خاص – كتابات :
من يصدق أن هذا البلد الهاديء؛ المُشكل من مجموعة جزر صغيرة، ويتمتع بسمعة طيبة كمقصد سياحي يقصده الزوار من جميع دول العالم والمعروف بلؤلؤة المحيط الهندي، يعاني مثل تلك الدول الفقيرة اقتصادياً واجتماعياً من عقدة الانقلابات العسكرية التي تهدف لتغيير الحاكم بالقوة، مستغلة في ذلك الزخم الشعبي المعارض الذي يسمع صوته عالياً !
محاولة انقلابية بدعم قضائي !
“المالديف”.. فجأة يتحدث الجميع عن محاولة انقلابية في تلك الأرض المسالم أهلها.. نعم.. محاولة انقلابية على وقع أحكام قضائية طالبت بإطلاق سراح معارضين وأبطلت حكماً بإدانة الرئيس السابق، “محمد نشيد”، بجرائم إرهاب؛ وهو المنفي في بريطانيا ويقيم في هذه الأثناء بـ”سيريلانكا” بعد أن ظل يحكم البلاد لنحو 30 عاماً..
السلطات بدورها سارعت إلى إتهام جهات خارجية بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية بالبلاد، وتحريك القضاء لهذا الغرض؛ من أجل إعادة “نشيد” للحكم بعد أن غادره بإنتهاء عام 2012، على إثر انقلاب عسكري نجم عن إحتقان شعبي ضد سياساته المندفعة نحو الغرب والخاضعة له، والتي أدت إلى سخط شعبي بعد إرتفاعات كبيرة في أسعار السلع وأزمات اقتصادية ضربت المالديفيين وقتها !
كما شنت السلطات حملة اعتقالات شملت الرئيس المالديفي الأسبق، “مأمون عبدالقيوم”، ورئيس المحكمة العليا وقاضياً آخر بذات المحكمة !
إعلان الطواريء..
حكومة الرئيس “عبدالله يمين” أعلنت حالة الطواريء في البلاد لمدة 15 يوماً تم بموجبها تعليق عمل البرلمان ووضعه تحت حراسة الجيش، فضلاً عن تعطيل مواد دستورية تنص على آليات عزل رئيس ونائبه.
خطوة يراها البعض إستباقية لتجنب التصويت بعزل “يمين”؛ بعد أن أصبحت المعارضة تمتلك الغالبية في البرلمان بموجب قرار المحكمة العليا، الذي نص على إعادة 14 نائباً من مؤيدي الرئيس السابق للبرلمان كانت عضويتهم قد أسقطت؛ بسبب إنتقالهم من الحزب الحاكم إلى المعارضة.. وفق لوائح البرلمان التي لا تسمح بتغيير القائمة الانتخابية بعد الانتخابات.
وكعادة تلك الأحداث.. يخرج علينا بيان رئاسي يتحدث عن فرض السلطات “حالة الطواريء”، وأنها لن تؤثر على الحياة اليومية للمواطنين، ولا على حركة السائحين في “المالديف” !
أوضاع مرشحة لمزيد من التوتر..
تقول حكومة “يمين” إنها سيطرت على الوضع، لكن على العكس فإن مراقبين يقولون؛ إنه في ظل وجود “عبدالقيوم” داخل السجن، إضافة لرئيس المحكمة العليا وتعطيل قرارات تلك المحكمة.. وكذلك في ظل دعم خارجي للرئيس السابق، “نشيد”، الذي يقيم منذ الانقلاب في المنفى، فإن الأوضاع في تلك الجزر ستبقى مرشحة لمزيد من التوتر !
أميركا ليست بريئة ودعوات لتدخل عسكري !
يرى متابعون أن هناك دول عظمى تقف وراء تلك الحاولة الانقلابية، إذ يرون في أميركا مصدر الفوضى في العالم، وحتى بجزر “المالديف”، تهدف لإعادة “محمد نشيد” على رأس السلطة، كونه معروفاً بعلاقاته وقربه من الأميركان وحلفائهم في الشرق الأوسط.
بل ذهبت الدعوات إلى محاولات إجبار الهند، بدعم أميركي، على التدخل عسكرياً في “المالديف” من أجل إطلاق سراح الموقوفين والتصدي لتلك الإجراءات التي أعلنت واشنطن، رسمياً صراحة، في السادس من شباط/فبراير 2018 رفضها لها !
محاولات لوقف التقارب بين الصين والمالديف..
من يدعم الرئيس الحالي يؤكد على أن هناك ثمة تحالفات غربية تقودها أميركا ترفض التقارب الأخير بين الصين والمالديف، والتي كان آخرها ما جرى الاتفاق عليه بين البلدين في بداية كانون ثان/يناير عام 2017، عندما أعلنت الصين صراحة أنها ترى “المالديف” شريكة هامة فى بناء “طريق الحرير” البحرى للقرن الـ 21.
وهنا تأكد لأميركا إتجاه الصين للسيطرة على منفذ حيوي للتجارة الحرة، فضلاً عن إقامة تعاون كبير في مجالات السياحة والثقافة مع جزر المالديف، التي يبلغ تعداد سكانها نحو نصف مليون نسمة.. لكن ما يميزها أنها قبلة عشرات الآلاف من أبرز المؤثرين في عدد من بلدان الشرق الأوسط !
فضلاً عن زيادة حجم التبادل التجاري بين الصين والمالديف بعد الإطاحة بالرئيس السابق، “محمد نشيد”، إلى أكثر من 70 ضعفاً، وهو ما رأت فيه واشنطن تمدداً اقتصادياً يزعجها أكثر في ظل تواجد الصين بمناطق أخرى تعدها أميركا نفوذاً حصرياً لها !
تخوفات من تأثر حركة السياحة..
على جانب آخر، يخشى العاملون في هذا البلد، الذي يعتمد بشكل أساس على السياحة، من إنقطاع عيشهم وتأثر أعمالهم، فالتوترات الأمنية والانقلابات دائماً ما تأخذ معها حصة كبيرة من الواردات الاقتصادية التي تتحول إلى تأمين المنشآت الحيوية والحكومية.. فضلاً عن سريان “حالة الطواريء” التي تستدعي تواجد معدات وآليات عسكرية تأخذ رصيداً كبيراً من أموال الدولة.