من منا لا يتذكر هذه المقولة التي طالما أطلقها أحد الأطفال عندما لا يكون مرغوباً به في اللعب من قبل الفريق إما لغشه أو لعدم إلتزامه بالدور في اللعب أو لخروجه عن قواعد اللعبة إو بسبب شتم وسب أحد اللاعبين من الفريق؟ طبعاً هذه المقولة أيضاً استخدمها الكبار في كل مجالات الحياة السياسية والمالية والتجارية والأجتماعية.وفي هذا المقال نتطرق الى احدى الحالات وهي انكشاف فضيحة الفساد في صفقة الأسلحة الروسية من قبل مقربين من رئيس الوزراء ومستشاريه. ومهما فعل رئيس الوزراء للتغطية عليها فهو مسئول عن هذه الصفقة وخاصة أنه ذهب برجليه الى روسيا لأتمام الصفقة، إذ لا يجرؤ أحد من هؤلاء المقربين على الإقدام على أخذ عمولات بمائتي مليون دولار لولا معرفتهم بمقبولية هذا التصرف ضمن الدائرة الضيقة من رئيس الوزراء. في سنوات الحصار وبعد سد كل المنافذ التصديرية على العراق من قبل مجلس الأمن كان على الحكومة تمشية أمور الدولة ودفع رواتب الناس وتمشية البطاقة التموينية بطريقة ما وكان ذلك قبل الموافقة على برنامج النفط مقابل الغذاء والدواء، لأنه بدون الأستيراد والتصدير لا يكفي المنتج الوطني لسد الحاجة. ولذلك قيل أنه تم الأتفاق مع الرئيس الأسبق على أن يكون لكل وزير يستطيع توقيع عقد إستيراد مع الشركات الأجنبية بدون علم الأمم المتحدة مكافأة بعمولة ثابتة عند إتمام العقد أي الكل يعرف بها. أما الآن والعراق ليس تحت الحصار والحكومة تستطيع الأستيراد والتصدير بصورة علنية ورواتب المستشارين مليونية فما الداعي لأخذ العمولات والرشى لولا ضعف النفوس؟ لقد سمعنا الكثير منذ عام 2003 عن مثل هذه الرشى من قبل الوزراء والعسكريين والمتنفذين ولكن كانت القضايا تغلق ” لعدم كفاية الأدلة ” لأنها الصفقات تعقد خلف أبواب مغلقة ومحكمة. واليوم خرجت أخبار رشوى الأسلحة الروسية من الأبواب المغلقة بفعل فاعل خارجي هو الرئيس الروسي وهنا لا يستطيع أحد النكران ولولا الفعل الخارجي لتمت الصفقة وما أحد درى أو سمع. ولكن كعادة الأحزاب السياسية فقد تضاربت الأخبار وذلك باللجوء الى تحوير المصطلحات فرئيس الوزراء يقول أنها وقعت ولكن ليس له علم وآخر يقول لا لم تقع وإنما هي مجرد شبهات تم التحقق من بطلانها ومهما يقولون فأن الشعب عرف الخيط الأبيض من الخيط الأسود ولا تنطلي عليه التلاعب بالكلمات. ولأجل رفع الشبهة عن رئيس الوزراء بدأت تتسرب أسماء المتورطين بالصفقة الى الأعلام وكان أولهم السيد علي الدباغ ليقدم كبشاً سميناً على مذبح رئيس الوزراء وهذا الكبش سيذكره المالكي في كل مناسبة وحين بأنه لم يكن متهاوناً مع السراق حتى لو كان الناطق بأسمه. ولكن الناطق يعرف الكثير من خبايا المنطقة الخضراء ولذلك خرج الدباغ ليقول أنه أبلغ رئيس الوزراء بالعمولات قبل أن تخرج للعلن ومن نافلة المضحكات أن مكتب رئيس الوزراء سارع لنفي ما قاله الدباغ بل تم استبعاده من منصبه للتحضير للخطوة القادمة. وبعد أن صار الدباغ في دائرة الاتهام، هدد كبار المقربين من المالكي بأنه سيكشف الاوراق ويفضح فساد الصفقة على الإعلام في حال تم إبعاده. وتلاحقت نشر أسماء المتورطين ومنهم أعضاء في البرلمان مثل عزت الشابندر أحد مقربي رئيس الوزراء. ولا نعرف إن كان هذا صحيحاً كيف يكون الشابندر جزء من الوفد المفاوض على الأسلحة الروسية وهو عضو في البرلمان وليس في السلطة التنفيذية وعليه مراقبة السلطة التنفيذية ولا يكون جزء منها. المهم لم يستطع الشابندر الدفاع عن نفسه الا بالشتائم والتهديد بفضح قائمة المتورطين ولعن أبو الخلفوهم وهذا دليل على أنه فقد أعصابه. ولكنه تراجع عن تصريحاته النارية بعد تحذير من مسئولين نصحوه بالتراجع والا فأنهم سيكشفون تورطه بالصفقة وهذا ما فعل حيث أدلى في اليوم التالي بتصريحات معاكسة. اما وزير الدفاع وكالة فقد تورط هو الآخر ولم يستطع تقديم تفسير معقول لما حدث لأنه كان حصان طروادة وهو مأمور ولكنه بالتأكيد مسئول مع الشلة الباقية من المقربين الى رئيسه وبالحقيقة عليه الرحيل كما رحل أو أقيل وزير الدفاع الروسي. ولأجل لملمة الموضوع خرج كبيرهم الرئيس وقال إنه لا يوجد “دليل قاطع” يظهر فسادا في صفقة السلاح مع روسيا، إذاً لماذا كل هذه الضجة والعنتريات والفضائح وتبديل تشكيل الوفد المفاوض وأقالة الدباغ؟ وعلى هذا الأساس فهل كذب الرئيس الروسي علناً جهاراً؟ بالتأكيد لا فإنه رئيس دولة كبرى وهو يعرف ما يقول.
إذاً هي ورطة نزلت على الحكومة من حيث لم يحتسبوا وعليهم أن يتقبلوا أن من يطرد من اللعبة فأنه سوف يخربطها على أساس لو ألعب لو أخربط الملعب وهذا ديدن من عاث من في البلاد الفساد وأذل العباد.إذاً هي دولة قانون اللفاطين، ولأن الحرامية اختلفوا على توزيع الغنائم فقد بدأت الفضائح تلو الأخرى، ولو حدث أقل من هذا في أي بلد لإستقال رئيس الوزراء فوراً ولكن في العراق النقود تعلو ولا يعلا عليها، لا تعلوا على الدولار ذمة ولا ضمير ولا دين ولا ولا.
كتبت قبل مدة مقالاً بعنوان ” القشة التي ستقصم ظهر البعير” وقلت أنه بدل القشة الواحدة فالمالكي لديه قشات عديدة هم مستشاروه والأنتهازيون والكذابون والمرتشون، ولا بد أن واحدة منها ستقصم ظهر بعيره ولات ساعة مندم. وأكيد أن موضوع صفقة الأسلحة سيلملم كما لملمت من قبله المسروقات ولكن في هذه المرة سيذهب أحد المتورطين بالفضيحة كبش فداء الا أن هذا الكبش سيكافأ بمكافأة مالية كبيرة جراء سكوته على الشلة الباقية وكما قلنا فالنقود تعلو على الفضائل في عراق اليوم. ولكن السؤال هل سيعود الشعب العراقي بعد سنة من الآن لينتخب هؤلاء الحرامية؟ إن كان كذلك فعلى الشعب وزر ما سيحصل وعليه أن يسكت عن الفساد الأداري والمالي والأخلاقي وعلى البطاقة التموينية والكهرباء والماء وقلة الخدمات وعدم توفر الوظائف وعليه أن يدفع الرشوة في كل مرة يذهب الى دائرة من دوائر الدولة ليتم معاملة زواجه أو جنسية أطفاله أو حتى الحصول على نسخة من شهادته الدراسية. فهل من مدكر؟