بصرف النظر عن النتائج التي ينتظرها العراق من مؤتمر الكويت، فهي قطعاً إيجابية سواء حصل على أموال أو لم يحصل، وفرصة للتعرف على الواقع الإستثماري والتنموي، وتشير التوقعات الحكومية والسياسية والدولية، بأن العراق يحظى بدعم لتحقيق أهدافه الرامية لإعادة الإعمار، والإستقرار السياسي وماله من إنعكاس أمني وسياسي دولي وأقليمي، ويمثل إعتراف دولي يتطلب إلتزام اخلاقي دولي أزاء العراق، كونه مثل رأس المواجهة مع الإرهاب، ودفع الخطر عن العالم برمته.
نجاح المؤتمر مرهون بالداخل العراقي، وكيفية تعاطي قواه السياسية، وتعاطيها لإستثمار هذه الأجواء لمحاكاة الواقع بوطنية وأرضية لدبلوماسية إستثمارية.
لا شيء ملزم للدول تجاه العراق، سوى إلتزام اخلاقي بمنظومة دولية لرد الدين للعراق الذي دفع الإرهاب عن دول المعمورة، في ذات الوقت لا نريد التفاؤل أكثر من اللازم، ونعلق الآمال على الخارج في صدقية النتائج، مع إحتمالية عدم إيفاء بعض الدول بتعهداتها، او لا نهيأ أرضية مناسبة لبيئة إستثمارية للشركات او للأموال الممنوحة.
تجارب سابقة في مؤتمر مدريد في تشرين الأول 2003م، لم تفِ الدول بإلتزاماتها، بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية غير المستقرة، سوى اليابان من خلال قرض ميسر في مجال الكهرباء وتأهيل الموانيء، ومؤتمر العهد الدولي في شرم الشيخ في آيار 2007م بمشاركة 90 دولة ومنظمات دولية، وبتعهدات من ضمنها إطفاء جميع الديون المترتبة على العراق والمستحقة في إتفاق نادي باريس، وأسهمت في دعم الإقتصاد العراقي في مواجهة الأزمة المالية العالمية.
إن للدول المشاركة ثلاثة أساليب بالدعم، المنح، القروض، الإستثمار، وعليه لا يعول كثيراً على القروض، مع إرتفاع مديونية العراق الى 140 مليار دولار نتيجة الأزمة الإقتصادية وحرب الإرهاب، وحاجته الآن للإستثمار الإستراتيجي لمدة عشرة سنوات، وحاجة تنمية بشرية وإجتماعية وخدمية وإقتصادية إستراتيجية، وتحتاج الأموال الممنوحة أو المستدانة او المستثمرة، الى خفض معدلات الإنفاق الإستهلاكي، والبحث بها عن مصادر تمويل وتنمية مستدامة، وشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، وفتح فرص للمستثمرين العراقيين، وتحريك المصارف لتمويل المشاريع، وتقدير العراق لتكلفة إجمالية بحدود 100 مليار دولار في عشرة سنوات، معناه الحاجة لعشرة مليار دولار سنوياً، على أن لا يقتصر على المدن المحررة.
تجاذبات سياسية وشكوك، تشير الى عدم الإستقرار والبقاء بدائرة الريعية، تُخفي مضمون الإستثمار، في ظل بروقراطية وروتين كأبواب واسعة للفساد.
بعيداً عن التشاؤم المفرط والجدل السياسي المحلي والعالمي، هناك تفاؤل بإستعدادات الكويت والحكومة العراقية، والبنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة، وإدارات العواصم الأوربية والخليجية، وشركات أمريكية وبريطانية وجيكية، بإشارة لرغبة الإستثمار ودعم العراق في إعمار المناطق المحررة، وأعلنت الهيئة الوطنية للإستثمار عن عن حاجة العراق لأكثر من 157 فرصة إستثمارية، سيتم عرضها على الشركات الإستثمارية، منها مشروع القطار المعلق ومترو البصرة ومشروعي الحبانية والرزازة، ومشاريع في مجالات السكن والنقل والصناعات التحويلية، والغاز وبداية لتحسين البيئة الإستثمارية، وما نخشاه على الوفد العراقي الكبير، بالعودة خالي الوفاق او صفقات فساد، في ظل تجاذبات جرّت العراق الى الهاوية، ومن حق الدول الخوف على أموالها من بيئة فاسدة.