل بعد لتفض المنازعات الدستورية ,إضافة إلى أن أغلبية القوى تؤكد على الاتفاقات السابقة والتوافقات لتكون مرجعية
الى جانب الدستور .
الواقع ان هذا وغيره آخر ما كان ينتظره العراقيون فهم كانوا في انتظار الوفد الكردستاني المخول بتوقيع الاتفاق والتأسيس لادارة مشتركة مؤقتة للمناطق المنتازع عليها لتطوي صفحة خلاف قد يتطور إلى مالا تحمد عقباه .
ومن المتوقع أن تكون ردود الفعل على التصريحات ليست اقل منها حدة ونحذر من التشدد والمبالغة في المطالبات ومحاولات جني مكاسب غير واقعية ، لذلك تضاءلت الآمال بحل سريع للازمة او في الحقيقة لن يكون هناك حلا بوجود هذه الخارطة السياسية والقيادات المعنية في ادارة الدولة ,لابد من العمل على التغيير باجراء انتخابات جديدة او استقالة الرئاسات الثلاث واعادة بناء التحالفات وفقآ لبرامج مغايرة، وندعو مجددا إلى التهدئة والابتعاد عن إثارة الرأي العام وخلق مناخات ملائمة للمبادرات والوساطات وطرح الأفكار المناسبة والعملية .