خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في تطور لقضية فساد رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتنياهو”، قدم مسؤولو الشرطة الإسرائيلية، توصية بتوجيه الإتهام إلى رئيس وزراء الاحتلال، “بنيامين نتنياهو”، بالفساد، فى ضوء تحقيقات مكثّفة بتلقي رشاوى، وفقاً لصحيفة (يديعوت أحرونوت)، التي قالت إنّ هناك أدلة كافية لإدانة “نتنياهو”.
وأضاف مصدر للصحيفة أنّه بعد الإجماع على إدانة “نتنياهو”، بشأن قضية الهدايا والرشاوى، هناك خلافات بين قيادات الشرطة حول “القضية 2000″، المتعلقة بتواطؤ بين “نتنياهو”، ورئيس صحيفة (يديعوت أحرونوت)، إلاّ أنّ هناك إصراراً من جانب الشرطة والمستشارين القانونيين لتقديم توصية لمكتب النائب العام.
وأكدت القناة الإسرائيلية العاشرة على أن الشرطة ستعمل، على الصياغة النهاية لتوصياتها، على أن تقدمها مطلع الأسبوع المقبل للمستشار القضائي، ولتتحول الشبهات في الملفين (1000 و2000) إلى ملف واحد.
يتجاهل الإتهامات..
في المقابل، نشر “نتنياهو” شريط فيديو على حسابه الخاص على (فيس بوك)، زعم فيه أنه “لن يكون هناك شيء، لأنني أعرف الحقيقة. ولكني واثق من أن الهيئات القانونية المختصة ستتوصل في نهاية المطاف إلى استنتاج واحد، إلى الحقيقة البسيطة: لا يوجد شيء”.
وأضاف أنه: “لا داعي للتوتر؛ سيكون هناك توصيات، ولافتات على غرار (نتنياهو مذنب حتى ثبت براءته) وستمارس ضغوطات”.
وادعى “نتنياهو” أن “دولة إسرائيل دولة قانون”. وتابع: أن “القانون ينص على أن المخول بتحديد ما إذا كانت هناك أدلة ظاهرية ضد رئيس الحكومة هو المستشار القضائي، بالتشاور مع النائب العام، الذي أشار في الكنيست مؤخرًا إلى أن حوالي نصف توصيات الشرطة تنتهي بلا شيء”.
يجب إنهاء ولايته بسرعة..
في الوقت ذاته، قال رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق، “إيهود أولمرت”، أنه “يرغب في أن يقوم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بإنهاء ولايته بسرعة وبصورة سليمة وعلى نحو ملائم”.
وادعى “أولمرت” أنه خلال ولايته رفض إتمام صفقة مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس” مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي، “غلعاد شاليط”، والتي كانت أقل تكلف لإسرائيل من تلك التي نفذتها حكومة “نتنياهو”؛ ضمن صفقة “الوفاء للأحرار”، بحسب إدعائه.
معتبراً أن المشكلة في صفقة شاليط “تبدأ بالشعور بأنها أتمت لتكون محل رضى لفترة زمنية معينة”. وقال: “لقد أبلغت أسرة شاليط، أنتم كأهل بإمكانهما طلب الإفراج عن آلاف وعشرات الآلاف من الإرهابيين مقابل ولدكم، هذا أمر مفهوم، ولكني كرئيس للحكومة لن أقوم بذلك”.
وكان قد أُطلق سراح “أولمرت” من سجن “معسياهو”، في تموز/يوليو العام الماضي، وذلك بقرار “لجنة الثلث”، بعد أن قضى 16 شهراً ونصف الشهر من حكم وصل إلى 27 شهراً، بعد إدانته بقضايا فساد وتعطيل الإجراءات القضائية.
تصاعد وتيرة الاحتجاجات..
تتصاعد وتيرة الاحتجاجات الإسرائيلية ضد فساد رئيس الوزراء، “بنيامين نتنياهو”، والتي إندلعت منذ مطلع كانون أول/ديسمبر الماضي.
وبحسب (القناة السابعة) الإسرائيلية؛ فإن المحتجين رسموا، الأسبوع الجاري، “غرافيتي” على الجدران في وسط تل أبيب مع عبارات بالطلاء تقول: “الموت لبيبي” وهو اسم الشهرة لـ”نتنياهو”.
مطالب باستقالته..
شهدت دولة الاحتلال، منذ مطلع كانون أول/ديسمبر الماضي، مظاهرات حاشدة في مدن عدة، شارك فيها عشرات الآلاف احتجاجًا على فساد بعض أفراد الحكومة، مُطالبين باستقالة “نتنياهو”.
وتأتي الاحتجاجات على خلفية التحقيقات التي تجريها الشرطة الإسرائيلية منذ عدة أشهر، بشأن شبهات حول تورط “نتنياهو” وزوجته في قضايا فساد واستغلال سلطات، زادت حدتها بعد محاولات “نتنياهو” و”حزب الليكود”، (الحزب الحاكم في إسرائيل)، لتمرير قانون في الكنيست يهدف لتخفيف الضغوط عليه ومنع محاكمته، والحد من صلاحيات جهات التحقيق.
آفة خطيرة..
في الوقت نفسه، استغل المُعارضون السياسيون لـ”نتنياهو” الاحتجاجات ضده، وعلى رأسهم وزير الحرب السابق، “موشيه يعالون”، ومنافسه السياسي، والذي قاد إحدى المظاهرات، ووصف رئيس الحكومة بأنه “آفة أخطر بكثير من التهديد الإيراني ومن حزب الله”.
“مارتن بليشر”، إسرائيلي مقيم في السويد، يقول في هذا الشأن إن الاحتجاجات التي تحدث في إسرائيل ما هي إلا إشارة إلى شعور المواطنين بتنامي الفساد في المجتمع، لاسيما وأن الإتهامات بالفساد والحصول على رشاوى لا تقتصر على “نتنياهو” فقط، بل تشمل عدداً من الساسة والمسؤولين البارزين في إسرائيل.
مضيفاً: أن “نتنياهو ما هو إلا أحد أعراض مرض خطير يؤثر في المجتمع الإسرائيلي بأكمله”.
العيش في حياة مترفة..
أتفقت معه، عالمة الآثار الإسرائيلية، “إيلانا فاين باي- هاي”، المقيمة في تل أبيب، والتي عزت سبب قيام الاحتجاجات إلى التنديد بفساد “نتنياهو” وزوجته “سارة”، إن “رئيس الحكومة وقرينته غير متواضعين وغير متجانسين مع أطياف الشعب، ولا يعتنقان نفس القيم والمعتقدات والمبادئ اليهودية”، علاوة على ذلك لا يسير “بيبي” على الاستراتيجية ذاتها التي سار عليها أسلافه.
وقد حرص “نتنياهو”، وزوجته “سارة”، على أن تعيش أسرتهما حياة مترفة، وكشفت وثيقة إسرائيلية تعرف باسم “وثيقة الشبهات” تورّط “نتنياهو”، وقرينته “سارة”، في قضايا تحوم حول الفساد وخيانة الأمانة العامة، وأبرزها حصولهما على هدايا باهظة الثمن، تتضمن سجائر فاخرة وزجاجات شمبانيا بمئات آلاف الشواكل، من الميلياردير، إسرائيلي الأصل، “أرنون ميلشان”، مقابل خدمات تقتضي من “نتنياهو” أن يستغل نفوذه.
تنفي التهم..
فيما نفت “سارة”، خلال الإدلاء بشهادتها في “القضية 1000″، المعروفة إعلاميًا بـ”فضيحة الهدايا”، في تشرين ثان/نوفمبر الماضي، طلبها وزوجها الحصول على هدايا باهظة الثمن من “ميلشان”، وقالت: إن “كل ما قُدّم لهما كان مجرد تعبير عن الإمتنان والصداقة”، بحسب صحيفة (تايمز أوف إسرائيل).
زاعمة أن “قيمة الهدايا أقل بكثير من الأرقام التي تحدثت عنها التقارير، وأنها كانت مجرد (تفاهات) بين أصدقاء مقربين”.
استغلال النفوذ..
كما كشفت الوثيقة، التي قدّمها المستشار القضائي، “أفيغاي مندلبليت”، تشرين أول/أكتوبر الماضي، أن السيدة “نتنياهو” عملت بشكل منهجي على طلب وجبات غذاء ثمينة من المطاعم وإستئجار طباخين محترفين لإعداد وجبات في منزل رئيس الحكومة على حساب خزينة الدولة، بمدفوعات غير قانونية بلغت 100 ألف دولار أميركي.
وبحسب الوثيقة، يشتبه أن “سارة” تحايلت على السلطات بين عامي 2010 و2013، وادعت أنها لا توظف طباخة في مقر رئيس الحكومة في القدس، بالرغم من تشغيل طباخات، للإلتفاف على القانون الذي ينص على أنه يحظر على سكان مقر رئيس الحكومة طلب الوجبات من المطاعم في حال تشغيل طباخات في المقر.
ورداً على ذلك، إتهم رئيس الحكومة الإسرائيلي، رجل صيانة، عمل في مقره في السابق بأنه المسؤول عن الترويج لهذه الإتهامات.
ما هي “القضية 2000” ؟
تأتي “القضية 2000″، المعروفة إعلاميا بقضية “يسرائيل هايوم”، والمتعلقة بتسجيلات اجتماعات “نتنياهو” بمالك صحيفة (يديعوت أحرنوت)، “أرنون موزيس”، واتفاقهما السري الذي يقضي بتخفيض الصحيفة انتقادها لسياسات رئيس الحكومة، مقابل وعد من الأخير بتقليص مبيعات الصحيفة المنافسة، وهي (يسرائيل هايوم).
فساد نجلهما..
لم يتوقّف فساد “آل نتيناهو” عند رئيس الحكومة وقرينته بل طال نجلهما، “يائير”، بعد أن انتشر تسجيل صوتي مسرب بثّته (القناة الثانية) الإسرائيلية، كانون ثان/يناير الماضي، لمحادثة جرت قبل عامين يتحدث فيها “يائير نتنياهو” مع نجل أحد كبار رجال الأعمال في مجال الغاز، من أمام أحد أندية التعرّي.
ووفق (القناة الثانية) الإسرائيلية، تم تسجيل الحديث بينما كانا “يائير نتنياهو” و”كوبي مايمون”، خارج أبواب أحد أندية التعرّي، حينما طلب الأول من الثاني أن يعطيه بعض المال مقابل صفقة غاز مثيرة للجدل، تتجاوز قيمتها الـ 20 مليار دولار، دفعها رئيس الوزراء الإسرائيلي للأمام داخل الكنيست.
وفي التسجيل، تلفظ “يائير” بألفاظ نابية، وتحدث مع صديقه عن “راقصات متعريات ومومسات”، وعرض على نجل رجل الأعمال أن يمنحه فتاة كان على علاقة بها، مشدداً على ضرورة الحفاظ على سرية تلك المحادثة.
وحاول محامو “نتنياهو” منع بث التسجيل؛ قائلين إن “يائير” كان يدلي بتعليقات فارغة بينما كان مخمورًا، في الوقت الذي نفت فيه عائلته، في بيان، أي علاقة لها بعائلة تاجر الغاز، بحسب تقارير إسرائيلية.
تاريخ فساد المسؤولين الإسرائيليين..
لا يعتبر “نتنياهو” أول رئيس وزراء يتهم في قضايا فساد أو رشاوى أو خيانة أمانة وثقة الشعب، إذ يحفل التاريخ الإسرائيلي بفضائح فساد طالت مسؤولين كبار بينهم رؤساء ومسؤولين، وانتهت إما باستقالتهم من مناصبهم أو بعزلهم أو محاكمتهم وسجنهم.
وسبق “نتنياهو” في قفص الإتهام سلفه، “إيهود أولمرت”، والذي اعتبره الإدعاء العام الإسرائيلي مذنباً عام 2006، بعد قبوله رشاوى أثناء عمله في منصب “محافظ القدس”، ووُجّهت إليه الإتهامات مرة أخرى عام 2012، أي بعد توليه رئاسة الحكومة، بإنتهاك الثقة والحصول على رشاوى. وصدر بحقه عقوبة بالسجن ستة أعوام عام 2015.
كما وجهت التهم إلى رئيس إسرائيل الأسبق، “عيزرا فايتسمان”، في الفترة بين عامي 1993 و2000، وعزل من منصبه في أعقاب القضية المعروفة باسم “قضية سروسي”، والتي اتهم فيها بتلقي مئات الآلاف من الدولارات بشكل غير قانوني، لكن “فايتسمان” قدم استقالته حتى يتجنب المحاكمة.
وتولى بعده “موشيه كاتساف”، واتهم بإرتكاب جرائم جنسية بحق 10 نساء عملن معه، وصدر بحقه حكم بالسجن لمدة 7 سنوات أمضى منها 5 سنوات قبل خروجه.
كما طالت إتهامات الفساد رئيس الوزراء الأسبق، “أرييل شارون”، والذي اتهم بالتورط في السيطرة على أراضي الدولة، ووجهت له تهم بإرتكاب مخالفات إحتيال ومخالفات لقانون تمويل الأحزاب، وهي الإتهامات التي تحملها نجله، “عمري شارون”، وحكم عليه بالسجن لمدة 7 أشهر.
عصابات مافيا..
الكاتب الإسرائيلي، “إكيفا إلدار”، قال في مقال نشر بصحيفة (تايمز أوف إسرائيل)، إن الفساد خلال حكم “نتنياهو” أصبح أشبه بـ”عمليات عصابات المافيا”، فلم يعد مقتصراً على شخص أو إثنين في الحكومة أو بالدائرة المقربة من رئيسها، ولكنه شمل موظفين منتخبين، وضباط عسكريين، وكبار المحاميين في دولة الاحتلال، ومجموعات شركات ضخمة.
يبدو واثقاً من النجاة..
فيما قالت صحيفة (هاأرتس) الإسرائيلية؛ إن “نتنياهو” يبدو واثقًا من النجاة من هذه القضية، لاسيما بعد موافقة الكنيست الإسرائيلي، في أواخر تشرين ثان/نوفمبر الماضي، على مشروع قانون قدّمه نواب “حزب الليكود”، والمعروف باسم “قانون التوصيات”، ويهدف لمنع الشرطة من رفع توصياتها للنيابة العامة عقب إنتهاء تحقيقاتها، وقد ربط البعض بين محاولة تمرير هذا القانون وبين التحقيقات الجارية حاليًا، حيث ينتظر أن يسري هذا القانون، في حال إقراره بصورة نهائية، بأثر رجعي على تحقيقات الشرطة الحالية مع “نتنياهو” في قضايا الفساد.
معظم الإسرائيليون غير راضون عن أداء حكومته..
يقول “بيلشر” إن عددًا لا يستهان به من الإسرائيليين غير راضين عن أداء حكومة “نتنياهو”، ويشعرون أنه يبذل جهودًا كبيرة من أجل الحفاظ على منصبه، وبقائه على رأس السلطة، ما خلق حالة من الإنقسام داخل المجتمع اليهودي، وزاد الإستقطاب بين مؤيدي “نتنياهو” ومعارضيه.
ورغم كثافة الاحتجاجات وطول مدتها، لا تتوقع “فاين باي- هاي”، عالمة الآثار الإسرائيلية أن تؤدي الإتهامات الموجهة إلى “نتنياهو” حالياُ إنتهاء حكمه، قائلة: “لا اعتقد أن الاحتجاجات أو الإتهامات ستقود إلى الإطاحة به، ولكن من يدري قد يحدث أي شيء في أي وقت”.