لايكل النواب ورجال الطبقة السياسية من الحديث عن المشاريع الوطنية. فمن يرشح نفسه للانتخابات يقول ان لديه مشروع وطنيا يريد تحقيقه من اجل رفاهية المواطن العراقي. ويعقد من اجل ذلك عشرات المؤتمرات والندوات ويطلق مئات التصريحات ويوزع الاف اللافتات التي تجعل المواطن اين ما يلتفت يشعر ان “الدنيا كمرة وربيع”. ومن يؤسس حزبا يفعل الشئ نفسه ومن ينشق عن كتلة ويعلن استقلاله فان همه مثلما يقول المواطن ولا شئ غير المواطن. وكل هؤلاء لايكلون من الصراخ والعويل من اجل المواطن الذي لاتقدم له الحكومة الخدمات مثل الماء والكهرباء وفرص العمل. يقول هذا وهو يستقل سيارة مصفحة مع موكب من عدة سيارات اخر موديل. يعمل مع الحكومة وياخذ رواتبها ويعمل اتفاقات ويبرم صفقات ليل نهار باسم الحكومة ولكن لاهم له سوى عرقلة اي قانون او تشريع من شانه التاسيس لما هو مستقبلي للمواطن. واذا اردنا الاختصار والاختزال معا فاننا نقول لهؤلاء ان الصناعات الوطنية ومنها بل وفي المقدمة منها الان صناعة السيارات هي مشاريع وطنية قولا وفعلا. واذا كان الحزب او الكتلة او القائمة او الائتلاف مشاريع سياسية لها اهداف محددة فان الاسهام في تطوير مختلف انواع الصناعات ومنها صناعة السيارات تجعل منها مشاريع تمشي على الارض وتخدم ملايين المواطنين. فالسيارة الواحدة كنموذج من بين الاف السيارات التي يجري انتاجها تعني ان اجزاءها او ماتسمى بالصناعات المغذية وهي مجموع اجزائها قد وفرت فرص عمل لعشرات الالاف من العمال والمهندسين ومختلف انواع الايدي العاملة. كما انها ادت الى خلق نوع من التكامل بين مختلف القطاعات الانتاجية في البلاد. فصناعة اجزاء السيارة تحتاج الى النفط والكهرباء والماء والاسكان وغيرها من الدوائر والمؤسسات والقطاعات. وبالتالي فان تكاملية هذه القطاعات تؤدي دورها في اطار الاستفادة من راس المال الوطني. فالسلعة التي يجري استيرادها من الخارج حين لاتكون موجودة في الداخل فانها توظف لغرض انتاجي وهذا يعني ان هناك الاف الناس استفادوا من هذه العملية من تجار ومقاولين وشاحنات نقل وعمال وفنيين فضلا عما تتطلبه من صيانة وخدمات مختلفة وهذه بدورها توظف طاقات وايدي عاملة وسواها. اذن فان صناعة السيارة هي ليست حالة معزولة عن قطاعات الانتاج الاخرى. وحين تصبح هذه السيارة حقيقة واقعة وتمشي على الارض فانها تتحول الى طاقة انتاجية من خلال الاستفادة منها في النقل سواء كان النقل الشخصي ام العام. ولم ينته الامر عند هذا الحد فان هذه السيارة تخدم اطرافا اخرى في العملية الانتاجية على صعيد ادامتها (الادوات الاحتياطية) او تصليحها وهو مايعني تشغيل الاف المواطنين من اصحاب الورش والمعامل الصغيرة ممن يديمون هذه السيارات. والواقع ان الباب لم يوصد بعد . فهناك مزايا وميزات اخرى لاحصر لها. وكل ما نحتاج اليه هو ان ينتبه السياسيون الى ان مشاريعهم الوطنية تظل مجرد كلام مالم يلتفتوا الى مايحتاج شعبهم وكل شئ متوفر لديه ما عدا الارادة التي يتعين عليهم الامساك بها.