أصيب آلاف من طلبة الجامعات والمعاهد بخيبة أمل مريرة جراء الاهمال الذي طرأ على منحة الطلبة وعدم إدراجها في فقرات الموازنة الحالية، وهم الذين كانوا يترقبون صرفها منذ الشهر العاشر من هذا العام، لكنهم فؤجئوا ان المنحة قد تصبح في خبر كان، وان كل ماقيل عنها يدخل في باب المزايدات السياسية والحملات الانتخابية ، ليس الا؟
العديد من نواب البرلمان أعربوا عن دهشتهم ، عندما طرحت فقرات الموازنة ، وهي موازنة تكفي لست دول في المنطقة ، كما أشار اليها أحد النواب لضخامة الاموال التي رصدت لها، واذا بالطلبة الذين كانوا ينتظرون صرف منحتهم ، التي قدرت بمائة الف دينار، وهي لم تدرج ضمن الموازنة، ما ادى الى قيام تظاهرات وحملات احتجاج في الاوساط الجامعية على هذه الخطوة التي عدوها محاربة لفئة الشباب ، التي كانت تطمح بأن تلفت الدولة اليها في مثل هذه الظروف الصعبة لتنتشله من براثن الفقر والفاقة لكثير من العوائل العراقية التي أضناها الدهر، علها تسد بعض احتياجاتهم التي لاتعد ولا تحصى.
ويتساءل الاف الطلبة الجامعيين عن مصير منحتهم ، والى أين وصلت بها الاحوال ، وهل الغيت وكيف يتم ادراجها في العام الجديد ، وأثيرت تساؤلات عدة من قبل الطلبة: متى اذن يتم صرف هذه المنحة، وكيف، ومن يضمن انها تصرف لهم اصلا، في ظل أجواء انعدام الثقة بين عامة الشعب والحكومة، وهل ان اموال الموازنة لم تعد تتسع لمطالب مشروعة لاتشكل عبئا على الموازنة ، وكثرت التساؤلات وبقي مصير آلاف الطلبة معلقا بين دعوات اللجان البرلمانية التي ألزمت الحكومة بتطبيق المنحة، وبين وزارة المالية التي تبحث في كل مرة عن مبررات ما انزل الله بها من سلطان!!
الغريب في الامر ان الفساد الاداري والمالي يستهلك أكثر من نصف الموازنة، أي ان الفساد يبلغ بالمليارات، في حين لا تتعدى منحة الطلبة بضعة ملايين من الدنانير، واذا بها تهوي الى القاع غير مأسوف على شبابها، ولا ندري ان كان بمقدور البرلمان انتشال جثتها من بين الركام واعادت الحياة لها، أم انه سيتم تشييعها الى مثواها الاخير، حالها حال الكثير من المقترحات التي قدمها اعضاء في البرلمان لسنوات سابقة وبقيت طي الكتمان، ومجرد حبر على ورق، وآخرها ان يحصل العراقيون على فائض النفط، لكنهم لم يحصلوا ولو على نزر يسير من هذه المبالغ،أما عمليات النهب لثروة العراق فتجري على قدم وساق، ولا احد بمقدوره ان يكتشف مقدر ما سرق من اموال، وهي بالمليارت، وكان الله في عون العراقيين على بلواهم، ولكن الشباب هم الفئة الأكثر تضررا، اذ ان مستقبل الكثيرين منهم مازال غامضا، والاف الخريجين هم الان تتلقفهم ساحات البطالة والامراض النفسية والمشكلات الكثيرة التي تصرع الكثيرين منهم، وتحولهم الى طاقات مشلولة ، لاحول لها ولا قوة.
والمشكلة ان كل القوى السياسية تركض وراء الشباب والطلبة وتتمنى كسب ودهم وضمهم الى صفوفها، وبعضها لها باع طويل في السلطة والقرار، لكن عندما تأتي الحقوق المشروعة ، فلا احد يتذكر هذه الشريحة الشبابية ، ولا أحد يذكر فضائلها على المجتمع، وكيف ينبغي ان نوفر لها أبسط ظروف العيش لكي لاتنحرف الى مهاوي الرذيلة والاعمال التي لاتليق بها، ما يدعو الجميع نوابا وحكومة ووزارة مالية ومنظمات مجتمع مدني واتحادات ونقابات مهنية، ان نولي هذا الموضوع أهمية قصوى، وان لانحرم طلبتنا وشبابنا من هذه المنحة، فهم ينتظرونها بفارغ الصبر، كونها أحد احلامهم التي يجدون فيها ما يحفظ كرامتهم، ويحققون من خلالها بعض تطلعاتهم المشروعة في العيش الكريم.