18 نوفمبر، 2024 3:38 ص
Search
Close this search box.

التجني الظالم على الإخوان: ليس دفاعاً عنهم!

التجني الظالم على الإخوان: ليس دفاعاً عنهم!

طالعت مقالة السيد /خالد العبيدي في موقع (كتابات) المعنون (الإخوان المسلمون/1) ويبدو أن الكاتب من النوع المتحامل والناقم بل والحاقد على الإخوان وهذا ما أخلّ بمصداقيته في العرض والتحليل والوصف والنقد، فكان مُتجنياً طول الخط على الإخوان متهما إياهم بشتى أنواع وأصناف التهم التي نالوها من الملك فاروق ونظام حكمه وعبدالناصر ومخابراته، والسادات وحسني مبارك وأجهزتهما القمعية.
إن حركة الإخوان المسلمين طيلة تاريخها منذ تأسيسها بمدينة الإسماعيلية عام 1928 على يد الإمام الإمام حسن البنا يرحمه الله،  تعرضت الى العديد من النكبات والمحن والإنتكاسات كانت كل واحدة منها كافية لأن تمحو الحركة نهائيا من ذاكرة الناس.. لكن الأيام والسنين أثبتت، بل الحركة ذاتها أثبتت، أنها أقوى من أي قرار سياسي بالعزل أو الحل أو الإجتثاث.. وأن الحركة تمتلك مقومات الصمود والديمومة والإنبعاث.. وفي أعقاب كل محنة كانت تنطلق إلى دورة حياة جديدة وكأنها تبعث من جديد لأول مرة. فرغم تعرض أبرز قياداتها للإعدام والسجن والتشريد والتعذيب والنفي إلا أن الحركة كانت تنهض عقب كل فتنة ومحنة وكأنها تنهض من جديد..
كانت أول محنة تعرضت لها عام 1948 على يد النقراشي باشا الذي أصدر قرارا بحل الجماعة، ومصادرة ممتلكاتها، وإنتهت الأزمة بإغتيال وتصفية الأمام حسن البنا في 12/2/1949، وبعد ثورة يوليو 1952 التي إستمدت قاعدتها الشعبية من جماعة الإخوان فقد تم إتهام الجماعة عام 1954 بتدبير محاولة إغتيال الرئيس عبدالناصر، ومن ثم صدر قرار بحل الجماعة وزُجَّ بقادتها وكوادرها في السجون، وأعدم أبرز قادتها ومفكريها، أمثال عبدالقادر عودة والفرغلي وغيرهما. وكانت الأزمة الثالثة عام 1966 هي الأقسى والأعنف في تأريخ الجماعة، حين أعلنت السلطات المصرية عن إكتشاف مؤامرة إخوانية لقلب نظام الحكم وعلى أثرها تم إعدام سيد قطب (مفسر القرآن) ورفاقه من كبار زعماء الجماعة، وزج بأتباعها في السجون لغاية إصدار المرحوم انور السادات عفوا عنهم عام 1972 .. ثم لحقتها محنة 1982 ثم 1994 . وبقي الرئيس مبارك يمارس التصفيات والملاحقات وتلفيق التهم ضد جماعة الإخوان، وكان حسني مبارك يرفض التصريح بإجازة الجماعة بإعتبارها (حزبا دينيا محظورا وفق الدستور)!! إلا أن الأخوان تمكنوا أن يستمروا بالعمل المنظم الهادئ والدءوب ويستقطبوا جماهير عريضة غالبيتها من الشبان الذين ولدوا في أحضان أزمات تصفية الجماعة.. وكان فوز الجماعة عامي 2005 و2010 برغم التزوير الحاصل في انتخابات مجلس الشعب، قد فازوا بمقاعد تبلغ حوالي ربع مقاعد البرلمان وتخطيهم مرشحين حكوميين من الحزب الحاكم في العديد من المناطق، كان (مفاجأة) و(نكسة وربما صدمة) للبعض وبالأخص الحكومة المصرية التي لم تكن تتوقع مثل هذا الإكتساح.. بالرغم من أن مرشحي الأخوان خاضوا الأنتخابات ليس بإسم الجماعة لأنها جماعة محظورة قانونيا، بل خاضوها بأسماء مستقلين.. وهذا معناه أن الحركة لو كانت قد أجيزت وسمح لها بالعمل لأكتسحت أضعاف ماحصلت عليه من اصوات..
إن عودة الإخوان بقوة إلى صدارة المشهد السياسي ليس في مصر وحدها، وبعد عقود من التنكيل والسجن والمصادرة والمنع يدلل لكل ذي بصيرة أن عمليات مايسمى بإجتثاث الفكر ومصادرة الرأي وحل الأحزاب وتهميش وتغييب المعارضين وغيرها من الأساليب البوليسية والشوفينية والدكتاتورية لايمكن أن تنجح، ومآلها إلى الفشل فقد تهافت منطق الإجتثاث والإقصاء والتهميش للأفكار، والعقائد، فالفكر يتأصل في القلوب والعقول والنفوس ولايمكن اجتثاثه بقرار أو فرمان!! وكل محاولات اجتثاث الافكار والعقائد هي محاولات شوفينية محكومة بالفشل ابتداء..
تعم قد تستطيع الحكومات إجتثاث الأشخاص من خلال الاعتقالات والتصفيات والسجن والتشريد والنفي لكنها لم ولن تتمكن من إجتثاث العقائد والقناعات والأفكار..
من حق الاخوان أن يأخذوا فرصتهم كاملة كما أخذها غيرهم من قبل مع ان الظروف الدولية الراهنة لن تساعد هم على ذلك. ومن حقهم أن يحصدوا لصالحهم طبعا أخطاء وخطايا الوطنجيين والثورويين واليساريين والقوميين الخ الذين رسبوا في اختبار الحكم أكثر من مرة بجدارة ولم يستفيدوا من فرص الاكمال التي اتيحت لهم على مدار نصف قرن .
ان الاخوان في اطار حركة سياسية اجتماعية تستند الى رؤى دينية كمرجعية وتحسن الاتكاء على قدسية وطهارة الكتاب والسنة.. هم جزء لايتجزأ من النسيج الفكري العربي والاسلامي ولم يهبطوا علينا فجأة من كوكب آخر وبالتالي يجب أن لا يفزع أي مؤمن بالديمقراطية وحق الآخر من تعاظم نفوذهم أو حتى قفزهم الى مواقع القرار طالما ذلك يتم وفق القوانين الشرعية.. وهم بالمقابل يعلمون تماما ان استحقاقات الحكم تختلف كثيرا عن أهواء الحلم لان هناك المقوم الأول والأخير لأداء أي جماعة أو حزب هو الشعب والامة التي لا تستغفل وبيدها فقط ان تحكم بنجاح تجربة ما أو سقوطها..
    لقد تقدم الإخوان الصفوف في ثورة 25 يناير، وكان معظم قادة الحركة يقبعون في سجون مبارك، وما أن انتصرت الثورة الشبابية واطلق سراح قادتهم، حتى تصدر الاخوان المشهد، ودخلوا الانتخابات بعزيمة وثقة واصرار، وفازوا بأغلبية مجلس الشعب وبالانتخابات الرئاسية.. مما يدلل أن شعبيتهم باقية لم تتأثر بل زادتها الاعتقالات والظلم والتعسف الذي لاقوه زادتهم جماهيرية وشعبية.. ومن هنا يحاول أزلام النظام الدكتاتوري البائد والقوى أدعياء الليبرالية المؤامرة تلو المؤامرة مستغلين رصيدهم في بقايا النظام ومؤسساته ورصيدهم الاعلامي الهائل في شن الحرب على الأخوان.. لكن إرادة الله هي الأقوى.. وإرادة الشعب هي التي تنتصر…

أحدث المقالات