18 ديسمبر، 2024 11:07 م

لعبة المركز والإقليم

لعبة المركز والإقليم

بلا شك في العراق سلطات لا حصر لها كل  ففي كل دربونة وزريبة ومدينة ومحافظة وقرية وماخور عصابة تحكم … ، كل شيء حاضر إلا مشروع الدولة فقد تم تغييبه كليا ، والتغييب ليس ناتج عن ضعف ذاكرة أو مدارك السياسي العراقي ، لكن وجود الدولة في الحياة السياسية والعلاقات الدولية المعاصرة أبرز أركانها ومعالمها الأكيدة والجوهرية وجود القانون ، فصل السلطات ، الرقابة ، سلطة تشريعية قوية ، أحزاب ديمقراطية منسجمة مع نسيج ديمقراطي للحياة ، جيش وشرطة وطنية موحدة وحامية لكامل الكيان والتراب الوطني.. لهذا أجتمع كل شياطين ما يسمى العملية السياسية على تحطيم كل ذلك ، تحطيم وازدراء كل تلك القيم والمفاهيم لأنها بالضد من مصالحهم الضيقة الماجنة ، نعم بهذا الاختراق الفاضح والمشين والملتبس والمعقد يبقي الطريق مفتوحا ومعبدا ومستديما بشكل جيد لإبقاء هذه السلطات ومعها عملية نهب أمّة بالكامل المريح، نهب ما تبقى من ثرواتها وأحلامها وأمالها وأفقها بان تقترب من هذا العالم في صياغة حياة أفضل للإنسان في هذا الوطن العليل والجريح حقا….!

صراع ما يسمى المركز والإقليم هو التجلي الأوضح عن ورطة آليات هذه العملية السياسية وبرنامجها ودستورها وقادتها وفراعنتها وعصاباتها ولصوصها، فسيتقاتل حيتان هذه العملية السمان على الكراسي فلديهم ما يكفي من الأموال والمداحين والمؤيدين لتسميم حياة الملايين من العراقيين المغيبين عن التأثير والمشاركة في صنع القرار بسبب متاعب الحياة ومصاعب العيش وفقدان الأمل وبسبب أن هؤلاء القادة لا يعيرون انتباها لرعية لا تصفق لهم …!

عندما تحين ساعة الرصاص كما في كل الحروب العبثية للمجانيين والمعتوهين والمغامرين سيتأثر بالدرجة الأولى وبشكل مباشر الناس الذين لا ناقة لهم ولا جمل فيها …وسيسقط جنود وبيشمركة جلهم من فقراء هذا الوطن الذين لم يجدوا مهنة أخرى تتيح لهم عيشا شريفا وآمنا ومريحا وبعيدا عن التوظيف الأحمق …وعندما تطحن الحروب أجساد أبناءنا وبعد سنين ستطول سنكتشف مرة ثانية وكما كل مرة عندما تعود عقولنا إلى رشدها ولو مؤقتا أي شعارات خائبة وأي قيادات لا شرف لها قادتنا لكي ينزف دمنا بهذه الغزارة ….!

لأول مرة في التاريخ اقرأ وأرى أن رئيس ( برلمان) حتى ولو نصف ردن محترم يتوسط بين سلطتين كانت مهمته التشريع لهما …انه أمر يثير التقزز والضحك والصراخ والغضب على رجالات وصلت بهم سفالة وعبث تحطيم كل شيء إلى هذه الدرجة المأساوية والمعيبة بشكل لا يصدقه حتى المجانين …!

المركز والإقليم يلهوان بالسلطة كما يحلو لهما ، والفضائح من كثرة تناسلها وتراكمها أصبحت أمرا عاديا وطبيعيا في سياق حياة العراقيين ، فمثل سماع أغنية أو نشيد أو فيدو أو شربة ماء أو عفطة تيس هناك فساد وشرف منهوب ..لم يبقى للمفاهيم التي تربت عليها البشرية من أخلاق وضمير وعفة أي مكان ، استبدلوا ذلك باللحى واللطم والتطبير والتعصب والطائفية والقومية وكل شاردة ذميمة لكي تنفتح أمام خزائنهم نهب ومصادرة كل شيء حتى دمنا …!

ساسة بغداد باعوا كل كيس الوطنية والكرامة ، ولم يبقى للشرف إلا حديث باهت عن عقدتهم المستديمة تجاه المرأة العراقية ، اما جوهر ذلك فلو امتلكوا إمكانية سحب هذه الكلمة من قاموس العرب لفعلوها بحكم كونهم لصوص مهرة …اما مسعود وجلال فليس لهم من شأن إلا تدمير المدمر ، وتخريب المخرب ، وتهديم المهدم ، وذر ملح مسموم غزير على كل جرح عراقي لكي لا يندمل ، ففتنة هؤلاء تحطيم العراق وجعله يعيش عجلة دوارة من المشاكل التي لا نهاية لها أملا في سكون الكراهية التي أنتجت حروب وقتل وتهجير لعقود طويلة فيما بينهما طالما هذه المرة هناك بزنس سمين قادم من الجنوب يتيح الدفع المريح  لغطرستهم وحبهم المريض في إدامة فخفخة السلطة وبالتالي انسياب الموارد والأموال الكافية لتامين فاتورات الدفع لحياة هانئة ورغيدة لعوائلهم وعشائرهم ومداحيهم ومرتزقتهم الكُثر حتى ولو ذلك كلف حرق العراق بأهله ..!

لا يمكن لأمة أن تنهض بالمليشيات وبالعصابات وبالجيوش وبالجحوش والبيشمركة والمرتزقة والهتافين وبكل مراكز القوة الفردية لهذا الدكتاتور الصغير ولهذا الخرتيت أو ذاك ..فعجبا لوطن فيه أراض متنازع عليها ومطارات وسفارات ، وشرطة وجيش لكل من هب ودب ، ومعها أخلاق الكمارك والقجق والنهب وسلطة داخل سلطة لا مثيل لها في كل العالم ، بل وصل الأمر بمحمية مسعود أن تتصرف تجاه العراق بغطرسة دولة معادية بشكل سافر متناسيا مليارات من الدولارات التي يدفعها ملايين من غلابة العراق لخزينة مشيخته بتآمر مفضوح من طبقته السياسية الطائفية الهزيلة المشتتة ..!

  مسعود وغريمه جلال هؤلاء الذين تعلموا بيع السلاح لكل مشتري لا يمكن لهم أن يكونوا رجال دولة أبدا ولو كانوا كذلك لأعلنوا الاستقلال اليوم قبل غدا يقابلهم بنفس العقلية ساسة بغداد الذين يفكرون بكل شيطاني ولكنهم يتخاذلون بفعل كراهية بعضهم البعض من أمر إعلان استقلال العراق عن الإقليم ، لو كان لهؤلاء مصلحة في إنهاء هذا التناحر لتوصلوا إلى حلول جذرية تطفئ والى الأبد مخاطر اشتعال حريق يهدد العراق برمته ويدخله نفق الحروب العبثية من جديد  …!

إذا كانت هناك دولة عراقية حقا فان أي تناس عن مبادئها الأولية في التراب الوطني ووحدتها وسيادتها هو أمر من أفعال الخيانة الكبرى وسيعرف من يسوق ما يسمى الأراضي المتنازع عنها أن هناك حقوق تاريخية معروفة للعراقيين جميعا لا يمكن التفريط بها إلا من قبل خائن لا مستقبل له ، هذه البديهيات يعرفها جيدا هؤلاء لكنهم يتغاضون عنا بفعل أكثرية صامتة ولكن حين يتجاوزون الخطوط الحمر ستنفجر بوجوههم شرر غضب الناس وكرامتهم ، التي وحدها ستعيدهم إلى المكان الذي يستحقون …!

مصلحة العقلاء من العراقيين كردا وعربا وأقليات الارتقاء بواقعهم المرير عبر تغيير تلك المعادلات وتلك الثقافة وتلك الشعارات البائسة ، وقيم الخوف ، ومشاريع صنع الأعداء والعداوات التي تريد الضياع الأبدي لهم ولمستقبل أولادهم وأجيالهم القادمة في حق التعايش والمساواة والسلام والحب …!

 الطريق الوحيد هو كنس هذه الطبقة السياسية الرديئة برمتها، فهناك تشابه جوهري وأكيد في وساختها وغياب أي أمل أو مشروع للتغير من داخلها ، فلقد تعفنت وعتقت وانهارت كامل منظومة القيم التي تدعيها ، فلا حلول وسطية في وضع الانهيار الشامل للبلاد إلا ( بثورة ) عقلية ومعرفية أصيلة ونوعية تعيد للعراقي كرامته وموقعه الأصيل في صنع الحياة ….!

[email protected]