16 نوفمبر، 2024 10:03 ص
Search
Close this search box.

المقاربة الفرنسية الجديدة في إفريقيا

المقاربة الفرنسية الجديدة في إفريقيا

إعداد/ يونس بلفلاح
لم تعد إفريقيا بالنسبة لفرنسا إقليمًا استعماريًّا سابقًا تحظى فيه باريس بالأولوية والتمكن، بل إن الوضع الأمني في الساحل الإفريقي صار جزءًا من الاستراتيجية الفرنسية في العالم، وكون الصين أول شريك اقتصادي لإفريقيا أصبح عاملًا مؤرقًا للساسة الفرنسيين، ويحاول هذا التقرير تحليل هذه الأبعاد ودلالاتها.
مقدمة
عمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون منذ تنصيبه على رأس قصر الإليزيه على إيجاد مقاربة للسياسة الخارجية مختلفة مقارنة بسابقيه، فقد تعددت زياراته الخارجية وحظيت مجموعة من المناطق الجغرافية بحيز كبير من الاهتمام الفرنسي؛ حيث يرى العديد من المتابعين أن الأداء الدبلوماسي لماكرون نشيط، وفاعل، ومؤثر وأن هناك معالم لسياسة خارجية فرنسية جديدة خاصة في المنطقة التي طالما وُصفت بأنها تابعة للنفوذ الفرنسي وأهمها القارة الإفريقية.

المقاربة الفرنسية بإفريقيا والتأرجح بين الأمني والاقتصادي

زار الرئيس ماكرون العديد من الدول الإفريقية كما تم تنظيم لقاءات بين أطراف أوروبية وأخرى إفريقية لعل أبرزها القمة الإفريقية-الأوروبية في ساحل العاج، في ديسمبر/كانون الأول 2017، والتي ناقشت اهتمامات الطرفين، حيث تنصبُّ أنظار الأوروبيين على موضوعي الإرهاب والهجرة مع كثرة بؤر التوتر وغياب الأمن في مجموعة من الدول الإفريقية ثم النقاش عن الارتفاع الديمغرافي في إفريقيا، فمن المتوقع أن يصل عدد سكان إفريقيا سنة 2050 إلى مليارين ونصف، وما يمكن أن يترتب عنه من ارتفاع مهول في منسوب الهجرة خاصة من أكثر الدول الإفريقية المصدِّرة للهجرة كنيجيريا، وغينيا، ومالي. وقد تقدمت فرنسا بمساعدات لإفريقيا خلال هذه القمة بمليار يورو كما عزم الاتحاد الأوروبي على دعم إفريقيا عبر إعانات بأربعة مليارات يورو في أفق سنة 2020. ومما يجب التوقف عنده أن هذه الإعانات غير كافية كما أن إفريقيا لا تحتاج إلى إعانات بل إلى استثمارات قادرة على خلق فرص العمل، خاصة أن أكبر معدلات النمو الاقتصادي يتم تحقيقها في الدول الإفريقية؛ فحسب توقعات البنك الدولي لسنة 2018، ستحتل ست دول إفريقية المراتب العشر الأولى في العالم من حيث معدل النمو؛ حيث ستتربع غانا على المرتبة الأولى عالميًّا بمعدل نمو يفوق 8.3% متبوعة بإثيوبيا بمعدل 8.2%(1). كما وُصفت المقاربة الفرنسية بأنها منقوصة؛ لأنها اهتمت بالجانب الأمني وأغفلت الجانب التنموي فإفريقيا تحتاج إلى ريادة أعمال، وتنمية اجتماعية، وقضاء مستقل. ولمواجهة الهجرة، تبدو دول الاتحاد الأوروبي وفرنسا مطالبين ببناء صمامات أمان في شكل أقطاب للتنمية قادرة على استيعاب المشاكل الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا والتي بإمكانها التخفيف من حدة الهجرة إلى القارة الأوروبية.

وفي هذا الصدد، تتجلى الإشكاليات الاقتصادية في إفريقيا في ضعف التنويع الاقتصادي والاعتماد شبه الكلي في الاقتصاد الإفريقي على الموارد الطبيعية بشكل ريعي، فضلًا عن الهوة الكبيرة بين مخرجات النظام التعليمي وحاجيات سوق العمل ثم غياب التكامل الاقتصادي بين الدول الإفريقية. علاوة على ذلك، تغيب الاستقلالية الاقتصادية وسيادة القرار على أغلب الدول الإفريقية فما زالت فرنسا تتحكم في السياسة المالية لأغلب الدول الإفريقية وفي عملتها النقدية ناهيك عن الانتقادات الكبيرة التي توجَّه للجانب الأوروبي وخاصة فرنسا باعتبارها دائمًا طرفًا في مشكل إفريقيا لا في الحلول فلطالما تعاملت فرنسا مع الدول الإفريقية بمنظور فوقي واستعماري ولم تساعد الدول الإفريقية على تبنِّي أنظمة ديمقراطية وبناء مؤسسات حقيقية نزيهة وقادرة على إشراك المواطنين في صنع القرار، بالإضافة إلى وقوفها حجر عثرة أمام تفعيل المؤسسات الإفريقية الداخلية.

وفي ذات النطاق، نظَّمت فرنسا قمة “لاسال سان كلو” للتحالف ضد الإرهاب في الساحل بمشاركة مجموعة الخمس، وهي: مالي، والنيجر، وتشاد، وبوركينافاسو، وموريتانيا. وقد تميزت هذه القمة بغياب الجزائر التي اختارت سياسة النأي بالنفس عن المساهمة في الاقتتال بالساحل الإفريقي، ويبدو هذا متسقًا مع السياسة الخارجة الجزائرية التي ترفض التدخل العسكري في مناطق خارج حدودها وكذلك نتيجة الحمولة التاريخية للجزائر مع التنظيمات الإرهابية. علاوة على ذلك، تميزت القمة باستدعاء السعودية والإمارات لتمويل المجموعة بعد فشل ماكرون في تجييش قوى أوروبية وخلافاته مع ألمانيا في هذا الخصوص وكذلك مع إيطاليا فيما يخص الملف الليبي. وبذلك، أعطت السعودية مئة مليون يورو ودفعت الإمارات ثلاثين مليون يورو، ويشكِّل المبلغ السعودي-الإماراتي نصف الميزانية المخصصة لهذا التحالف، ويمكن تفسير هذه المساهمة السعودية بسعي القيادة الجديدة في السعودية لتغيير صورة السعودية كداعمة وممولة للإرهاب أما الإمارات فلديها مشاريع ومصالح اقتصادية بمنطقة الساحل. ولا يمكن أن يكون هذا التمويل السعودي-الإماراتي قد تم دون موافقة أميركية بل يرى العديد من المحللين أن هاتين الدولتين تمثلان الولايات المتحدة الأميركية في هذا التحالف خاصة أن للولايات المتحدة الأميركية علاقات عسكرية مع دول الساحل من خلال مناورات أسد إفريقيا التي تنظمها الولايات المتحدة الأميركية سنويًّا مع الدول الإفريقية.

وتسعى فرنسا لمواجهة الإرهاب في دول الساحل وتخشى انتقال الجهاديين لأوروبا؛ حيث يشير مركز تحليل الجهاد إلى أن فرنسا هي أول مرتع للجهاديين بدول الاتحاد الأوروبي، فمن بين 7456 مقيمًا بالاتحاد الأوروبي ومنخرطًا في تنظيمات جهادية، هناك 2370 فرنسيًّا، متبوعة ببريطانيا بـ1700 شخص، ثم ألمانيا 960 شخصًا، فبلجيكا 749 شخصًا، ثم النمسا 355 شخصًا، فالسويد 311 شخصًا، وهولندا 285، ثم إسبانيا 223 شخصًا، و503 موزعين على باقي دول الاتحاد الأوروبي(2). وتوضح التقارير الفرنسية أن من بين 2370 جهاديًّا فرنسيًّا ما زال 688 يقاتلون مع تنظيم “الدولة الإسلامية”، و280 قاتلوا بسوريا، و980 يخططون للذهاب لسوريا أو ضُبطوا في محاولات للذهاب لسوريا، و249 عادوا من سوريا، و173 ما زالوا في مناطق التنقل من فرنسا لسوريا وأغلبهم باليونان. على ذات المنوال، خضع 1400 شخص في فرنسا لقضايا عدلية منهم 802 ما زالوا في قائمة المبحوث عنهم، و410 يُحاكَمون، و223 حُكِم عليهم، و42 في انتظار الحكم(3).

وانطلاقًا مما سبق، أقدم الجيش الفرنسي على إرساء برنامج موازنة جديد بين 2019 و2025 يأخذ بعين الاعتبار التحديات العسكرية لفرنسا وجعل ميزانية الجيش أكثر فعالية، فميزانية الجيش الفرنسي ووزارة الدفاع سنة 2017 هي 33.4 مليار يورو مقابل 32.7 مليارًا سنة 2016 بنمو يقارب 700 مليون يورو. ويعتمد الجيش الفرنسي على 202964 جنديًّا موزعين على العديد من بؤر التوتر بينما ستشكل ميزانية الجيش الفرنسي، في الفترة ما بين 2018-2022، 190 مليار يورو؛ حيث يهدف البرنامج الجديد لجعل ميزانية الجيش تمثل 2% من الناتج الإجمالي بسنة 2025. وسيتم توظيف 500 جندي لتقوية أعداد الجنود الفرنسيين الموجودين بمنطقة الساحل لينضافوا إلى 4000 عنصر موجودين بالمنطقة، كما ستمثل حصة التجهيزات 18.5 مليار يورو سنويًّا خلال هذا البرنامج، كما سيمثل البحث والتطوير مليار يورو سنويًّا. بالإضافة إلى ذلك، يهدف هذا البرنامج إلى العمل على شراكة مع بلجيكا لصناعة دبابات متطورة وشراكة مع ألمانيا لصناعة طائرة حربية أوروبية للمستقبل(4).

فرنسا وإفريقيا بين الأطماع الاستعمارية والتنافس مع الصين

يعتبر الاقتصاد ركيزة أساسية في لعبة التنافس الدولي على القارة الإفريقية، فلقد كانت إفريقيا على الدوام مطمعًا للقوى الدولية الساعية إلى استغلال ثروات القارة المتنوعة، فالموارد الطبيعية، الزراعية الطاقية وحتى البشرية، غنية جدًّا، وتشكِّل محفزات قوية لدول عديدة، من أجل إقامة جسور للتواصل والتجارة مع إفريقيا بأهداف اقتصادية. وقد امتاز القرن الماضي بالنفوذ الفرنسي والبريطاني على إفريقيا، بحكم سنوات الاستعمار والتأثير اللغوي والثقافي لهاتين الدولتين على الدول الإفريقية؛ الأمر الذي انعكس على الجوانب الاقتصادية والتجارية، فكانت فرنسا وبريطانيا في طليعة المتهافتين على ثروات إفريقيا، من حيث استخراج الطاقة، والاستفادة من المحاصيل الفلاحية والأيدي العاملة، علاوةً على توجيه الشركات والمؤسسات الاقتصادية لإفريقيا، باعتبارها سوقًا استراتيجية خالية من المنافسة، ويمكن فيها تحقيق أرباح طائلة، بعيدًا عن الأسواق الأوروبية التي ما فتئت تعاني من التشبع الاستهلاكي والتضخم المالي المؤثرين على التنافسية.

وفي هذا السياق، ارتبطت إفريقيا بفرنسا واستغلت هذه الأخيرة عامل اللغة والثقافة لتسيطر على الثروات الإفريقية وانتشرت المؤسسات الفرنسية في ربوع القارة لتقيم مشاريع متعددة ومختلفة القطاعات فنجد استثمارات توتال في قطاع النفط والطاقة، وإلستروم في النقل، وبويغ في البناء والعقار، وأورانج في الاتصالات، وبي إن بي باريبا والشركة العامة في قطاع البنوك، إضافة إلى صفقات الطائرات التابعة لإيرباص وكذلك صفقات السلاح الفرنسية بالقارة السمراء، كل هذه الأيقونات الفرنسية استفادت من الموارد الإفريقية واستغلت رخص الأيدي العاملة، وكثيرًا من الأحيان ضعف القانون عبر دعم سياسي للديكتاتوريات الإفريقية مقابل الحصول على امتيازات ضريبية ورقابية.

وخلال العقدين الأخيرين، عرفت القارة الإفريقية دخول منافس جديد وقوي لفرنسا، فالصين هي المستثمر الأول في إفريقيا بقيمة 36 مليار دولار سنويًّا ويبلغ مجموع الاستثمارات الصينية في إفريقيا ما يزيد عن 400 مليار دولار، كما يبلغ التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا 190 مليار دولار وهو حجم يفوق التبادل التجاري للقارة السمراء مع الولايات المتحدة الأميركية والهند وفرنسا مجتمعة(5).

فمع مطلع القرن الحالي، اتجهت الصين إلى إفريقيا، باعتبارها قوة اقتصادية كبيرة، تقدم نفسها بديلًا له رؤية مكتملة، حتى أصبحت أول مستثمر في إفريقيا، وأحد أهم شركائها الاقتصاديين، فللصين خلفيات تاريخية وأيديولوجية مع الدول الإفريقية، فهي دولة مراقِب في حركة عدم الانحياز، كما كانت مساندة للأحزاب والتيارات اليسارية الإفريقية في الأممية الاشتراكية، داعية إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها، والاستقلال الاقتصادي ومناهضة الإمبريالية. علاوة على ما سبق، أسهم نجاح الصين الاقتصادي، وتحقيقها طفرة نوعية، من حيث معدلات النمو والقدرة الاستثمارية، في سرعة وصولها إلى إفريقيا وقوته، حيث تعطي لدول القارة السمراء رسالة ملهمة، وعن تلك الدولة النامية التي كانت تعيش في براثن الفقر والجهل والتخلف، واستطاعت أن تصبح قوة عالمية تنافس الدول الغربية، ناهيك عن دور الصين في إنشاء منظمة للتعاون بين الاقتصاديات الصاعدة، ممثلةً في مجموعة دول البريكس: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنوب إفريقيا. تستحوذ هذه الدول على ربع مساحة العالم، وفيها أكثر من 43% من السكان، وتقود قاطرة التقدم الاقتصادي، بتحقيقها ما يقارب 25% من الدخل القومي العالمي، كما تستأثر بنصف الاحتياطي العالمي من العملات الأجنبية والذهب. ناهيك عن سيطرتها على ثلث التجارة العالمية، وجلبها نصف الاستثمارات الأجنبية المباشرة في كل أنحاء المعمورة(6).

على هذا النحو، تدخل الصين إلى إفريقيا عبر بوابة التعاون جنوب-جنوب، ومن خلال البعد التضامني لمناهضة الهيمنة الغربية، خصوصًا مع توالي الإنجازات غير المسبوقة للصين، فالاقتصاد الصيني يمثِّل وحده 10% من الاقتصاد العالمي، من خلال توجيه الأنشطة الصناعية نحو التصدير وجلب الاستثمارات الأجنبية، لإيجاد فرص للشغل، فقد نجحت الصين في تحويل الفائض الاقتصادي إلى فاعل تنموي، من خلال رفع معدل الادخار المحلي من 20% إلى 30% والاستثمار إلى 35% في ظرف زمني قصير. كما أن الصين هي ثاني دولة جلبًا للاستثمارات بـ144 مليار دولار سنويًّا بعد الولايات المتحدة الأميركية التي تجلب 340 مليار دولار.

لقد تمكنت الصين من تحقيق حضور وازن في إفريقيا حيث تمتاز الخريطة الاستثمارية للصين في إفريقيا بأنها تخص مشاريع للبنى التحتية من خلال بناء الطرق، والمطارات، والمستشفيات، والموانئ؛ فقد أسهمت الصين في تشييد 3300 كلم من الطرق في إفريقيا، وأكثر من 100 مدرسة و200 محطة لتوليد الطاقة، كما تم الاتفاق، في منتدى التعاون الصيني-الإفريقي سنة 2016 على ضخ أكثر من 2000 مليار دولار استثمارات في إفريقي(7).

وتتجلى قوة الصين في قدرتها على التأقلم مع خصائص البلد السياسية والاقتصادية والثقافية، وتنويع استثماراتها، من حيث القطاعات الاقتصادية، وحجم الاستثمارات، وطبيعة الأسواق والشركاء، وكذلك جودة السلع مع القدرة الشرائية. ويرجع نجاح الصين في إفريقيا إلى مقاربتها الشمولية، فهي المورِّد والموزِّع والممول عبر مؤسستها الوطنية المالية، مثل بنك التصدير والاستيراد وإكسيم بنك ووجود قطاع عام فعَّال؛ ففي تصنيف البنك الدولي لأقوى الشركات والمؤسسات الاقتصادية في العالم، من حيث حجم المعاملات والعائد المالي، نجد تسع مؤسسات صينية من بين العشرين مؤسسةً الأولى. علاوة على ذلك، تنتهج الصين دبلوماسية فعَّالة، تعتمد على التقرب من الدول الإفريقية، والإنصات لحاجياتها ومساعدتها في النهوض بالتنمية البشرية، من دون أي فوقية في التعامل، مع عدم وضع أي شروط متعلقة بحقوق الإنسان أو الإصلاح السياسي، كما تفعل القوى الغربية كمقابل للاستثمار في إفريقيا. فالصين توصف بأنها تتعامل بالندية في إطار جنوب-جنوب مع بناء البنية التحتية وتقديم مساعدات في التعليم والصحة في إطار رابح-رابح مع شركائها، فالدول الإفريقية تسعى للاستفادة من مشروع طريق الحرير الذي سيمر على 65 دولة بالعالم والذي من الممكن أن يغيِّر شكل القارة الإفريقية.

وفي سياق متصل، تستفيد الصين من المواد الأولية والمنتوجات الفلاحية في إفريقيا، فهي تشكو من احتياج كبير في هذه المواد والمنتوجات، وتنقسم واردات الصين من إفريقيا إلى مواد طبيعية، ومواد نفطية وسلع فلاحية وغذائية، في حين أن صادراتها تتمثل في 20% من السلع الاستهلاكية، و35% من مواد التجهيز و45% من السلع الوسيطة التي تحتاجها الدول الإفريقية لدعم البنية التحية. ومن أهم الشركاء الاقتصاديين للصين في إفريقيا، نجد جنوب إفريقيا، وأنغولا، والسودان، ونيجيريا، ومصر، والجزائر، والكونغو، والمغرب.

وختامًا، استطاعت الصين أن تضمن لها مكانة وازنة في إفريقيا، من خلال علاقات اقتصادية متينة واستثمارات كبيرة، جعلت من الصين قوة عالمية، تهتم بالقارة الإفريقية، وقادرة على التأثير فيها. لكن يبقى التساؤل عما إذا كان الحضور الصيني في إفريقيا شراكة مختلفة عن المقاربة الفرنسية تجاه القارة، أم أننا أمام نموذج نيوكولونيالي جديد، يرى في إفريقيا حديقة خلفية وكنزًا استراتيجيًّا للاستغلال(8).

وتعي فرنسا جيدًا قوة الصين وقدرتها على منافستها اقتصاديًّا في القارة الإفريقية فهي نفسها متضررة من عجز تجاري مع الصين بثلاثين مليار يورو وتعرف قوتها المالية الكبيرة ونفوذها المتزايد في القارة الإفريقية، فقد صارت فرنسا تبحث عن شراكات اقتصادية مع الصين، حيث ذكر ماكرون في كتابه “ثورة” عندما كان مرشحًا للرئاسة أن العلاقة مع الصين يجب أن تشكِّل فرصة بدل من تهديد.

وفي المجمل، تحاول فرنسا التعامل مع القارة الإفريقية بمقاربة جديدة مبنية على المصالح والشراكة فالاستفراد لم يعد مجديًا خاصة أن الأطماع الفرنسية تتضاءل في إفريقيا وهي تسعى للاعتماد على ثلاثة أعمدة لتقوية حضورها: الدبلوماسية والعسكرة والاقتصاد.

___________________________________

د. يونس بلفلاح – كاتب وأكاديمي مقيم بفرنسا.

مراجع

1 – “تقرير التوقعات الاقتصادية للبنك الدولي لسنة 2018″، البنك الدولي، 9 يناير/كانون الثاني 2018، (تاريخ الدخول: 8 فبراير/شباط 2018):

http ://pubdocs.worldbank.org/en/575011512062621151/Global-Economic-Prospects-Jan-2018-Sub-Saharan-Africa-analysis.pdf

2 – “European Jihad Watch n° 4 Novembre 2017”, Centre d’analyse du Terrorisme, Novembre 2017, (vu le 09 Février 2018):

http://cat-int.org/wp-content/uploads/2017/11/EJW-Novembre2017-french.pdf

3 – المرجع السابق.

4 – “La France va consacrer 295 milliards d’euros à sa defense entre 2019 et 2025”, Le Figaro, 07 Février 2018, (vu le 09 Février 2018)

http://www.lefigaro.fr/actualite-France/2018/02/07/01016-20180207ARTFIG00409-la-France-va-consacrer-295-milliards-d-euros-a-sa-defense-entre-2019-et-2025.php

5 – “La Chine, premier investisseur sur le continent en 2016”, La Tribune Afrique, 25 août 2017, (vu le 10 Février 2018):

https://afrique.latribune.fr/entreprises/les-nouveaux-champions-du-sud/2017-08-25/la-chine-premier-investisseur-en-afrique-747985.html

6 – المرجع السابق.

7 – Besada, Hany, “Assessing China’s Relations with Africa”, African Journals Online (AJOL), Published in Vol. XXXVIII, Nos 1&2, 2013, p. 81–105, (Visited on 8 February 2018): https://www.ajol.info/index.php/ad/article/viewFile/99537/88822

8 – “الصين وإفريقيا شراكة أم احتلال اقتصادي؟”، موقع العربي الجديد، 19 أبريل/نيسان 2017، (تاريخ الدخول: في 10 فبراير/شباط 2018): https://goo.gl/dBc4RH
المصدر/ الجزيرة للدراسات

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة