15 نوفمبر، 2024 4:03 م
Search
Close this search box.

مع (كتابات) .. “سيد الشبراوي” : عصر الرواية انتهى ودخلنا عصر الكتابات المقتضبة

مع (كتابات) .. “سيد الشبراوي” : عصر الرواية انتهى ودخلنا عصر الكتابات المقتضبة

خاص : حاورته – سماح عادل :

“سيد الشبراوي” كاتب مصري.. مواليد 1975، حاصل على ليسانس اللغة العربية شعبة التاريخ والحضارة جامعة الأزهر بالقاهرة سنة 1998 ،أصدر أول مجموعة شعرية بعنوان (سنابل) سنة 2003.

كما صدر له ديوان (خالتك ليفني)، وصدرت له مؤخراً رواية (ربيع التوت) عن دار الكنزي، وقد كتبها بطريقة الفانتازيا، حيث تتحاور عدد من الشخصيات التاريخية مع بعضها البعض في قالب ساخر منتقدة بعض العيوب الاجتماعية في الوقت الراهن.

إلى الحوار:

(كتابات) : كيف بدأ اهتمامك بالكتابة وكيف تطور ؟

  • كانت البداية مع حكايات والدتي، رحمة الله عليها.. تلك الفلاحة البسيطة التي أتت بي إلى الحياة في إحدى قرى مركز “الإبراهيمية” شرقية، حيث إعتادت أن تقص عليَ وقتها – وأنا مازلت في مرحلة الطفولة الأولى – حكايات؛ (نص نصيص، وأمنا الغولة، والشاطر حسن، وست الحسن، وغيرها من الحكايات)، حيث كنت أقضي مع تلك الشخصيات وأولئك الأبطال ليالي الصيف الهادئة الطويلة قبل أن ترى قريتنا “شرقية مباشر” الكهرباء، ولم تعرف الإضاءة بعد.. وهكذا بدأت متأثراً بالموروث الشعبي، وتشكلت أول ملامح للرواية داخل قريحتي الصغيرة، وتشكلت معها شخصيتي الأدبية، حيث كنت أقوم بجمع أقراني ورفاق طفولتي عندئذ، وأمارس معهم دور الحاكي للقصص التي تعلمتها من أمي، وأقوم بالنقل الشفوي لكل ما حفظته عنها من حكايات، ولقد كان لتأثر زملائي الواضح بما أقصه عليهم من قصص أكبر حافز لي يشجعني على السير في طريق الرواية بمفهومها الأول الذي تكون لدي.

بعد هذا جاء دور “الأزهر الشريف”، الذي كنت أحد طلابه، حيث درست به علوم اللغة وفنون الأدب دراسة عميقة وعلى يد متخصصين مهدوا لي الطريق وطوروا إمكانياتي وقدراتي وشجعوني بشكل ممتاز، ولازلت أتذكر صوت معلم الأدب في “معهد الإبراهيمية الأزهري”، الأستاذ “محمد سليم”، قبل قرابة الثلاثين عام، وهو يناديني دائماً بقوله: أجب يا شاعر، اقرأ يا أديب !!.. وغيره من معلميّ الأجلاء الذين أكنّ لهم كل تقدير واحترام وأوجه لهم الشكر والدعاء.

(كتابات) : لماذا بدأت بكتابة الشعر.. وماذا يحقق لك ؟

  • عن الشعر.. أتذكر أن أول قصيدة كتبتها كانت عام 1989، وكنت وقتها طالباً بالصف الثالث الإعدادي، وفي حصة الإملاء كتبت عن “فلسطين” كأول إحساس تعبيري بالشعر، وقلت:

يا فلسطين متى سترجعي .. إلى العرب والقدس يكللي

ثم أتممت قصيدتي وعرضتها على الأستاذ “محمد علي” مدرس اللغة العربية؛ حيث أبدى إعجابه بها، وتنبأ لي بمستقبل باهر في الشعر؛ مما جعلني ألتحق بالأندية الأدبية، وجماعات الشعر في الشباب والرياضة، ووزارة الثقافة، وتعرفت على شخصيات ورموز في المجال الأدبي مما عاد عليَ بالنفع الكبير والفائدة؛ وهكذا بدأت الخطوات الأولى على طريق الأدب.

(كتابات) : اتجهت بعد ذلك لكتابة الرواية.. ما الإغراء في كتابة الرواية ؟

  • في محراب الرواية وجدت نفسي مع فكرة السرد النثري الطويل، وسعدت بهذه المساحة الكبيرة التي تسمح لي بخلق شخصيات وصنع أحداث أروي تفاصيلها في صورة قصة متسلسلة وبنظرة شمولية أعالج بها ما أراه من سلبيات في مجتمعي، وأناقش من خلالها قضاياه الكبرى، وأرصد الأحداث الشائكة التي تدور على الساحة، وأن أطرح تلك الأفكار بأسلوبي الخاص، حيث أقدم نفسي بكل ما جمعته من ثقافة وما احتوته من معارف وما أدركته من علوم، وأقدم آرائي وأفكاري وأصوغ مبادئي من خلال هذا العالم الجميل المسمى بالرواية.. وهكذا وجدت في الرواية متعة السرد مع متعة التخيل مع متعة استخدام اللغة وتطويعها لخدمة العمل الأدبي الذي أقوم به، مما شجعني على الاستمرار في كتابة الرواية.

(كتابات) : في روايتك (ربيع التوت) اخترت قالب الفانتازيا لماذا ؟

  • المعالجة الإبداعية الخارجة عن المألوف، وتناول الواقع الحياتي برؤية غير تقليدية، مع حرية استخدام أشياء خارقة للطبيعة داخل الإطار الروائي، كل هذا جعلني أختار قالب الفانتازيا لكي ألج من خلاله إلى عالم الرواية، حيث الخيال التأملي والفضاءات الوهمية التي أستخدمها بطريقة رمزية داخل إطار متماسك ذاتياً، متناسق داخلياً، أحافظ مع وجوده على فكرة الرواية الأصلية حتى أصل في نهايته إلى الغاية المنشودة من الكتابة الروائية.

(كتابات) : في روايتك (ربيع التوت) هل رغبت أن تمجد الأبطال على مر التاريخ ؟

  • الأبطال في (ربيع التوت) هم في الأساس أدوات رمزية استخدمتهم دون غيرهم؛ لما لهم من جاذبية قوية وشعبية واسعة لدى الجمهور؛ لكي أحقق بهم التشويق والإثارة القائمين على الغموض، حتى أوضح من خلالهم الفكرة العامة التي أطرحها داخل الرواية، ثم أصل بعد ذلك إلى الهدف المنشود.

(كتابات) : هل واجهتك صعوبات في طريق الكتابة ؟

  • بالتأكيد لقد واجهت صعوبات كثيرة مع بداية الكتابة، من أهمها: أنني قد استخدمت أسلوباً في الصياغة يجمع بين السرد والحوار، ولذلك يصنف بعض النقاد، (ربيع التوت)، على أنها ليست رواية خالصة؛ ولكنها تدخل ضمن تلك الأعمال المسماة بـ (مسرواية)، حيث يجتمع بداخلها شكل الكتابة المسرحية إلى جانب الشكل الروائي، ولهذا توقفت عدت مرات وأخذتني الحيرة، وانتابني السؤال، هل أكمل على نفس المنوال أم أعود إلى نقطة البداية وألتزم بالسرد الروائي فقط ؟!.. ولكن في النهاية سرت مع العمل كما أراد قلمي أن يسير من البداية حتى خرجت، (ربيع التوت)، على هذا الشكل الذي انتهت به كما ترونها الآن.

(كتابات) : ما رأيك في كتابات الشباب من جيلك.. ولما هي غزيرة ؟

  • كتابات الشباب من أبناء جيلي أراها هادفة وشيقة، وقد خطتها أقلام طموحة تبحث عن مكان لها، وتسعى إلى تحقيق ذاتها، وترغب في نفس الوقت أن ترتقي بالكتابة الأدبية بشكل عام وأن تصل بها إلى أعلى درجة ممكنة؛ ولهذا فهي غزيرة ومتنوعة. ليس كما يعتقد البعض بأن سبب ذلك أننا نعيش في عصر الرواية وأن الجميع يتسابق من أجل الدخول إلى عالمها ليستغل الإقبال الملاحظ عليها، حيث إنني أرى بأن عصر الرواية قد انتهى، وأننا قد تخطيناه الآن ودخلنا إلى ذلك العصر الذي تبرز به تلك الكتابات المقتضبة الأقرب إلى القصة القصيرة.

(كتابات) : هل ساعدتك وسائل التواصل الاجتماعي على الانتشار ككاتب ؟

  • وسائل الاتصال الحديثة جاءت كقارب إنقاذ لأبناء هذا الجيل، ولكل صاحب موهبة في عصر الناس هذا، فلم تعد الأبواب موصدة كما كانت ولا القنوات مغلقة، وبإمكان كل كاتب أو شاعر أو أديب أن يعرض أعماله الإبداعية على الناس، وأن يكون له جمهور يتابعه ويقرأ له ويبدي رأيه في إنتاجه الأدبي من خلال الفضاء المفتوح ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة.

(كتابات) : ما رأيك في حال الثقافة في مصر.. وفي المبادرات الثقافية التي يقوم بها الشباب.. وهل تجدي في حل مشاكلهم؟

  • الثقافة الجماهيرية في مصر تشهد حالياً قفزة كبيرة، قد تخطت قيود المؤسسات الرسمية وتعدت حواجز القوالب الروتينية، وبات الإبداع هو سمة هذا العصر والصفة الغالبة على أهله، وأصبح الجميع يتحرك بمفرده أو داخل مجموعة تتفق معه فكريا باستخدام طرق إبداعية طوعت الأدوات الحديثة المتاحة حاليا، واستطاعوا أن يحققوا من خلالها الانتشار ومن ثَم النجاح، وبالتالي أظن بأننا على أعتاب عهد ثقافي ومعرفي جديد سنحقق به ما لم نحققه من قبل؛ ولهذا أجدني متفائلا جدا بالغد الذي له بداخلي من الأمل والأماني الكثير والكثير.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة