بيبلوغرافيا :
الولايات المتّحدة الأمريكيّة United States of America هي جمهورية دستورية فيدرالية تضم خمسين ولاية ومنطقة العاصمة الاتحادية، تقع معظم البلاد في وسط أمريكا الشمالية، حيث تقع 48 ولاية وواشنطن العاصمة بين المحيط الهادئ والمحيط الأطلسي وتحدها كندا شمالاً والمكسيك جنوباً، وتقع ولاية آلاسكا في الشمال الغربي من القارة، وتحدها كندا شرقاً وروسيا غرباً عبر مضيق برينغ، أما ولاية هاواي فهي عبارة عن أرخبيل تقع في منتصف المحيط الهادئ، كما تضم الدولة العديد من الأراضي والجزر في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ. (1)
وتأتي الولايات المتحدة في المركز الثالث أو الرابع في العالم من حيث المساحة 000 9.83 مليون كم2، وتحتل المرتبة الثالثة من حيث عدد السكان 313 مليون نسمة، وتتميز الولايات المتحدة بأنها واحدة من أكثر دول العالم تنوعاً من حيث الأعراق والثقافات، وجاء ذلك نتيجة الهجرة الكبيرة إليها من بلدان مختلفة، ويعتبر الاقتصاد الأمريكي من أكبر الاقتصادات الوطنية في العالم، حيث يقدر إجمالي الناتج المحلى نحو 14 تريليون دولار، أي ما يقرب ربع الناتج من المجموع العالمي. (2)
انتخاب الرئيس الامريكي
نصت (المادة 12) من الدستور الامريكي على انتخاب الرئيس بطريقة الانتخاب غير المباشر أي على دورتين، وذلك من خلال قيام ناخبي كل ولاية والذين لهم الحق في الادلاء بأصواتهم من الذين بلغوا السن القانوني سن الرشد (18سنة)، انتخاب مندوبين اثنين عن ولايتهم، وغالباً ما يكون هؤلاء المندوبين من الحزبين الكبيرين ( الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري)، ومن يحصل على (الاغلبية النسبية ) من عدد المصوتين في الولاية من هؤلاء المرشحين، فأنه بالتالي سوف يحصل على كل أصوات الولاية في الكونغرس الامريكي ولا يحصل المرشحين الآخرين على شيء، وطبعاً كل هذه الاصوات تصب في كابينة الحزب الذي ينتمي اليه المرشح الفائز، وهكذا باقي الولايات.
ويذكر بأن الناخبين الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات الاخيرة في امريكا نحو 215مليون ناخب، من أصل 313 مليون نسمة، الا أنهم لم يدلوا بأصواتهم جميعاً، فكانت نسبة التصويت (60 %)، ففي هذه النظام الانتخابي لكل ولاية مجموعة مقاعد في مجلس النواب بقدر نفوسها، ولكل ولاية عضوين فقط في مجلس الشيوخ مهما كان حجم سكان تلك الولاية، فمثلاً ولاية كاليفورنيا والتي يصل نفوسها نحو 36 مليون نسمة، فلها ما يقابلها في مجلس النواب 53 مقعد وعضوين في مجلس الشيوخ فيصبح مجموع مقاعدها في الكونغرس 55 مقعد، والكونغرس هو عبارة عن (مجلس النواب + مجلس الشيوخ )، وكذلك ولاية فلوريدا والتي يصل نفوسها الى 18 مليون نسمة فلها ما يقابلها في مجلس النواب 25 مقعد وعضوين في مجلس الشيوخ ، فيصبح مجموع مقاعدها في الكونغرس 27، وهكذا باقي الولايات، وطبعاً هنالك بعض الولايات لا توجد فيها نفوس كافية للحصول على مقعد في مجلس النواب إلا ان الدستور الامريكي منحها مقعد واحد تكريماً لها من أجل تمثيلها في مجلس النواب وعضوين في مجلس الشيوخ.
ومن الجدير بالذكر، فأن مجلس النواب يتكون من 435عضواً ومجلس الشيوخ من 100 عضو، فضلاً عن عدم اشتراك العاصمة واشنطن في الانتخابات الرئاسية فلها 3 أصوات فقظ، فيصبح المجموع 538 وهو عدد المقاعد في الكونغرس وهو ذات العدد الذي يتكون منه المجمع الانتخابي(3)، وطبعاً يجب ان يحصل الفائز في الانتخابات الرئاسية الامريكية على النصف +1 منه، أي (269+1=270) على الأقل، وفي حال تساوي الأصوات ما بين المرشحين للرئاسة، ففي هذه الحالة يتدخل مجلس النواب لاختيار أحد المرشحين رئيساً وبجلسة سرية ويكون لكل ولاية صوت واحد داخل المجلس، وحدث هذا الأمر في انتخابات عام 1801حينها تم اختيار توماس جيفرسون من قبل مجلس النواب، وكذلك حصل ذات الأمر في انتخابات عام 1824وعندها تم اختيار آدم كوينسي رئيساً من قبل مجلس النواب من بين المرشحين الاثنين المتعادلين في الاصوات، أما في حال تعثر مجلس النواب في اختيار الرئيس للدولة يشغل نائب الرئيس مكان الرئيس الى حين معالجة الخلل في مجلس النواب .
أما نائب الرئيس فيتم انتخابه من قبل مجلس الشيوخ ويعتبر رئيساً لمجلس الشيوخ، ويتدخل في تصويت مجلس الشيوخ في حال التعادل ما بين أعضاءه عند التصويت على قضية معينة ، ويمثل حينها بيضة القبان ما بين الكفتين فيعطي صوته لأحد الطرفين ويحسم الأمر.
أما عدم اشتراك العاصمة واشنطن في الانتخابات الرئاسية هو ما كان سائداً آنذاك عند وضع الدستور الامريكي، بأن واشنطن تعتبر هي مقر للحكومة فقط على اعتبار انها العاصمة ولم تكن لديها نفوس كبيرة آنذاك، بالتالي فأنها لا تشترك في الانتخابات الرئاسية، ولكن مع تقادم الزمن أصبحت واشنطن محط انظار الناس والوافدين فبدأت ديموغرافية واشنطن تكبر شيئاً فشيئاً الى ان اصبحت اعداد كبيرة تسكن تلك الولاية، وعلى الرغم من أن الديموغرافية قد تغيرت في واشنطن ولكن الدستور لم يتغير فبقيت واشنطن الى اليوم لم تشترك في الانتخابات الرئاسية وتعطى فقط مقعد واحد في مجلس النواب ومقعدين لها في مجلس الشيوخ، وطبعاً تعديل الدستور الأمريكي يتطلب موافقة ثلثي مجلس النواب وثلاثة ارباع مجلس الشيوخ، وقطعاً هذا ليس بالأمر بالهين، ما جعل واشنطن تبقى الى الآن دون ان تشترك في الانتخابات الرئاسية الامريكية.
العيوب المشخصة في هذا النظام الانتخابي
ومن عيوب هذا النظام الانتخابي فأنه لا يمثل الشعب تمثيلاً حقيقياً، والانتخابات فيه غير مباشرة أي لا يتم انتخاب الرئيس مباشرةً من قبل الشعب بل سكان الولاية ينتخبون المرشحين عن ولايتهم والمرشح الفائز عن الولاية ينتخب الرئيس من خلال المجمع الانتخابي، يضاف الى ذلك فأن المرشح الفائز عن الولاية تكفيه الاغلبية البسيطة للفوز في جميع مقاعد الولاية المخصصة لها في الكونغرس، الامر الذي يؤدي الى تغييب الاقليات التي لا تحصل على الاغلبية البسيطة، ما يؤدي الى اقصائها وعدم تمثيلها في الكونغرس، لذا فاليوم تمت المطالبة في تغيير طريقة الانتخابات غير المباشرة والانتخابات بالنيابة الى انتخابات مباشرة ، فكان يعتقد في السابق بأن سكان الولايات لا يمكنهم اللقاء بالمرشحين للرئاسة والتعرف عليهم عن قرب، ما جعل واضع الدستور الامريكي ان يجعل الانتخابات غير مباشرة من خلال المرشح الفائز عن الولاية، ولكن هنا يصبح الانتخاب نخبوي أي ان المرشحين الفائزين عن الولايات يقومون بدورهم انتخاب الرئيس، وهذا يتعارض مع النظام الديمقراطي في الولايات المتحدة الامريكية، لأن النظام الديمقراطي هو نظام المجموع، اما نظام النخبة هو نظام القلة، من هنا نفهم بأن الانتخابات الامريكية هي أقرب الى الانتخابات النخبوية منها الى الانتخابات الديمقراطية، وهذا خلل جوهري في الدستور الامريكي والنظام الديمقراطي، فضلاً عن ذلك فان السبب الذي تم من أجله صياغة الدستور بشكله الحالي، فقد سقط بتقادم الزمن فعالم اليوم يختلف عن العالم قبل قرنين من الآن، فالناخب اليوم يستطيع اللقاء بأي مرشح للرئاسة والتعرف عليه عن كثب وذلك بفضل التقدم التقني والتكنولوجي وثورة المعلومات والاتصالات والانترنت ولغة التواصل والحوار ، بالتالي فلا حاجة للانتخاب بالنيابة عن الشعب أو التوسط عنهم.
الاسباب المؤدية الى اختيار طريقة الانتخابات غير المباشرة
ارتأى واضع الدستور الامريكي ان تكون الانتخابات الرئاسية بهذه الطريقة وطبعاً لأسباب استراتيجية وآيديولوجية تتماشى والمصلحة الوطنية الامريكية، سيَما وان الدستور الامريكي محافظ، فضلاً عن ذلك ضمان تطبيق الاستراتيجية الامريكية واستمرارها، فمن بين الاسباب على سبيل المثال لا الحصر.
اولاً : الخوف من الارادة الشعبية لأنها قد تتخذ قرارات هوجاء في حال انتخابهم الرئيس مباشرةً بدون وساطة المندوبين عن كل ولاية، الأمر الذي جعل الدستور الأمريكي بوضع الانتخابات غير مباشرة، وفي هذه الحالة يبقى الانتخاب والاختيار نخبوي لأن النواب عن الولاية هم اكثر وعياً وادراكاً من سكان الولاية في اختيار من يمثلهم.
ثانياً: ان الدستور الامريكي يخشى من الرئيس الذي ينتخب من قبل الشعب مباشرةً، وذلك لأنه سوف يكون قوي جداً، وتكون له قاعدة جماهيرية واسعة وبالتالي من الصعب ابعاده عن السلطة بأي طريقة حتى وان كانت دستورية .
ثالثاً: كانت رغبة واضع الدستور الامريكي بأن يشعر الرئيس المنتخب بصورة غير مباشرة من قبل الشعب، بأنه غير منتخب من صميم الشارع بل من قبل المندوبين عن الولايات، وبالتالي فأنه لا يتمتع بشعبية أو جماهيرية واسعة مما يشعره بالضعف لا القوة، وعليه من الممكن لجمه وتقييده وسهولة تغييره في الانتخابات المقبلة، والدليل على ذلك فالبعض من الرؤساء الذين فازوا في الانتخابات الرئاسية فعلى الرغم من عدم حصولهم على الاغلبية المطلقة من المصوتين في الانتخابات، لكنهم حصلوا على الاغلبية المطلقة من المقاعد المخصصة للولايات في الكونغرس، فمثلاً حصل المرشح الامريكي الغور في انتخابات عام 2000 على فرقاً في عدد المصوتين ويقدر نحو 540 الف مصوت اكثر من خصمه بوش الابن، لكن بوش من فاز في الرئاسة.
رابعاً: من الممكن حصول أحد المرشحين على الاغلبية المطلقة في الانتخابات المباشرة، فضلاً عن حصول حزبه على اغلبية المقاعد في الكونغرس، الأمر الذي يجعل ذلك الحزب بأن يفرض أيديولوجيته ورؤاه على الحزب المنافس واقصائه وتهميشه، وهذا ما يقتل دور المعارضة المهم داخل الدولة.
ويظهر مما تقدم بأن واضع الدستور الامريكي أراد سيطرة النخبة على الانتخابات والاختيارات في الانتخابات الرئاسية الامريكية، لتكون السيطرة نخبوية وبيد القلة، وليس كما يقال (حكم الرعاع) والذين هم في الحقيقة الاكثرية، وهذا يتنافى والنظام الديمقراطي وما تعنيه الديمقراطية .
ومن هنا يمكننا القول بأن الولايات المتحدة الامريكية والتي تعد من الدول التي تنادي بالحقوق والحريات، ولكن لا يمكن أن يعتبر بأي حال من الاحوال بأن النظام الديمقراطي الامريكي هو من افضل انظمة الحكم الديمقراطية في العالم، على الاقل من خلال عدم حصول الاقليات من يمثلهم في الكونغرس او النظام السياسي.
ومن الجدير بالذكر فان شعبية الحزب الديمقراطي تكمن في اوساط الشباب على اعتبار انهم شريحة تهتم بالديمقراطية، وكذلك الطبقة الوسطى في المجتمع الذين تضرروا من الأزمة الاقتصادية العالمية 2008 ، ما جعل اوباما بأن يقلل الضرائب عليهم، ورفع مستوى الضرائب على اصحاب رؤوس الاموال الكبار، أما شعبية الجمهوريين فهي ما بين متوسطي العمر وكبار السن وأصحاب رؤوس الاموال .
ــــــــــــــــ
(1) Wikipedia . org الموسوعة الحرة.
(2) المصدر نفسه .
(3) المجمع الانتخابي وعدده 538 فحتى يفوز احد المرشحين في الرئاسة الامريكية يجب حصوله على 270 صوت على الاقل .