18 ديسمبر، 2024 10:01 م

في عودة الى ذاكرة الماضي، وبالتحديد في عقود الخمسينات، والستينات، بل والى عقد السبعينات من القرن الماضي، كان الإقبال شديدا على القراءة، والعلم، والتعلم، والثقافة جادا، وكثيفا. وقد كانت المدارس، والمعاهد، والكليات تمتاز بكادر تربوي متمكن، وتتسم برصانة علمية، ويرتادها طلبة متفوقون، وجادون.

وكانت المجلات، والصحف، والكتب الثقافية، لها سوق رائجة ، وروادا مثقفين، وقراء شغوفين. فكانت تلك الفترة تمثل فترة ازدهار نسبياً في الفكر، والثقافة، والوعي،حيث شهدت الفترة، تخرج جهابذة العلماء، والمفكرين، والادباء، والمثقفين، والفنانين. ثم ما لبثت تلك الومضة الحضارية، ان انحسرت شيئا فشيئا، وبدا يدب الفتور في القراءة، والانحدار في مستوى التعليم، والانحدار الثقافي.

فمن الأمور المسلم بها، أن السواد الاعظم من القراء العرب اليوم، لا يمتلكون ثقافة عميقة، بل اصلا، جلهم لا يقرأون، وبالتالي فانهم لا يمتلكون حسا ثقافية، تؤهلهم لعملية الفرز بين ما هو سلبي، أو ايجابي، وخاصة في هذا الوقت، زمن العولمة، والشبكة العنكبوتية، التي اخترقت الزمان، والمكان، والبيوت، والمجتمعات، على أهمية العولمة ، وما فيها من ضرورة عصرية، لا يمكن الاستغناء عنها، ورغم كل ما انتجته، من ثورة صناعية، وفكرية، وثقافية، ومعلوماتية.

ولعل الملفت للنظر حقا، ان أجيال الامة اليوم، وشبابها، غارقون، ومندمجون، في الإنترنت، ويقضون جل اوقاتهم في تصفح برامج، ومواضيع تافهة، بعد ان تركوا قراءتهم جانباً، واضمحلت ثقافتهم، إذ يبدو انهم اصيبوا بهوس الشبكة العنكبوتية، ووقعوا في شراكها.

إنها أشبه بانتكاسة فكرية، وجفاف ثقافي، وتشوش في الوعي، وضعف في الحصانة الفكرية، والثقافية،زاده اختراق الشبكة العنكبوتية لبيئتنا الثقافية، والفكرية الهشة، حدة.