تمتاز العملية التربوية من غيرها من مساقات البناء الفكري والثقافي والمعرفي في جميع انحاء مجتمعات العالم باستثناء البعد الزماني والمكاني لها , لتظل المدرسة المعين الذي لاينضب في عملية النشىء العلمي لبناء الانسان , فالأُمم التي لم تضع حجر الاساس للمدرسة تكون قد قصم الزمن ظهرها,وباتت على عهدها البدائي تمد ُّ يَدَ طلب العون والمساعدة من غيرها ,فتكون عالة على زمن التطور , ويصبح عدُّها من الدول المتخلفة أمراً لا مفرَّ منه.
إنَّ المدرسة هي اللبنة الاولى في حجر الاساس العلمي التقدمي في البناء الفكري والعمراني والثقافي , ولما كانت ارض وادي الرافدين ارض العراق العظيم قد شهدَتْ قبل ردح من الزمن طويل ارساء اول لبنة لإنشاء مدرسة , وخط َّعلى الواح ارض السواد اول حرف في تاريخ الانسانية فلقد صار لزاماً على إنسان العراق ان يرسخ من أُسس هذهِ المدرسة , بيت العلم والمعرفة من خلال صياغة منهج علمي معرفي يُعنى ببناء الإنسان العراقي والعالمي على وجه العموم , ذلك لأنَّ العراق اهل لكتابة المنهج العلمي التربوي المعرفي الثقافي , وقد اقدمَ اهله على بناء المناهج وسنّ القوانين بين أونة وأخرى , أو كلما مالَ جنح السفينة على مدى الزمن الإنساني امتدت سواعدهم صواري حتى لا يقع الانهيار , إذ ليس بعيداً حين اقدمَ أبناؤه الباحثون على اجتثاث ما فعلهُ النظام السابق من عسكرة مفاهيم المناهج واتباع سياسة النوع الواحد , وتأليه الشخصية وإلغاء الانسان , وتسليط المفاهيم العنصرية والعنجهية كما كان عليه الحال قبل 2003 ,إذ حلَّ مكان تلك المفاهيم مبادىء الحرية والمساواة والتنوع وإنصاف الاقليات , وانتزاع عنصر الخوف من المعلم والطالب على حدًّ سواء لكي يكون التفكير حراً , حيث لا إبداع مع التردد والتراجع عن الحق والحقيقة . فلقد جاءت مناهجنا بعد انهيار النظام مزخرفة بحب العراق وأهله , ورسم الطرق التي من خلالها نعيد بناء الوطن , ونزيل الركام الذي تركته سياسة الارض المحروقة المتبعة من لدُن النظام السابق , ناهيك من بناء أواصر المحبة التي تؤسس أن العراق للعراقيين , وأن تصحيح الخطأ لايمكن أن يكون بخطأ أفدح , وإنما الاعتراف بالخطا فضيلة , ثم توجت وزارة التربية عملها المضني السديد بإقرار الفلسفة التربوية عام 2008 التي جاءت مستقرة ومقرَّة من لدُن أقلام الباحثين من جميع الميادين , وقد استأنست بتلاقح الاأفكار لجميع المستويات , وشرعت المديرية العامة للمناهج عام 2009 بتأسيس الأهداف والمفردات للمواد الدراسية , واستقرت الكتب بين ايدي ألمتعلمين في العام نفسه , وقد لبست حُلتها الفكرية والمعرفية إلى جانب روعة التصميم وجماليه الألوان ليكون الكتاب صديقاً غير ثقيل للطالب والمتعلم .
إن نجاح الكتاب المدرسي يعتمد إلى جانب مادته العلمية على قبول المتعلم لأفكارِه , ورضا الميسر (المعلم ) لمادته ,إذ لانجاح لافكار التعليم من غير مُيسَّر قادر على تقديم أفكاره على طبق من ذهب مبرقع بالحرير , لأن تقبل العلوم لايكون على أساس الكُره , والإجبار , وذلك ما حرصت عليه المناهج من خلال وحدتها المعنية بتأليف كتبها المدرسية التي تستند في تقويم مادتها العلمية إلى مبادىء التغذية الراجعة , لأنها السبيل الوحيد لأثبات نجاح الكتاب وفاعليته في تنشئة الأجيال .
ولِما كانَ وطننا صاحب الحضارات واحداً من أوطان الدنيا التي اضحتْ قرية صغيرة من خلال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات فلقد صار لزاماً عليه وعلى ابنائه الغيارى النهوض به لكي يلحقوا بركب التقدم والتطور حتى يكون طالب العلم مصدرا للحياة لاعالة عليها , ليصبح لبنة أساسية في بناء صرح المجد والحضارة العراقية فإنسانه منطلق الحياة , والجسر الذي تعبره الاجيال القادمة بعد حين من الزمان طويل , ما دعا وزارة التربية ممثلة بالمديرية العامة للمناهج إلى إعادة النظر في مناهجها بعد إن تنبهت على فكرة تأسيس مركز وطني للمناهج يعنى بالتأسيس للمادة الدراسية المدرسية منعاً للهدر وضياع الإنسان في المدرسة , ذلك لأن مركز الدراسة التربوية تشكو من هدر كثير من الطاقات الطلابية التي تضيع علينا سنوياً بسبب المشاكل الطرائقية للمادة الدراسية , إذ لابد أن تؤُخذ هذه الأمور بنظر الدقة والدراسة والدراية
إن المناهج تسعى إلى تأسيس إطار علمي جديد للمواد الدراسية يحظى من خلاله المتعلم بالتقدير بوصفه متعلماًيستمتع بالتعليم , يكتسب ويطور مهاراته واتجاهاته وقيمه ,يتزودبمعلومات حديثة وذات صلة بهذا التقدم التقني العالمي في بناء أُسس اقتصاديات المعرفة.إن المناهج التي نسعى اليها هي تلك التي تبني متعلما ًناجحا ًمدى الحياة , واثقاً من نفسه,منتجا ًيشعربالمواطنة وحب العراق,يعتز ويفتخر بمسؤوليته تجاه وطنه ولديه القدرة على الافادة من مجموع الفرص في مرحلة ما بعد المدرسة لمزيد من التعلم والعمل .
إن بناء أُسس رؤية الإطار العام للمناهج تكون عبر عملية تعاونية , يقودها أخصائيون في المناهج ,ولاسيما الميدانيون وذلك ما يؤكده الإطار وتصر عليه الوزارة , لأن أهل مكة أدرى بشِعابها , والحمل لاينهض به إلا أهله, ولأن مفردة الميداني تعرف مكانها من صفحات الكتاب .
إن المناهج لابد أن تُبنى على القيم الأساسية التي تجسد تطلعات الأمة العراقية من خلال الوحدة الوطنية والتسامح, واحترام الأخر والعدالة الاجتماعية والديموقراطية والتنمية المستدامة
ونشر قيم النزاهة, وذلك باعتماد توجهات الدستورالذي أقره الشعب العراقي عام 2005 فضلاً على الاستراتيجية الوطنية للتعليم , فالمنهج يرتكز على دعائم ثلاث هي :
الدستور العراقي والفلسفة التربوية وتوجهات الوزارة المعنية بتسيير دفة التعليم , يصاحب ذلك خلق بيئة مواتيه للتعلم في اتباع تقنيات حديثة وأساليب متطورة في العملية التربوية
وإشراك المتعلم في الحوار الاجتماعي والتعلم التعاوني
ومن الجدير بالذكر التأكد من أن جميع الموادالمدرجة في المنهج الدراسي تحتوي على احدث المعلومات , ومتوافقة مع أفضل المعايير الدولية .
إن الإطار العام للمناهج هو وثيقة موحدة تطرح رؤية المنهج والتعليم في العراق بشأن ماذا, ولماذا ,وكيف ,وإلى أي درجة ينبغي أن يجيد المتعلمون التعلم يوجه ا لقائمين على التعليم والأطراف المعنية بشأن الأوجه الرئيسة لآليات تصميم المنهج وتنفيذه كأساس لتوفير التعليم الجيد . ويشكل هذا الإطار المرجعية لوثائق ومواد المنهج كافة بما في ذلك المقررات والكتب المدرسية ومواد التعلم الاخرى .
إن الإطار العام للمناهج يقوم في مكنونه وأُطره على الإيمان بالله بالإضافة إلى القيم الإنسانية المتمثلة في احترام الكرامة الإنسانية للجميع والأسرة كأساس للمجتمع,وتحمي الدولة الهوية والوحدة الوطنية وقيمها المعنوية والدينية التي تُعَد أساساً للعمليات الاجتماعية
والتعليمية والعلمية ويضمن في أفكاره وتوجيهاته وحدة العراق واستقلاله واحترام حقوق الانسان والحريات الأساسية والتعليم المجاني للمواطنين كافة من خلال الأهداف التي اعتمدتها الفلسفة التربوية للوزارة والتي تعد إحدى الركائز التي يقوم عليها الإطار العام للمناهج .
لقد اعتمد الإطار العام للمناهج في بيان أهدافه وطموحاته على الأُسس العلمية محاولاً وباصرار تجاوز العقبات التي عطلت عملية التعليم من ضعف عملية إعداد المعلمين وعدم تدريبهم . واستخدام طرائق التقويم ذات الطراز القديم وأدواته وانعدام وجود قاعدة بيانات لواضعي المنهج ومؤلفي الكتب المدرسية المحترفين وكذلك وجودبنية تحتية تعليمية ومرافق مدرسية غير مواتية لتنفيذ المنهج للجودة وعدم وجود رقابة ملائمة على الجودة
ولا يقتصر ذلك على مجال التعليم العام وإنما يأخذ بنظر الدقة التعليم والتدريب المهني وتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة
إن الإطار يهدف الى رسم سياسة تربوية تشمل العراق كله لتكون الصورة العلمية للكتاب المدرسي ماثلة في مدارس الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان لأن العراق واحد مهما تعددت ميادينه
ولما كان طموح الإطار في أن يكون التعليم فعالاً ومفتوحاً فلقد كان اعتماده واستعانته بمركز العون جلياً ومعترفاً بفضل الإعانة حيث كان لجهود معالي وزير التربية الدكتور محمد علي تميم كبير الأثر الفاعل في ترسيخ أركان هذا الإطار من
خلال تفاعله وتوجيهاته السديدة كما كان لمنظمة اليونسكو فضل نبيل على وقوفها لإنجاح هذا المشروع الذي سيكون له كبير الاثر الناجح والناجع في العملية التربوية في وطننا العزيز العراق
اللجنة التوجيهية والفنية للاطار العام للمناهج
المديرية العامة للمناهج /وزارة التربية