طوال أکثر من 38 عاما، دأب نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية على التأکيد و في مختلف المناسبات إن عدوه الرئيسي و الحقيقي يتحدد في إسرائيل و أمريکا، ومن خلال هذا الادعاء، فإن قطاع کبير جدا من الشارعين العربي و الاسلامي قد إنبهرا به و أخذوه على محمل الجد، لکن مضي الاعوام أثبت و أکد حقيقة واحدة وهي إن إسرائيل و أمريکا لاتشکلان على أرض الواقع العدو الحقيقي و الفعلي لهذا النظام، خصوصا وإن کل ماقد قام و يقوم به هذا النظام ضدهما لم يتعدى المجال النظري.
على الرغم من إن قادة النظام وبعد إبرام الاتفاق النووي قد أطلقوا تصريحات نظير: “لا يغير سياساتنا الخارجية والجمهورية الإسلامية، لا تزال تعتبر الولايات المتحدة العدو رقم واحد”، لکن هذا الکلام مع التأکيد المستمر عليه، لايجد المرء على الارض ثمة مٶشرات تدل على تفعيل هذا الشعار بل وعلى العکس من ذلك تماما، فإن الذي جرى و يجري هو سياق إيراني يسعى لعدم التعارض مع السياسة الامريکية بخطها العام في المنطقة.
التظاهر بالعداء لأمريکا و إسرائيل من دون مسهما بأي ضرر و المناداة بالحرص على أمن و إستقرار المنطقة في الوقت الذي يشهد فيه العالم کله تدخلات سافرة في العراق و سوريا و لبنان و اليمن و عبث مقصود في دول الخليج، هو واقع حال السياسة الايرانية المشبوهة التي دأبت على جعل المنطقة معبرا لها من أجل تحقيق أهدافها و غاياتها، وقطعا فإن هذه اللعبة المفضوحة و المکشوفة التي أکدت المقاومة الايرانية وفي مناسبات عديدة عليها و حذرت من کذب و زيف الشعارات المنطلقة من طهران ومن إنها ليست إلا لتحقيق غايات و أهداف مغايرة تماما لها، ولذلك فإنه حري على دول المنطقة أن تفهم هذه الحقيقة و تستوعبها.
إنتفاضة يناير/کانون الثاني 2018، وماأعقبت عنها من مواقف و تصريحات رسمية إيرانية نارية ضدها، أثبتت و بينت بکل وضوح من هم أعداء النظام الايراني خصوصا بعد أن وصل عدد المعتقلين من الانتفاضة ممن قضوا نحبهم من جراء التعذيب الاستثنائي بحقهم الى 11 فردا، وإن ماقد جرى للمعتقلين من الانتفاضة لحد الان و الکيفية التي تعاملت بها السلطات الايرانية مع الانتفاضة، يوضح بجلاء من إن هذه الانتفاضة قد کانت أخطر على النظام من إنتفاضة عام 2009، ذلك إن هذه الانتفاضة قد حددت هدفها الاکبر منذ البداية بإسقاط النظام برمته، إذ لم تغمز لجانح أو جهة أو طرف ما في النظام بل أعلنت رفضها القاطع للنظام ککل، والذي أثر على إنفعال النظام و إحتدام غضبه هو إن منظمة مجاهدي خلق هي من أشرفت على الانتفاضة منذ بدايتها، وهذه المنظمة الطرف السياسي الوحيد الذي لم يدخل أو يقبل بأية مساومة أو حلول وسط مع النظام وانما طالب بإسقاطه منذ البداية، ولو عدنا للوراء لنرى ماقد إرتکبت السلطات الايرانية الحاکمة من جرائم و مجازر و إنتهاکات بحق الشعب الايراني عموما و المنظمة خصوصا، فعندئذ يصير واضحا لکل لبيب من هو العدو الاساسي و الاکبر للنظام الايراني.